انسحاب جماعي من الجمعية التأسيسية.. اعلان دستوري جديد.. إقالة النائب العام .. اضراب القضاة واعتصام بميدان التحرير وتطور الاشتباكات بمحمد محمود .. تطورات سريعة ومتلاحقة للأحداث في الشارع السياسي المصري ويبقي المتهم عدم وجود دستور للبلاد بسبب عدم التوافق بين أعضاء الجمعية التأسيسية خاصة والقوي السياسية بوجه عام . فبعد الانسحاب الجماعي لرافضي تحكم فصيل واحد في أعمال التأسيسية بعد شهور طويلة صعبة استغرقتها جلسات عامة ولجان فرعية ولجان استماع أصبح مشروع الدستور في مهب الريح وأصبحت هناك حالة من العبث السياسي تسيطر علي القائمين علي أمور مصر بسبب عدم وجود ما يحكم التعامل بين الحاكم وسلطات الدولة وهو الدستور. ويبقي الخيار الأخير والذي يعد الأسهل والأسرع للخروج من المأزق وهو استدعاء دستور عام 1971 وهو الدستور الذي حكم به السادات ومبارك مصر هذا الخيار الذي نادي به عدد من الفقهاء الدستوريين وأساتذة القانون وعدد كبير من الشخصيات العامة حتي قبل تشكيل الجمعية التأسيسية الأولي والثانية. وفكرة العودة لدستور 1971 ليست وليدة هذه الأيام فهي فكرة خرجت من قبل حزب الحرية والعدالة منذ أشهر عديدة عندما قال أحمد أبو بركة، المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة، إن دستور 1971 دستور إسلامي، ماعدا النصوص الخاصة بمبادئ الحكم لانه جعل الشريعة الإسلامية المبدأ الاساسي للتشريع، مشيرا إلي أن دستور 71 بكل ما فيه من تشوه في الباب الخامس لو أجري انتخابات بشكل سليم ما كان لمبارك أن يستبد. دستور 1971 والذي جري تعطيل العمل به عقب سقوط النظام السابق من جانب المجلس الأعلي للقوات المسلحة. العودة إليه مشروطة بتنقيته من التعديلات التي أجريت علي بعض مواده سواء في أواخر عهد الرئيس أنور السادات عام 1980 والخاصة بفتح مدد الرئاسة دون حد أقصي بعد أن كانت مدتين فقط، أو التعديلات التي أجراها النظام السابق والتي استهدفت التمكين للتوريث، والتي كانت أحد أهم أسباب قيام ثورة 25 يناير والعودة إلي دستور 71 هي الحل العاجل للخروج من مأزق تعثر إقرار الدستور الجديد، بل إنها أيضا الحل العاجل للخروج من أجواء التخبط في القرارات التي تخيم علي المشهد السياسي الآن. الجدير بالذكر أن دستور 1971 في مصر هو أول دستور دائم بعد ثورة 1952. تم إقراره في عهد الرئيس محمد أنور السادات بعد استفتاء شعبي في 11 سبتمبر 1971 إلي أن تم تعطيله من قبل المجلس الأعلي للقوات المسلحة. بعد وفاة الرئيس جمال عبد عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970 تولي السلطة مؤقتاً نائبه محمد أنور السادات إلي أن تم ترشيحه بواسطة مجلس الأمة لرئاسة الجمهورية وقد تمت الموافقة علي رئاسته للجمهورية في الاستفتاء الشعبي الذي أجري في منتصف أكتوبر 1970. وفي 20 مايو 1971 طلب الرئيس السادات من مجلس الشعب وضع مشروع دستور جديد فقرر المجلس بجلسته المنعقدة في نفس اليوم تشكيل لجنة تحضيرية من خمسين عضوا من أعضائه ومن أهل الرأي والخبرة ورجال الدين. وفي جلسته المنعقدة في 25 مايو 1971تقدم لعضوية اللجنة التحضيرية ثمانون من أعضاء المجلس، فقرر المجلس أن يرفع عدد الأعضاء من 50 إلي 80 عضوا واعتبر جميع المتقدمين أعضاء في اللجنة. وقسمت اللجنة التحضرية إلي لجان أربع وهي: اللجنة الأولي: واختصت بدراسة المقومات الأساسية للمجتمع والحريات والأخلاق واللجنة الثانية: واختصت بدراسة نظام الإدارة والحكم واللجنة الثالثة : واختصت بدراسة نظام الإدارة المحلية والقوانين الأساسية.