نعم.. وكأن الواحد منا يودع ذهاب أجزاء غالية من حياته.. تتمزق الأجزاء فتختفي من الحياة في ذهابها إلي خالقها وبارئها سبحانه وتعالي.. وهي تتصل بصميم العمل الصحفي لأكثر من خمسة وخمسين سنة.. سألني اصدقائي وما علاقتك بالرجل الذي أتم مائة عام من عمره الذي أفناه في خدمة مصر! في يوم من أيام قلت في بدايات الستينيات لا أذكر علي التحديد وكنت مسئولا عن مجتمع آخر ساعة.. طلبني رجل الأعمال المصري كمال فهمي حنا وقال: طارق أنا عازمك بكره علي الغداء في بيت في المنصورة ستلتقي بجمع من رجال الأعمال.. وذهبت ومعي المصور جمال يوسف رحمة الله عليه حيث وجدنا مجموعة من رجال الأعمال والصناعة في مصر منهم أمين فخري عبدالنور وعبدالجليل العمري وآخرين من مجموعة رائعة من رجال الأعمال وبأسلوب صحفي رحت أجمع مايقومون به علي أرض مصر ووضعت عنوانا: »004 مليون جنيه علي مائدة كمال فهمي حنا«.. وما أن خرجت آخر ساعة مساء الثلاثاء التالي حتي أمر عبدالناصر بتأميمهم جميعا.. وهنا وفي صباح اليوم التالي طلبني كمال فهمي حنا وقال: طارق أنا لا أعيب عليك ولكن إذا كانت هناك فرصة لإسناد عمل إليّ سأكون شاكرا لأن جلوسي في البيت معناه مماتي! ولا أعرف كيف استطعت أن أوصل رسالته فأمر عبدالناصر بتعيينه عضوا منتدبا لمصنعه هو أول مصنع للخشب الحبيبي في مصر، وإذا به يشكرني علي ماقمت به كما داوم أمين فخري عبدالنور تحيتي عندما يلقاني في أي حفل.. كانوا عظماء فعلا. أما منصور حسن فقد إلتقيت به لأول مرة في منزل الوزير المفوض الأمريكي للثقافة والإعلام المواجه لمستشفي الدكتور الكاتب في حي الدقي وكان عائدا لتوه من الولاياتالمتحدةالأمريكية ولفرط إعجابي به فقد استأذنته في أن أقيم حفلا علي شرفه في بيتي بالمهندسين جمعت فيه كل من أعرف من رؤساء التحرير ورئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون في ذلك الوقت أمين بسيوني وآخرين وأتصور أنه منذ ذلك اليوم أو الليلة كانت إنطلاقة منصور حسن إلي عالم مجتمع الإعلام في مصر.. وقد أثبت منصور حسن علي إمتداد سنوات طويلة وحتي رحيله أنه كان فعلا جديرا بكل التقدير الذي حملته له علي امتداد سنوات طويلة والاسلوب الذي لقيه به الاعلام في مصر علي امتداد سنوات تلت ذلك.. أما السيدة خيرية خيري زوجة استاذي وأبي الروحي علي أمين والديناموا الذي كان يصول ويجول في أخبار اليوم علي امتداد سنوات لاتأل جهدا ولا تدخر وسعا في تنشيط الحركة داخل أروقة الجريدة العريقة علي امتداد سنوات صاحبة الأفكار الكثيرة والموضوعات الخلاقة في كل المجالات والتي لايعرف الكثير من صحفيي اليوم عنها الكثير فهذه قضية أخري وصورة فريدة من صور العمل الصحفي وصور الوفاء أيضا للراحل الكريم علي أمين عملاق الصحافة الحديثة فسوف يتسع المجال للحديث عنها في الاسبوع القادم بإذن الله!