محافظ بني سويف يُحيل الإدارة والإشراف على مدرستي دشطوط بنين "إعدادي وثانوي" للتحقيق    "التعليم" تطالب المديريات بإرسال قاعدة بيانات المتعاقدين بالحصة    وزيرة التضامن الاجتماعي تترأس اجتماع مجموعة تنفيذ مقترحات زيادة فصول الحضانات    أوبك تخفض توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري    وزير الكهرباء يتابع مشروعات دعم الشبكة القومية وإضافة قدرات من الطاقات المتجددة    محافظ البحيرة تعتمد المخططات الإستراتيجية ل8 قرى بحوش عيسى ووادي النطرون وكفر الدوار    وفد إسباني يزور مركز البحوث الزراعية لبحث سبل التعاون ضمن مشروع "البريما"    إزالة 10 حالات تعد على مساحة 14 قيراطا بأراض زراعية بالشرقية    ماذا فعل محافظ الدقهلية مع مخبز يتلاعب في وزن الرغيف بالمنصورة؟    وزير خارجية السعودية: اتفقنا مع أمريكا على وقف الحرب في غزة    مسئول أمريكي سابق يصف الاتفاق مع الصين بالهش: مهدد بالانهيار في أي لحظة    الاتحاد الأوروبي يخصص 8 ملايين يورو لدعم جهود الاستقرار والسلام والأمن في لبنان    الاحتلال يعاود قصف محيط المستشفى الأوروبي في غزة للتأكد من اغتيال شقيق يحيى السنوار    الاتحاد يواجه الرائد لحسم التتويج بلقب الدوري السعودي    إصابة قوية تضرب ريال مدريد قبل مواجهة مايوركا    أول تعليق من والد رامي ربيعة على أنباء رحيله عن الأهلي    حسام البدرى ل"اليوم السابع": نتوجه إلى مصراته وفي طريقنا للعودة إلى مصر    مصرع وإصابة 11 شخصا إثر انقلاب ميكروباص على طريق القاهرة - أسيوط الغربي    حريق محدود في نفايات مصنع الهدرجة بسوهاج دون خسائر والحماية المدنية تخمد النيران    الإدارية العليا تؤيد قرار «التعليم» بتدريس العربي والدين والتاريخ بالمدارس الأجنبية    المشدد 5 سنوات وغرامة 50 ألف جنيها لغنام لإتجاره فى الحشيش وحيازة مطواة بطوخ    تأجيل محاكمة عامل خردة تعدى على ابنته على مدار 3 سنوات بطوخ ليوليو المقبل    نجوى كرم: «زين الزين» تحصد الملايين وأغنيات باقي الألبوم قبل الصيف    فتح باب الاشتراك في الدورة الثالثة لمهرجان الغردقة لسينما الشباب    «فتحي عبد الوهاب» يكشف عن شخصيته الحقيقية في البيت    احذر توقيع العقود.. اعرف حظ برج العقرب في النصف الثاني من مايو 2025    استعدادًا لموسم الحج.. رفع كسوة الكعبة "صور"    بعد شائعة وفاته.. جورج وسوف يتصدر تريند جوجل    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    توقيع بروتوكول بين المجلس «الصحي المصري» و«أخلاقيات البحوث الإكلينيكية»    التأمين الصحي الشامل: مستمرون في التوسع بالتعاقد مع المستشفيات الجامعية والخاصة    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    الرئيس الأمريكى يغادر السعودية متوجها إلى قطر ثانى محطات جولته الخليجية    للمرة الثالثة.. محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي بجديلة    سيناريوهات تنتظر الفنان محمد غنيم بعد القبض عليه فى واقعة تهديد طليقته    السجن المشدد 10 و15 سنة لشقيقين قتلا جارهما بالشرقية    القوات المسلحة تشارك بجناح مميز في معرض ومؤتمر Waterex Expo 2025 بمركز مصر للمعارض الدولية    "معرفوش ومليش علاقة بيه".. رد رسمي على اتهام رمضان صبحي بانتحال شخصيته    مدرب سلة الزمالك: سعداء بالفوز على الأهلي وسنقاتل للتأهل لنهائي دوري السوبر    "حزين على الزمالك".. لاعب الأهلي السابق يتحدث عن هزيمة الزمالك من بيراميدز    فى نواصيها الخير    