حقا إنه بعد رحيل المطرب محمد العزبي يحق القول إنه انفرطت آخر حبات عقد الفن الشعبي الأصيل.. ولو أبحرنا ورصدنا كل من انتسبوا للغناء الشعبي وحملوا عضوية نقابة المهن الموسيقية سواء كانت علي حق أو العكس وتركنا للمستمع التمييز بين الجيد وغير الجيد فلن يحتاج لمجهود لأن نوعية الكلمات التي يغنيها المطرب سوف توضح وتحدد من ينتمي للمطربين الشعبيين الأصلاء ومن يقحم نفسه، ولو توقفنا وتذكرنا كلمات أغنيات محمد العزبي بهية وعيون بهية والاقصر بلدنا، وازي الصحة، وحتشبسوت وأغنيات الراحلين محمد رشدي كعب الغزال وتحت الشجر يا وهيبة، وشفيق جلال وموال الصبر، وشيخ البلد وغيرها من الأغاني التي تعيد المستمعين إلي زمن الماضي الجميل، سأجد نفسي متفقا مع من يؤكدون أن الأغنية الشعبية أصبحت دون المستوي نتيجة للخلط بين المطرب الشعبي الأصيل وبعض الدخلاء الذين طبعوا كروت الدعاية علي أغلفة الألبومات التي أغرقت السوق وخرجت بالأغنية الشعبية عن مسارها لدرجة تسميتها بالأغنية الهابطة أو العشوائية وأخيرا أطلقوا عليها أغاني الميكروباص بعد أن وصلت إلي طور الإسفاف والتكلف والإيحاء الجنسي فمثلا التي تقول بوس الواوه، وأوم أقف وانت بتكلمني وأغاني أفلام عبده موتة وغيرها، ولذا أجد نفسي بعد أن أصبحت الكلمة واللحن والغناء مدرسة استهلاكية.. أقول إن الساحة فقدت الكثير برحيل محمد العزبي مطرب فرقة رضا الذي أمتع بفنه الجميع في المهرجانات العربية والعالمية في قاعة ألبرت هول بلندن ومسرح الأوليمبياد بباريس بخلاف مشاركته ممثلا ومغنيا في أفلام كثيرة منها إجازة نصف السنة وغرام في الكرنك، وحديث المدينة، وتفاحة آدم وإبداعه في تتر وأغاني مسلسل الدم والنار إخراج سمير سيف.. ورغم حصد العزبي للعديد من الجوائز والتكريمات في مصر والعالم العربي إلا أنه اعتزل الفن أواخر 0102 لأنه لا يستطيع تقديم نوعية الأغاني الهابطة المبتذلة، ونظرا لأننا لم نستفد من العملاق محمد العزبي حتي في لجان تحكيم اختيار المواهب في البرامج التي نراها علي شاشات الفضائيات التي تضم غير المتخصصين، يجب القول إننا فاشلون في معاملة المبدعين وأصحاب المواهب.. في وقت نحن بحاجة فيه للكلمة الصادقة والصوت الجميل، وأن نسلط الضوء علي الإبداع الحقيقي وعلي كل ماهو هادف.. رحم الله فنانينا الذين رحلوا مؤخرا ومنهم وحيد سيف ونبيل الهجرسي ويوسف داود والمخرج منير التوني وإسماعيل عبدالحافظ.. ووداعا محمد العزبي فارس الأغنية الشعبية والموال.