أُنشئت الغرفة التجارية بالإسكندرية في سنة 1922والمدينة أشد ما تكون حاجة إليها. فقد كان بالإسكندرية عدة غرف تجارية للجاليات الأجنبية، وفي نفس الوقت لم يكن لأبناء المدينة مثل هذه الغرف وإنما كان هناك رئيس لتجار المدينة يُسمي "سرتجار" المدينة. ولكن نظراً لعدم فاعلية عمل ال "سرتجار"، قام لفيف من تجار المدينة بالمناداة بفكرة تأسيس غرفة تجارية بالإسكندرية. وفعلاً تم عقد الاجتماع التأسيسي الأول في مكتب المرحوم محمد أفندي توفيق شوقي، وفي هذا الاجتماع تم تشكيل اللجنة التنفيذية الأولي برئاسته وعضوية: محمد علي فرحات، عوض جبريل، علي شكري خميس (رئيس مجلس إدارة جمعية تعاون الإسكندرية)، محمد بهجت بدوي، أحمد حسين العرارجي، علي حلمي. ثم انضم إليهم بعد ذلك كل من محمد سراج، رمضان بك يوسف. وكان عمل هذه اللجنة هو نشر الدعوة بين التجار، ووضع القانون الأساسي للغرفة. وهكذا نشأت الغرفة التجارية بمدينة الإسكندرية في غرفة واحدة بمكتب محمد توفيق شوقي. وفي عام 1933 صدر التشريع الأول للغرف التجارية المصرية ثم في عام 1940 صدر القانون الثاني للغرف التجارية ثم في العام التالي صدرت اللائحة الداخلية العامة للغرف. أي أنه في خلال 21 سنة كانت الغرفة التجارية قد استكملت وسائل العمل في تأدية رسالتها كصلة بين التجار وأولي الشأن. قام أعضاء المجلس الأول بتأثيث الحجرة التي أتُخذت مكتباً للغرفة التجارية وساهموا بأموالهم لمواجهة مصاريف العمل وتم إيداع الأموال في بنك مصر، وكان هذا بداية التعاون بين بنك مصر والغرفة التجارية بالإسكندرية. قوبل هذا العمل بسرور بالغ من مختلف الهيئات الحكومية والتجارية والغرف التجارية الأجنبية في الداخل والخارج حتي أن أحمد ثروت باشا رئيس مجلس الوزراء في ذلك الوقت سجل في رسالته إلي رئيس الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية ما يلي: (... إنه ليسرني أن أري المصريين ينظمون مجهوداتهم في ميدان الأعمال الاقتصادية، وأرجو لكم ولحضرات الأعضاء التوفيق والنجاح في هذا العمل المفيد ...). لم يلجأ أعضاء مجلس الإدارة في السنوات الأولي إلي طلب إعانة من الحكومة لمواجهة صعوبة توافر الموارد المالية اللازمة لتأدية الرسالة، فحرصوا علي زيادة عدد المشتركين بالغرفة بالإضافة إلي تقديمهم تبرعات مالية متفاوتة لصندوق الغرفة. وبهذا استطاعوا في أول مارس 1926 أن ينتقلوا إلي دار أوسع مؤلفة من 6 حجرات في بناء محمد حسن الشامي بشارع سعيد الأول ومنها انتقلت الغرفة إلي الدار الكبيرة بشارع الغرفة التجارية بمنطقة محطة الرمل. في 26 يناير قام رئيس الغرفة عبدالحميد الديب بدور وطني هام، فقد لاحظ أن إنشاء محكمة استئنافية عليا بمدينة طنطا بدلاً من الإسكندرية مجحف بحقوق الإسكندرية فنبه المسئولين إلي ذلك. كما اهتمت الغرفة من منطلق وطني بحالة الأحياء الشعبية بالمدينة وحالة الصناع والعمال فبادرت البلدية والحكومة بإيجاد قانون لحماية العاملين بالمصانع التي تدخل في منتجاتها مواد سامة. واهتمت بتسوية النزاعات التي نشأت بين التجار وتأسست لذلك لجنة خاصة للتوفيق بين التجار وحل المنازعات بالطرق الودية. كما ساهمت غرفة الإسكندرية في إنشاء اتحاد عام للغرف التجارية المصرية وكان ذلك في مارس 1926 وانتخب مجلسه الأول. وفي 27 مارس 1933 صدر قرار مجلس الوزراء، بتخصيص أرض من أملاك الحكومة لتقام عليها دار جديدة للغرفة وهي الدار التي تقيم فيها الآن بشارع الغرفة التجارية. وفي 24 أغسطس 1933 انعقدت الجمعية العمومية وتشكل مجلس إدارة جديد برئاسة أمين يحيي. وفي 14 نوفمبر 1935 احتفلت بافتتاح دارها الجديدة فأوفد الملك فؤاد الأول محمد حسين مندوباً عن جلالته كما حضر الأمير عمر طوسون وجمع كبير من رجال الدولة والقناصل وأعيان المدينة وأُذيع برنامج الحفل من محطة الإذاعة المصرية. وعندما استقرت الغرفة في دارها الجديدة، قامت بإعادة تنظيم أمورها وتنسيق أعمال أقسامها المختلفة. فأنشأت قسماً للمحفوظات علي أحدث الطرق، ووسعت قسم الاستعلامات وعززته حتي أصبح مرجعاً طيباً لكل ما يُطلب من الغرفة من بيانات ومعلومات تجارية. وزودت مكتبتها بما تحتاج إليه من الكتب والمجلات الاقتصادية والثقافية. من خلال هذا التاريخ الموجز لغرفة الإسكندرية التجارية، رأينا جانباً من الأعمال العظيمة التي تقوم بها. وهكذا يليق بنا في ذكري مرور تسعة عقود علي إنشاء أقدم غرفة تجارية مصرية بمدينة الإسكندرية العظيمة، أن نقدم لها التحية الواجبة علي ما تقوم به من دور حيوي في مجال الاقتصاد المصري.