حكاية ابن » الحلمية « الذي وصل للعالمية ! والسفير الفنان يحتفل بالعزف علي العود ! أمسية مفعمة بأجواء الموسيقي الرومانسية الحالمة شهدها منزل السفير التركي بالقاهرة حسين عوني، وحضرها جمع غفير من رموز المجتمع المصري ومثقفيه، لتكريم الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو في حفل توقيع أحدث مؤلفاته: » الأتراك وعلاقتهم بالمصريين « بالإنجليزية، والصادر عن الجامعة الأمريكية بالقاهرة.. تلقيت في الأسبوع الماضي مكالمة هاتفية من السيدة سمر شراقة مديرة مكتب السفير التركي بالقاهرة حسين عوني بوطاصلي تخبرني بأن الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي قد اختارني ضمن خمس شخصيات مصرية طلب توجيه الدعوة إليهم عن طريق السفارة بالقاهرة لحضور هذا الحفل الذي سيحضره من »جدة« مقر المنظمة.. والحقيقة فإن صداقتي بالدكتور أكمل عمرها الآن يزيد علي ربع قرن من الزمان، فقد كنت أول صحفي مصري يجري معه حديثا صحفيا ويغطي أنشطة مركز البحوث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بمدينة »إسطانبول« وكان مديره العام، ودعاني مرات كثيرة لحضور مؤتمراته العديدة والهامة.. الدكتور أكمل هو مصري المولد والنشأة والتعليم، وإن كان تركياً للجنسية، فقد ولد بالقاهرة عام 3491، وتربي في حي »الحلمية الجديدة« وقد حكي لي عن ذكرياته الجميلة التي مازال يحن إليها، فهو مدين لمصر ولشعبها الكريم بأشياء كثيرة هي في الواقع جزء من حياته وشخصيته، بل جزء أساسي من تكوينه الثقافي والفكري، ومازال يري في مصر أنها موطنه الأول، والقاهرة هي حبه الكبير، ونشأ وترعرع في مناخها الثقافي، وبعد أن نال تعليمه بها، وتخرج في كلية العلوم جامعة عين شمس، ثم حصل علي الماجستير وعمل محاضرا للغة التركية بنفس الجامعة، كما عمل مصنفا للكتب بدار الكتب القومية بالقاهرة، ثم حصل علي الدكتوراه من جامعة » أنقرة « التركية، وهو متخصص في الفنون والتراث الإسلامي، ويتحدث العربية والإنجليزية بطلاقة، ويجيد الفرنسية والفارسية، ويؤمن بالدبلوماسية الهادئة لحل الكثير من المشاكل والقضايا، وهو لايكتسب ثقله علي الساحة الدولية لمجرد أنه يرأس منظمة المؤتمر الإسلامي التي تعد أكبر المنظمات بعد منظمة الأممالمتحدة من حيث الدول الأعضاء، ولكنه أول من وصل إلي هذا المنصب الدولي الرفيع بالانتخابات، حيث حصل علي إجماع الأصوات، ومن خلال الاقتراع السري، وتمت الموافقة عليه لكونه ليس وزيرا سابقا، بل أستاذ أكاديمي وله بصمات واضحة في كل مكان عمل فيه، وحقق فيه نجاحا ملحوظا، ومنذ أن اعتلي هذا المنصب الدولي الكبير منذ أكثر من 7 سنوات تصدي لتحديات متعددة واجتازها بنجاح، وسعي جاهدا إلي تعزيز العمل المشترك بين الدول الأعضاء، ودعم التسامح والاعتدال والحداثة، وإدخال إصلاحات كبري لتعزيز الحكم الرشيد، وحقوق الإنسان في العالم الإسلامي، ولاسيما فيما يتعلق بحقوق المرأة، والطفل، وقيم الأسرة المستوحاة من الشريعة الإسلامية، وكل ذلك يحسب له في ميزان إنجازاته الرائعة. وأعتقد أن الدكتور أكمل حقق ذلك واكتسب احترام كل الأوساط العربية والإسلامية لأكثر من سبب، فهو شخصيا يؤمن بالإصلاحات الديمقراطية، ويمتلك »كاريزما« خاصة فهو اجتماعي بطبعه، وصديق شخصي للكثير من الحكام والملوك والرؤساء ونال أرفع الأوسمة والنياشين من دولهم، والأهم من ذلك كله أنه إنسان بالغ التواضع، والأدب، والكرم، فأحبه الناس.. وبالتالي فبمجرد أن أعلن سفير تركيا في مصر السيد حسين عوني، وهو بالمناسبة سفير متميز تم اختياره بعناية من الدولة التركية وقياداتها ليكون ممثلا لها في دولة كبيرة بحجم مصر منذ ثلاث سنوات استطاع خلالها تعزيز التعاون بين البلدين في كل المجالات، وخاصة أنه شهد توقيع منحة لبلادنا تقدر قيمتها بملياري دولار لمساعدة اقتصادنا بعد ثورة 52 يناير، بمجرد أن أعلن هذا السفير النشط تكريمه للدكتور أكمل في منزله بالجيزة، تدافع كبار نجوم المجتمع المصري وساسته ومثقفيه وفنانيه في حفل التكريم، وكان من أبرزهم الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية، والدكتور عبدالعزيز حجازي رئيس الوزراء الأسبق، ووزير الثقافة د.صابر أبوعرب، والدكتورة مني عبدالناصر، والوزير عماد أبوغازي ، والدكتور خالد أرن، وحشد كبير من أساتذة الجامعات والصحفيين، وفي تلك الأمسية الجميلة أمتعنا التخت الشرقي بعزف مقطوعات رائعة للتراث والموسيقي التركية، لكن المفاجأة الكبري أن السفير التركي حسين عوني كشف مواهبه المتميزة، فهو ليس دبلوماسيا بارعا فقط، بل فنان موهوب عندما أمسك بعوده لتنساب أعذب الألحان، بينما صاحبه علي الرق الدكتور عماد أبوغازي وزير الثقافة الأسبق، فكانت ليلة لاتُنسي.