رئيس الوزراء: الاقتصاد العالمي يدخل حقبة جديدة لا تزال ملامحها غير واضحة حتى الآن    «ماسك» يشكر السعودية لدعم ستارلينك في الطيران    الثقافة تختتم الأسبوع ال38 لأطفال المحافظات الحدودية بمشروع أهل مصر على مسرح السامر    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    الري: تحقيق مفهوم "الترابط بين المياه والغذاء والطاقة والبيئة" أحد أبرز مستهدفات الجيل الثاني لمنظومة الري 2.0    بالصور.. جبران يناقش البرنامج القطري للعمل اللائق مع فريق "العمل الدولية"    مصر تدعو المواطنين المتواجدين فى ليبيا بتوخى أقصى درجات الحيطة    هيئة الرعاية الصحية بالإسماعيلية تنظم عدة فعاليات بالتزامن مع اليوم العالمى لغسل الأيدى    «الصحة العالمية» توصي بتدابير للوقاية من متلازمة الشرق الأوسط التنفسية    وزير الخارجية: الدفاع عن المصالح المصرية في مقدمة أولويات العمل الدبلوماسي بالخارج    فرار سجناء وفوضى أمنية.. ماذا حدث في اشتباكات طرابلس؟    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    بيان عاجل خلال دقائق.. معهد الفلك يكشف تفاصيل زلزال القاهرة    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا حسيني يا ولد.. دمك بيحرر بلد
نشر في آخر ساعة يوم 11 - 12 - 2012

الحسينى أبو ضيف الرصاصة لم تكسر إرادته، فقط كسرت جمجمته، صحيح أن "مخه" ينزف لكن قلبه بقي علي حاله.. صورة طبق الأصل من ميدان التحرير؛ يتسع لوطن بأكمله. في مستشفي الزهراء الجامعي يرقد زميلنا الحسيني أبو ضيف، هناك من يزوره وينتحب علي فتي – ما أبهي طلته– طالته يد الغدر، وهناك من يذهب إليه ليستمد منه القوة التي مازال قادرا علي أن يمنحها.
يزدحم الممر أمام غرفة العناية المركزة بزملاء ونشطاء سياسيين يرفعون أكفهم للسماء بينما دموعهم تتساقط علي الأرض، علي وجوههم علامات عدم التصديق وفي أفئدتهم إيمان لا يكذب وعلي ألسنتهم أسئلة حيري حول مصير مجهول ينتظر الولد والبلد!
يوم الجمعة الماضية نظم الصحفيون له مسيرة انطلقت من النقابة إلي ميدان التحرير أطلقوا عليها " كلنا الحسيني أبو ضيف" وهتفوا فيها له ولمصر بحناجر مذبوحة بالألم. لم يكن الحسيني هذه المرة بينهم (وهو الذي لم يتغيب أبدا عن مسيرة) يرفع شعاراته المطالبة بالحرية كعادته ذلك لأنه كان الشعار وكان كل من في المسيرة هو الحسيني.
"أبو ضيف يا ولد.. دمك بيحرر بلد" هتف بها زملاؤه وهم يرفعون صورته التي يشير فيها بعلامة النصر وانطلقوا إلي ميدان التحرير – رمز الثورة - يطالبون بالقصاص لشاب لم يتخط ال 27عاما، أرجأ التخطيط لحياته بعد أن تحصل بلاده علي نصيبها من الحرية، كانت وجوه الصحفيين في المسيرة تسبح في دموع لم تستطع الشمس المصوبة عليهم تجفيفها.
من يعرف أبو ضيف سيقول لك ببساطة إنه "ابن موت"، يذهب إلي قدره ولا ينتظر أن يأتي إليه، يتعامل مع مصر علي أنها "عرضه" فما بالك والحسيني صعيدي وما هي الطريقة التي سيتصرف بها إذا فكر أحدهم (مجرد تفكير) أن يقترب من عرضه؟!
في محافظة سوهاج حمل أبو ضيف حقيبته وأتي إلي القاهرة ليقول كلمة حق في وقت لاذ فيه الكثيرون بالصمت، دافع الحسيني عن حقوق شهداء بني سويف، رأيته وهو يصطحب أرامل الشهداء في معرض الكتاب قبل ثلاث سنوات ليعرض مطالبهم علي الحضور، بينما وزير الثقافة – الأسبق– فاروق حسني يتحدث بعنجهية عن فنانين قال إنهم يتحملون خطأ موتهم، وأنه لو كان هناك لهشهم بالعصا، ووقف الشاب الجسور ينطق الصدق داخل قاعة صفقت لأكاذيب الوزير!