واللجنة الرابعة : واختصت بتلقي مقترحات الجماهير وتلخيصها وتوزيعها في اللجان السابقة تبعا لاختصاصها. وقد استمر العمل بهذا الدستور حوالي أربعين عاماً منذ إقراره في سبتمبر 1971 وحتي تم تعطيله بعد ثورة يناير . ومر هذا الدستور بثلاثة تعديلات في أعوام 1980 و 2005 و2007 وكانت أولي التعديلات في 22 مايو 1980: التي سمح من خلالها بتجديد مدة الرئاسة لأكثر من مدة تالية والتعديل الدستوري المنشئ لمجلس الشوري والتعديل الذي جعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع. وبالنسبة للتعديلات التي جرت في 25 مايو 2005 تعديل خاص بتحويل نظام شغل منصب الرئاسة من الاستفتاء إلي الانتخاب وشروط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية. أما تعديلات مارس 2007 وكانت الأوسع في تاريخ التعديلات الدستورية التي طرأت علي دستور 1971 حيث تم تعديل 34 ماده وكانت التعديلات خاصة بشكل النظام الاقتصادي للدولة وتخفيف شروط الترشح للرئاسة.. وتعديلات خاصة بأفكار المواطنة وحقوق المواطن. وكان الدكتور صبري السنوسي استاذ القانون الدستوري ومدير مركز البحوث والاستشارات القانونية بجامعة القاهرة قد اعترض علي وضع دستور جديد لمصر لأن وضع دستور جديد يحتاج إلي وقت طويل وهذا ما يحدث الآن خاصة أن الاختلاف واضح بين الاتجاهات والأحزاب السياسية. ويؤكد أنه كان خطأ كبيرا تعطيل العمل بالدستور المصري السابق الصادر في عام 1971 لأنه في رأيه كان ممتازا ويصلح ليحكمنا عقودا قادمة بتعديل بعض النصوص والأحكام فقط لتناسب العصر الذي نعيشه وهذا شيء طبيعي لاغبار عليه، لافتا إلي أن الشعب لم يقم بالثورة لإسقاط الدستور بل لإسقاط النظام الذي كان فاسدا ولم يِفعل مواد الدستور وشوه كثيرا منها بتعديلاته وذلك يتحقق بإدخال التعديلات اللازمة علي دستور 71 وليس صنع دستور جديد نختلف منذ البداية حول من يضعه . ويشير المهندس باسل عادل، عضو مجلس الشعب السابق أن تفعيل العمل بدستور 1971 بعد إجراء بعض التعديلات علي مواده والتي تختص بصلاحيات الرئيس والبرلمان هو الحل الأمثل للخروج من مرحلة السجال الحالي حول وضع دستور جديد وأوضح عادل أن هناك حالة من الاستقطاب تسود اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، لذا لا يمكن وسط تلك الظروف الخروج بدستور جديد. كما يري عادل أن الحل الأمثل للخروج من تلك المحنة العمل بدستور مؤقت لمدة 5 سنوات تشكل خلالها لجان علي مستوي المسئولية ويتم صياغة دستور جديد. وكان النائب السابق أبوالعز الحريري، قد دعا التيارات الإسلامية والقوي السياسية الأخري للجلوس معا لإنهاء أزمة الدستور واقترح تعديل باب نظام الحكم في دستور 71 ليكون الحكم مختلطا بين الرئاسي والبرلماني مع الإبقاء علي الدستور الحالي كما هو لمدة 6 سنوات. واقترح الحريري، في مبادرته أن تجري في الفترة المقبلة انتخابات رئاسية وأخري للشعب والشوري والمحليات، ويعقب ذلك خلال أربع سنوات انتخابات رئاسية أخري علي أن يبدأ في نهاية السنوات الست عمل دستور جديد بعد استقرار الأمور وتبلور الرؤية لدي السياسيين مع زيادة الخبرات والنضج الشعبي وتنامي الثقافة الدستورية، لتكون الظروف ملائمة آنذاك لعمل الدستور.