الصورة الأخىرة للملك فاروق على أرض مصر قبل أن ىغادرها على الىخت المحروسة إلى إىطالىا ليلة الثورة في حياة فاروق وناريمان قبيل قيام الثورة اتصل رئيس الوزراء بالملك وأبلغه أن هناك محاولة انقلاب علي وشك الحدوث.. فعاقبه بالإقالة! الملك ظل حتي اللحظات الأخيرة قبل خلعه علي يقين أن مايحدث مجرد فقاعات في الهواء! كيف حاول فاروق منع إذاعة بيان الثورة؟ الساعات الأخيرة قبل الرحيل في 52 يناير 2591، حدثت معركة الاسماعيلية بين قوات الشرطة المصرية وبين قوات الاحتلال الانجليزي، وهي المعركة التي استشهد فيها 34 من رجال الشرطة وقتل ثلاثة جنود بريطانيين وجرح مائة.. ولكن هذه المعركة ألهبت الحماسة الوطنية ودفعت الجميع للتفكير بطريقة مختلفة، وهاج الكل تجاه الملك والحياة الملكية، وبدأت سهام النقد تطول فاروق وناريمان.. وتوترت الحياة السياسية بسبب عدم فعالية حزب الوفد والنحاس باشا رئيس الوزراء في احتواء الموقف.. وبدأت حالة من الرفض في الشارع لكل مايجري علي أرض المحروسة والاعتراض الذي يعيشه المواطن. قبيل أيام من قيام ثورة 32 يوليو 2591، تلقي الملك اتصالا هاتفيا من حسين سري رئيس الوزراء في وقت متأخر من الليل قال في الاتصال إن هناك محاولة انقلاب علي وشك الحدوث وعرض علي الملك أن يكون اللواء محمد نجيب أكبر الضباط سنا وزيرا للحربية أو أن يقبض عليه وعلي كل الضباط الأحرار.. لم يهتم فاروق كثيرا بما سمعه، وفي الصباح أقال حسين سري كما أقال وزير الحربية وعين زوج شقيقته فوزية الشاب إسماعيل شيرين وزيرا للحربية، وكان شيرين يبلغ من العمر 23 عاما، كما قرر تعيين علي ماهر رئيسا للوزراء، وبعد ذلك ذهب فاروق إلي الاسكندرية للاستجمام. هذا القرار بتعيين علي ماهر وإسماعيل شيرين عجل بنهاية الملكية وقيام الثورة قبل موعدها.. ونجحت الثورة دون مقاومة حقيقية باستثناء معركة صغيرة في قصر رأس التين راح ضحيتها بعض الجنود والحارس السوداني الخاص بالملك. لقد بدأت الأحداث تتوالي سريعا منذ مساء 22 يوليو 2591 في و قت لم يقدر فيه فاروق خطورة الموقف في الجيش.. حقيقة إن نشاط الضباط الأحرار أقلقه ومنشوراتهم أثارته وتحركاتهم سببت له الريبة، ولكن ظل مع ذلك علي يقين أن هذا كله ليس إلا فقاعات في الهواء.. إذ ترسب في أعماقه لآخر لحظة أن الجيش جيشه هو، مطيع له، منفذ لأوامره، فالثقة المتزايدة بالنفس سيطرت عليه من ناحية، والإحساس بقوته وجبروته أعطاه التأني في التصرفات من ناحية أخري، وبخاصة بعد أن أدرك أن كبار رجال الجيش حوله يحمون عرشه، هذا بالإضافة إلي أن حاشيته صاحبة التأثير عليه هونت له الأمر، وبالتالي تحدي وقرر التصدي والإطاحة بتلك الشرذمة الصغيرة التي أعتقد أنها بؤرة الضباط الأحرار، وبالفعل كانت التحريات تجري في كل مكان لسحق هذه الحركة، مما دفع بأصحابها للتعجيل بها. حتي الساعات الأولي من صباح 32 يوليو لم يكن فاروق يتوقع أن يكون الأمر أكثر من انتفاضة، وأنها ليست إلا زوبعة في فنجان، وعلي وجه الخصوص بعد أن طمأنه كل من النجومي ومحمد حيدر، والأخير أتصل بقائد المدفعية ورد عليه نقيب انتحل شخصيته، وأكد له سلامة الموقف، وبالتالي نقله للملك وأدخل في روعه أن قوات المدفعية كلها رهن إشارة القائد