لم يكن الحسيني ينظر في عيون من يصافحه، دائما ما يصوب بصره إلي نقطة بعيده يراها وحده، يؤجل ابتسامة كان من المفترض أن تزهر علي شفتيه، ويصمت كأنه أصيب لتوه بالخرس، وعندما يبدأ في الكلام لا يحميك منه إلا الإنصات لما يقول.
إذا وجدته في النقابة يشاور لك فاعلم مسبقا أنه سيدعوك لوقفة احتجاجية، أو تظاهرة سلمية، أو مسيرة.. الخ.. ولن يتركك قبل أن يأخذ منك وعدا بأنك ستأتي في الوقت المحدد.
عارض مبارك قبل أن يكون هناك أمل في الثورة علي نظامه الفاسد، شكّل مع القليلين أمثاله هذا الأمل حتي إذا أشرقت ثورة يناير وهب قلمه وكاميرته لكشف الحقيقة، وواصل كفاحه أمام العسكر ولم يستطع استكمال مشواره بعد أن أصابته الرصاصة أمام قصر الاتحادية وهو يسجل ما يحدث أمامه فوقع علي الأرض كأي نخلة صعيدية يتمدد جزعها ويبقي جذرها ضاربا في الأعماق.
الصحفيون نوعان فيهم من يتباهي بمهنته ومنهم كالحسيني تتباهي به المهنة ويكون مثالا علي ما يجب أن يقدمه كل من أراد العمل في بلاط صاحبة الجلالة، لم يكن أبو ضيف من هواة الجلوس علي المكاتب، هو لا ينتمي إلي أولئك المغرمين برابطات العنق واحتساء القهوة علي مهل وعمل التحقيقات الصحفية عبر الهاتف، لم يكن مفلسا حتي يتملق رئيسه في العمل ويسعي لتكوين صداقات تضمن له مكانة أعلي وراتبا إضافيا يمكنه من ارتياد المقاهي الفاخرة.
كان ملتصقا بالشارع، أينما يكون الحق كان، وكلما اختبأ الخبر في حلق النار ذهب إليه وأتي به، قلبه دليله، يقوده إلي قدره فلا يستطيع رده. كتب في آخر تويته له - ونتمني ألا تكون الأخيرة - "إذا استشهدت لا أطلب منكم سوي استكمال الثورة.. نقطة".. ونحن أيضا نطلب من الله (وهو القادر) أن تستكملها معنا.
في تقريرها المبدئي عن الحالة وصفت الدكتورة مريم كساب (طبيبة المخ والأعصاب) طلقة الخرطوش التي أصيب بها الحسيني ب "المقصودة"، وقالت إنها انتشرت في الفص الأيمن من المخ، ويعتقد أنه مضروب من مسافة قريبة مع تهتك ونزيف شديدين في المخ، وكسر بقاع الجمجمة، وفي الفقرة العنقية الأولي. كما تحدث التقرير عن وجود "هواء" في المخ، وغيبوبة عميقة فضلا عن تشنجات وهو ما جعل الحسيني يوضع علي جهاز تنفس صناعي.
والسؤال: من الذي أزاح المستقبل عن شاب لم يسع طيلة حياته إلا في صناعة مستقبل الوطن.. من صاحب المصلحة في منع الحقيقة من الظهور واغتيالها بيده – تبت يده – التي تتستر علي الجرائم؟!
نقطة ومن أول السطر: مهد الزميل العزيز لنشاطه السياسي في كلية الحقوق عام 2007حين رفع دعوي قضائية ضد إدارة الجامعة ورئيسها بصفته، بهدف استرداد مصروفات دراسية دفعها خلال ثلاث سنوات في الكلية والزام الجامعة بتحصيل 14جنيها فقط من كل طالب وفقا للقانون، وهو ما جعل إدارة الجامعة تقوم بفصله مما دفع زملاءه إلي تدشين حركة طلابية باسم "حقي" انضم إليها العديد من الطلاب في جامعات مصر المختلفة تطالب بدفع المصروفات المحددة في القانون.. وهو الآن يرقد جريحا لا حول لله ولا قوة فإذا استطاع الحق أن يكون فوق القوة سنعرف القاتل ونقتص منه وإذا لم يكن فأهلا بالشهادة في سبيل الحق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.