مع تصاعد حدة الاشتباكات في سوريا.. وفي إطار حديث عن إقامة ممرات آمنة.. ومع تحذيرات روسية من البحث عن ذرائع للقيام بسيناريو عسكري.. أو تقديم مبادرات لإقامة ممرات إنسانية.. في الوقت الذي يؤكد فيه حلف الأطلسي عن عدم الرغبة في تدخل عسكري في سوريا.. جاءت حادثة سقوط قذيفة سورية في الأراضي التركية لتكون انطلاقة لتحول نوعي جديد في الأزمة السورية.. مما دعا الأمين العام للأمم المتحدة بإطلاق تحذيره من تنامي خطر اندلاع صراع إقليمي في المنطقة. هل هناك بوادر لحل سياسي للأزمة السورية خاصة بعد اقتراح وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو تولي فاروق الشرع نائب الرئيس السوري قيادة البلاد في مرحلة انتقالية.. والتي قابلها إعلان برهان غليون أن المعارضة السورية لا تمانع ترأس الشرع لحكومة انتقالية حقنا للدماء.. في حال تنحي الأسد والذي اعتبره الإعلام السوري الرسمي خطوة متقدمة من جانب المجلس الوطني الذي كان رافضا لأي حل سياسي. الغريب في الأمر أن يتبع ذلك بأيام قليلة تصريح لمصدر عسكري تركي بأن أنقرة دفعت تعزيزات عسكرية إلي الحدود مع سوريا والعراق وأنها رفعت حالة التأهب القتالية. رؤية استراتيجية اللواء محمود خلف الخبير العسكري والاستراتيجي يري أن التوتر القائم الآن بين سوريا وتركيا لا نستطيع أن نسميه نذر حرب لأن تركيا تدير الصراع وفق معطيات أساسية هي الضغط علي النظام السوري دون الوصول إلي صدام.. لأن تركيا ليست في وضع أن تهاجم عسكريا.. لكن الأزمات الإنسانية الموجودة علي الحدود بين الطرفين جعلتها طرفا. لذلك تتعامل بطول نفس لأن كلنا نعرف أن الجيش التركي ضمن قوات حلف النيتو ولا يستطيع القيام بعمل عسكري إلا بتنسيق وموافقة الحلف.. وما يدلل علي كلامي أنه منذ حوالي شهرين أسقطت سوريا طائرة تركية في المياه الدولية والمفروض أن القانون الدولي في هذه الحالة يسمح لتركيا أن تدمر عناصر الدفاع الجوي التي أسقطت الطائرة ومع ذلك تم تجاوز الأمر! وهذا يعطينا انطباعا استراتيجيا أن المطلوب هو إنهاك النظام السوري.. لأن إسرائيل.. إذا هاجمت سوريا أو تركيا.. إذا هاجمت سوريا فسوف يخرج بشار من المأزق لأنه في هذه الحالة سوف يتوحد الشعب السوري لمواجهة من اعتدي علي الوطن. ويكمل اللواء خلف: عندي رؤية أن الصراع سيطول لأن إسرائيل تري فيه فائدة لها.. فهناك مبدأ لنابليون يقول فيه »إذا تقاتل الأعداء فلا تقاطعهم«.. والقتال هنا بين الجيش الحر والجيش النظامي السوري والاثنان أعداء لإسرائيل.. ويكمل اللواء خلف: وللأسف الوضع العربي فيه ما يكفيه.. فمازلنا نفضل الجلوس في مقاعد المتفرجين.. يمكننا أن نعلق وننتقد ونقول اللعبة دي عجبانا أو مش عجبانا لكننا لا نستطيع أن ننزل ونشارك في الملعب ونحرز أجوالا.. وبصراحة أكثر أن السبب في ذلك أن مصر وهي اللاعب الأوحد.. والمحرك الاستراتيجي الأول في المنطقة فنحن القوة الرائدة وللأسف تغيب مصر هو السبب في ضعف الموقف العربي.. لأننا حتي الآن بنلف حول نفسنا مرة يفتح لنا ملف سيناء ومرة الملفات الداخلية.. حتي لا نستطيع أن نأخذ أو يعود لنا ثقلنا الاستراتيجي في المنطقة. التحليل السياسي أما