الأعلي، ومالبث الأمر أن عُلم بما قام به الضباط، وعندما سمع أن هناك بيانا سيذاع مع افتتاح الإذاعة أمر كريم ثابت بمنع إذاعته، فبادر بالاتصال بمحطة إرسال أبوزعبل وطلب فك المحطة، وأصدر مرتضي المراغي أمره بقطع التيار الكهربائي، ولكن أحد الضباط أسرع للمحطة وهدد بالسلاح وأدارها، و رأي فاروق إمكانية إحباط الحركة عن طريق حسن عاكف الذي طار من الاسكندرية إلي ألماظة وهبط علي مقربة من السرب الملكي ليطير به إلي أنشاص، و من هناك يتولي المقاومة.. ومُني بالفشل لوجود كوردونات الجيش، ولوصول قوات أطلقت نيرانها، فأصابت الطائرة الملكية ببعض الطلقات، وانتهت حركته بالعودة إلي قصر المنتزه. واتصل الهلالي بالملك وطلب منه تفويضا للاتصال بالقوات الثائرة وبحث مطالبها، فأعطاه إياه فطلب من قائد الحركة تأجيل إذاعة البيان، ولكن الخطة نفذت، واذاعه أنور السادات باسم محمد نجيب الذي أعلن نفسه قائدا عاما للقوات المسلحة في السابعة والنصف من صباح 32 يوليو.. ولم يتعرض بكلمة صريحة لفاروق و أشار إلي الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم وهزيمة فلسطين والخيانة، وبين دور الجيش وهدفه، وألقي المسئولية عليه، وطالب بالتزام الهدوء والسكينة، وطمأن الأجانب علي أرواحهم ومصالحهم، وأيقن فاروق خطورة الموقف ودقته وانهارت حالته وانقلب استهتاره إلي خوف سيطر عليه، ودق تليفونه عدة مرات عند السفير الأمريكي، وفي كل مرة يقول له بوضوح إن التدخل الأجنبي فقط هو الذي يمكن أن ينجيه هو وأسرته، وإن لم يطلب بالتحديد تدخل القوات البريطانية إلا أن هذا الأمر كان واضحا. مطالب الضباط وفي اليوم التالي لقيام الثورة ذهب علي ماهر رئيس الوزراء ليقابل الملك وقدم لفاروق خطابا من أربع صفحات من اللواء محمد نجيب يحتوي علي مطالب الضباط الأحرار لتحقيق الإصلاح.. وكان أول هذه المطالب أن يعزل فاروق مستشاريه بأقصي سرعة ويعين اللواء محمد نجيب في منصب القائد العام للقوات المسلحة.. ورغم صعوبة المطلب فإن الملك لم يعترض، ولكن حتي لو وافق علي كل شيء فلن تشفع له الموافقة في شيء، فالضباط قاموا بالثورة و هي حتي الآن ناجحة والهدف الأهم هو طرد فاروق وإسقاط الملكية وبالتالي فما يوافق عليه لايعنيهم في شيء وإنما يجب أن يفهم هو أن أيامه في مصر باتت معدودة وعليه تفهم الواقع الجديد والمغادرة فورا قبل أن يفقد حياته.. كان من بين الضباط من يطالب بقتل الملك، ولكن البعض الآخر كان يعارض هذه الفكرة ويرفضها تماما حتي تخرج الثورة بيضاء دون دماء، وحدث تصويت علي الطريقة التي يجب أن يعامل بها الملك وجاءت النتيجة في مصلحة طرده دون إلحاق الاذي به أو قتله وهذا في حد ذاته أفضل قرار للثورة لأنها أعطت انطباعا بأنها لاتريد القتل وسفك الدماء. وبدأ مسلسل المطالب من جانب الضباط.. كان الملك ومعه الملكة ناريمان والأمير الصغير أحمد فؤاد والأميرات (بنات الملك من زوجته الأولي فريدة) قد انتقلوا إلي قصر رأس التين المحصن والقريب من اليخت الملكي »المحروسة« والذي فكر الملك في السفر به بعد سيطرة الضباط علي المطارات والطائرات.. إنذار للملك وفي صباح يوم 62 يوليو وصل علي ماهر إلي قصر رأس التين وهو يحمل إنذارا للملك يطالبه بالتنازل عن