سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عندي كلام يحدث في القرن الحادي والعشرين:
التبرك بطعم التسمم والعلاج ببول الإبل!!
لم يثبت عن الرسول (ص) ولا الصحابة أن تجرعوه !
لماذا لا تفتح وزارة الصحة معاملها لتحليله؟
أخي وصديقي العزيز الكاتب الصحفي القدير عصام حشيش (مدير تحرير الأخبار) شخصية أحبها لتدينه، ودماثة خلقه، لكنني اختلفت معه طويلا علي محطات مشوار صداقتنا الطويل في عدد من القضايا الحياتية وموقف الإسلام منها، وأري فكره من خلالها قد لا يواكب متطلبات العصر، ورغم ذلك كله لاأملك إلا أن أقلده وسام الاحترام.. أتذكر مرة أن ذهبنا سويا إلي منزل صديقنا الحبيب الصحفي الكبير محمد حسن البنا (رئيس تحرير الأخبار) لتقديم واجب العزاء إليه كان ذلك من حوالي خمس سنوات، وفي سياق حديث عام (ونحن نتناول القهوة) جذب اهتماماته المهنية »كمحرر اقتصادي« تطرقنا إلي البنوك الإسلامية، فهاجمتها أمامه ساردا تجربة شخصية معها عندما هاجمتها في حملة صحفية منتصف الثمانينيات أثبت فيها بالأدلة أنها تستغل الوازع الديني عند المودعين لجذب مدخراتهم وتشغيلها في بنوك تجارية، وأقام أحد هذه البنوك دعوي ضدي انتهت »بالتصالح« وتنازلوا عنها لضعف إثبات حجتهم، وترافع عني وقتها محامي المؤسسة فريد الديب، في حين مثلهم خمسة محامين، ورغم كل ذلك لم يقتنع الشيخ عصام حشيش بكلامي، وانفعل في الدفاع عن البنوك الإسلامية بينما سارع محمد حسن البنا ليهدئ من روعه! قضايا مختلفة تكون محور مناقشات دورية بيننا، وله باستمرار رأي مخالف لرأيي، لكنني ألاحظ أن أدلته دائما »نقلية« متشددة، وقد تكون صحيحة، لكنني أراها منفصلة عن علوم الحياة وواقعها وظروفها، وتنتمي إلي الفقه القديم بأحكامه الأولي في الكتاب والسنة وتحتمل أوجها متعددة في معانيها وأهدافها وقت حدوثها، لكنها تحتاج إلي إعادة بحث.. و»غربلة« في عصرنا لتناسب زماننا، مع احترامي لاتجاهات أي فكر آخر قد ينتمي للسلفية أو حتي لجماعة »الناجون من النار«!! وفي الأسبوع الماضي تلقيت مكالمة من صديقي الشيخ عصام حشيش، وتطرق فيها لنقد ما كتبته في »عمود صحفي« عن أكذوبة العلاج ببول الإبل، واختلف معي طويلا مدعيا أن هذا العلاج مذكور في أحاديث نبوية شريفة، وبالتالي يجب الأخذ به. رددت علي صديقي العزيز بأنني أحتكم في هذه الحالة إلي العلم، واقترحت عليه أن نذهب سويا لشراء »عينة« من بول الإبل (الذي يقبل علي شرائه المرضي الغلابة من محدودي الفكر للأسف الشديد)، ونتجه إلي أقرب معمل تحليل »علي حسابي الخاص« ونحترم نتائجه أيا كانت، وننشرها صحفيا.. هو في »الأخبار«.. وأنا في »آخر ساعة«، سواء جاءت نتيجة التحليل »بالميكروبات والفيروسات والسموم«.. أو »بالفيتامينات والعناصر المعدنية المفيدة«.. لكن مولانا بعد تفكير لم يدم أكثر من دقيقة واحدة رفض فكرتي بشدة.. وحتي أكون دقيقا وأضع النقاط فوق الحروف بالنسبة لهذه القضية التي تمس حياة وأرواح الناس، لجأت لأهل الذكر من الأطباء وعلماء الإسلام: والدكتور هشام الخياط (أستاذ أمراض الكبد المعروف) كشف أن العلاج ببول الإبل ردة إلي الخلف وعدم الاعتراف بتقدم العلم، ويضر بالصحة لوجود مادة سامة عالية التركيز.. ❊ فضيلة الداعية الإسلامي الشيخ منصور الرفاعي عبيد: قصة شرب بول الإبل مرتبطة بجماعة من اللصوص نزلوا المدينة وسرقوا إبل الصدقة، فأمسك بهم المسلمون وأصيبوا بمغص وخوف ورعب، فتقدم اللصوص بشكوي إلي رسول الله (ص)، فأراد أن يذلهم، فقال لهم اشربوا بول الإبل، وكان ذلك تحقيرا لهم علي محاولة سرقة الإبل، وهي قصة وقعت في مناخ اجتماعي وبيئي وصحي خاص، وليست من باب التوجيه النبوي للمسلمين أو لغيرهم، لأنه من المعلوم أن ذلك البول يحمل كميات من الجراثيم قد تكون سببا في تسمم من يشربه ويصيبه بالأمراض، الأمر الذي يجعلنا نحتكم إلي القرآن الكريم في مثل هذه الأمور: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، وأهل الذكر هنا الأطباء.. ❊ الداعية الإسلامي الدكتور أحمد كريمة (أستاذ الشريعة والفقه المقارن): لم يثبت عن رسول الله (ص) ولا أزواجه ولا أولاده ولا حتي الصحابة أن شربوا أو تداووا ببول الإبل، ولا يجب مطلقا أن يأخذ البعض حكما شرعيا بالتبرك بشربه.. ❊❊❊ وبعد كلام الطب وعلماء الإسلام لا أجد ما أقوله سوي أنه يجب التفرقة بين السنة التعبدية المتعلقة بالعقيدة والعبادات ولابد أن نلتزم ونتمسك بها ولا نخرج عنها، كالصلاة »مثلا«: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وكما في الحج: (خذوا عني مناسككم)، أما الأمور الحياتية التي تتعلق بالدنيا فلنا فيها »الاختيار«، حتي لو كان لرسول الله (ص) قول فيها، كالأكل باليد اليمني.. هل لو أكلت باليسري قد خرجت عن السنة؟!.. ونفس الحكم ينسحب علي الملابس: هل لو ارتديت الأوروبية منها وتركت »الجلباب القصير« فيه شيء، بل والمظهر أيضا، فالثابت عن الرسول (ص) أن شعره كان طويلا، ومعظمنا يقصر شعره كل أسبوعين.. ماذا في هذا؟.. الرسول (ص) كان ينام علي الجانب الأيمن، هل أخالف السنة إذا نمت علي الجنب الشمال؟! لقد تعودت تلك المناقشات الساخنة مع صديقي العزيز الشيخ عصام حشيش في جلسات السمر »ببيته بالمقطم« وسط أجواء الكرم الحافلة بأطايب الطعام علي مائدته الشهية لكنني أخشي هذه المرة أن أكرر الزيارة مخافة أن يستبدل مشاريب الضيافة المعتادة بعد العشاء بأكواب من بول الإبل الطازج غالية الثمن فأتعود عليها وأصبح من »المترفين«.. الشاي والقهوة والنعناع واليانسون أرخص يامولانا..!!!