الرؤية السياسية لتطورات الأحداث حول الأزمة السورية فيضعها لنا الدكتور طارق فهمي بمركز دراسات الشرق الأوسط.. ويري أن الوضع العسكري داخل سوريا بهذه الصورة.. يشير إلي أمرين.. الأول أن هناك مسعي للنظام السوري أن تكون الحرب لها امتدادات إقليمية وبالتالي تشمل تركيا وإيران والعراق والأردن وبالتالي كل ما نشاهده من توتر العلاقات مع تركيا.. لأن تركيا سعت إلي عمليات تفتيش واقتراح أسماء بديلة لبشار الأسد ثم مناطق التماس الكردية.. كل هذا يشير إلي أن السياسة التركية أصبحت طرفا متورطا في العمليات العسكرية بصورة أو أخري.. وأصبحت عملية وقت.. إما أن تكف تركيا عن عملياتها أو تتدخل أطراف إقليمية أخري مثل إيران والعراق. أما النقطة الثانية وهذه الأخطر.. أن تبادر تركيا في نهاية المطاف بإطلاق عمليات عسكرية ليس لمناطق الحدود وإنما في العمق السوري فتتحول المواجهة من مناطق حدودية ومناطق تماس إلي أعمال حقيقية. فالمقصود أن امتداد الحرب إلي أطراف إقليمية يعقد المشكلة وهو أحد الذرائع الهامة التي يلجأ إليها بشار بهدف تصفية الثورة.. خاصة إذا دخل الإيرانيون بقوات دعم مثل قوات حزب الله أو قوات استخباراتية من الحرس الثوري الإيراني.. تقف بجانب النظام السوري تمهيدا لتدخل إيران لحسم العمليات.. الأمر الذي يسعي إلي تدويل الشأن السوري.. لأن هنا سوف تتحول من نطاق إقليمي إلي نطاق دولي خاصة وأن حلف الأطلسي يقوم بعمليات في البحر المتوسط.. الأمر الآخر.. أنه قد انتهي وحسم أمر التدخل بعمل ممرات آمنة وعمل مناطق حظر جوي وذلك لتدخل الجانب الروسي برفض هذا الأمر. السيناريوهات المتوقعة لذلك أمامنا سيناريوهان.. إما استمرار الوضع إلي أن ينجح بشار في تصفية الثورة اعتمادا علي الدعم الإيراني غير المحدود وعلي خلل الموقف الدولي بدءا من الأممالمتحدة ومجلس الأمن وصعوبة استصدار أي قرار جديد في الشأن السوري. السيناريو الثاني.. أن يتسع نطاق الحرب من النطاق السوري إلي النطاق الإقليمي ثم النطاق الدولي وهذا يتطلب أمرين.. تغير الموقف الروسي ونجاح الجانب التركي في توجيه عمليات في العمق السوري يؤدي بصورة أو بأخري إلي التعامل مع الأزمة السورية.. لأن تركيا يمكنها القيام بعمليات في العمق وليست حربا شاملة.. ذلك لأن الأتراك سيضطرون في النهاية للرد المباشر علي ما يجري.. لأن بشار يريد أن يجر الأتراك إلي مواجهة وسيكونون مجبرين علي ذلك.. لأن المسألة امتدت إلي هيبة الدولة التركية وأصبحت علي المحك.. ولكن فإنه لا يستبعد معه أن تنشط في هذه الحالة حرب بين تركيا وإيران علي أرض سوريا.. لأن أحد أهداف النظام السوري هو أقلمة الصراع. ويكمل طارق فهمي.. أتوقع أن يكون هناك سيطرة علي الموقف الدولي دون اتساع.. لأن حلف الأطلسي لا يريد أن يتدخل تحت أي مسمي وبشار الأسد يراهن علي ذلك.. وأقصي ما يمكن لحلف الأطلسي تقديمه لتركيا في حالة الحرب هو الدعم اللوجستي.. والاستخباراتي فقط.. وأبلغ دليل علي ذلك تصريحات وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي بأن ما يحدث في المنطقة مشاكل فيما بيننا ولنحلها بأنفسنا.. أي بمعني صريح سيتركوننا نخلص علي بعضنا البعض.