العرش (كتبه أنور السادات ووقعه محمد نجيب) يقول: نظرا لسوء حكمك وانتهاكك للدستور واحتقارك لإرادة الأمة التي تزايدت لأقصي مدي حتي أصبح أي مواطن لايشعر بالأمن علي حياته أو أملاكه أو كرامته، ونظرا لأن تحت حمايتك سمح للخونة والمخادعين أن يجمعوا ثروات باهظة بإضاعة المال العام بينما يموت الشعب من الحرمان والجوع، وحيث إن هذه المساوئ قد تفاقمت أثناء الحرب في فلسطين، حيث نمت التجارة البغيضة غير المشروعة في الاسلحة والذخيرة، فإن الجيش الذي يمثل قوة الشعب فوضني لأطلب من جلالتك التخلي عن العرش لصالح ولي العهد جلالة الملك أحمد فؤاد في هذا اليوم الموافق 62 يوليو 2591 وأن تغادر البلاد في نفس اليوم قبل الساعة السادسة.. وفي حالة رفضك هذا الإنذار ستتحمل كل العواقب المترتبة علي ذلك.. التوقيع: محمد نجيب. في هذا الجو المشحون مازح الملك علي ماهر وبعد ذلك وافق علي التنازل وأشترط أن يُبحر معه بوللي وأن يظل محتفظا باليخت المحروسة وأن تبقي أراضيه وأراضي شقيقاته ملكا لهم.. لكن الضباط رفضوا. وثيقة التنازل عن العرش بعد ذلك وصل قاضي المحكمة العليا مع وثيقة التنازل عن العرش.. وكان نص الوثيقة كالتالي: »نحن فاروق الأول.. حيث إننا نسعي دائما إلي سعادة ومصلحة شعبنا و نتمني بصدق أن نجنبهم المصاعب التي ظهرت في هذا الوقت الحرج.. نحن نخضع لإرادة الشعب«.. و كاد قاروق يبكي.. ثم وقع عليها. كانت الملكة ناريمان تتابع كل مايجري حولها وهي غير مصدقة مايحدث.. في لمح البصر تغيرت الأوضاع وانقلب الجميع علي زوجها الملك.. وأصبح عليها أن تواجه المصير الجديد، فهي الآن ملكة مصر وفي نفس الوقت أم الملك الجديد.. وعليها أن تقف إلي جوار زوجها وتثبت أنها ملكة تلعب دورا معنويا في دعم الملك المخلوع لرفع معنوياته ولمنع أي شائعات قد يستغلها رجال الثورة ضده وضدها.. ولم يكن أمامها أي اختيار سوي اختيار وحيد لايقبل البدائل وهو أن تتحرك في أي اتجاه وأن تذهب إلي أي مكان يذهب إليه الملك. كان لانتقال فاروق من قصر المنتزه إلي قصر رأس التين في فجر 52 يوليو واقع فرض نفسه، فقد جثم الفزع في قلبه، وصرح بأن القصر الأول هدف ميسور من الجو، وبالتالي فإن حمايته تكمن في القصر الثاني، نظرا لوجود القوة الأساسية للحرس والقوات البحرية وخفر السواحل والميناء والمحروسة، هذا بالإضافة إلي أنه المكان المناسب للهروب عند اشتداد الأزمة ومنه يمكن مد يد المعونة الأجنبية. قاد الملك السيارة بنفسه، وجلس بجواره حسن عاكف وخلفه ناريمان وأبنها ومربيته، وتبعته سيارة أخري بها بناته.. وتحصن داخل القصر، وأتصل بالسفير الأمريكي عن طريق إيلي رئيس ورشة الكهرباء طالبا منه طائرة حربية أو سفينة حربية لتقله وأسرته خارج مصر.. وأرتدي سترته البحرية، وبعث في طلب أحمد كامل وجلال علوبة، وانتظر في الطابق الأول، وبجانبه الملكة والأميرات وولي العهد وبعض الحقائب »66 حقيبة« وحضر المطلوبان، وأوضح قائد بوليس القصور أنه لابد من استئذان القيادة في السفر، ولمح أنه من الأفضل إبعاد أفراد الحاشية المطلوب إقصاؤهم، لكن فاروق ذكر أن المسألة تختص بالكرامة، وأن هؤلاء الأشخاص ضحوا من أجله.. والتفت إلي قائد اليخوت وسأله عن المحروسة، فعلم صعوبة استخدامها.