زرت طهران مرة واحدة في حياتي.. كان ذلك منذ حوالي عشر سنوات بمناسبة تأسيس أول اتحاد برلماني إسلامي، وكان يمثل وفد مصر في ذلك الوقت المستشار عبدالرحيم نافع والدكتور محمد عبداللاه والدكتور أحمد عمر هاشم، ومع الزميل العزيز الكاتب الصحفي أحمد السيوفي. بهرتني طيبة الشعب الإيراني وحبهم الكبير لمصر وحضارتها العريقة وحدثني الكثير منهم ممن ينطقون العربية عن أمنياتهم الجارفة في زيارة القاهرة التي شاهدوا معالمها وربوعها الخلابة علي شاشات التليفزيون، وقرأوا عنها في الكتب والمجلات المصورة، وتمنوا أيضا زوال تلك السحابة الملبدة بالغيوم في سماء البلدين بسبب اختلاف وجهات النظر السياسية بين القاهرةوطهران. أنا شخصيا أرحب بأي تقارب مصري إيراني فذلك لمصلحة الصف الإسلامي ضد الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، وعلي ضوء ذلك فقد سعدت بزيارة السيد مجتبي أماني القائم بالأعمال الإيرانية بالقاهرة لفضيلة مفتي الجمهورية الدكتور علي جمعة منذ حوالي أسبوعين، وما أسفرت عنها الزيارة بإعلان المفتي أن مفهوم التقريب بين السنة والشيعة لا يعني أن يتنازل أحد عن اعتقاداته، أو فتح الباب لنشر مذاهب الآخرين في غير البلاد الموجودة بها أصلا، الأمر الذي يثير الفتن والقلاقل، ويخل بالنظام العام، وأنه من الضروري وضع قضية الوحدة الإسلامية موضع الأولوية القصوي والضرورة الملحة في الخطط القومية باعتبارها واجبا دينيا، وضرورة التمييز أيضا بين بعض السلوكيات الطائفية أو التوسعية التي تنتهجها بعض الحكومات والأفراد والجماعات والأفكار التي تتمسك بها بعض الاتجاهات المتشددة من جهة، وبين المراجعات العلمية الحكيمة والسلوكيات الرشيدة التي يرجع إليها عقلاء المذاهب ومنظروها من جهة أخري. وأقول مرة ثانية أهلا ومرحبا بأي تقارب مصري إيراني، ونحترم رغبات الإخوة الإيرانيين في شكل نظام الحكم الذي يريدونه ويرتضونه لبلادهم، فهذا حقهم الأصيل، بشرط واحد ألا يتدخلوا في شئون غيرهم لأن من أبرز سمات السياسة المصرية الحالية عدم التدخل في شئون الآخرين!