السيدة المصرية تتقدم فى العمر عن الرجل مهما كانت متاعب النساء، فهي أقل من متاعبنا، فليست لهن زوجات كالرجال" هذه الكلمة للمبدع الراحل أنيس منصور تلخص ماجاء في تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تؤكد أن المراة عمرها أطول من الرجل. حيث أكد التقرير أن متوسط عمر الإناث يصل الي 71 عاما و4 أشهر في حين يصل متوسط عمر الذكور الي 68 عاما و6 أشهر كما ارتفع متوسط سن الزواج للرجل وبلغ 29 عاما و9 أشهر وبالنسبة للمرأة بلغ24 عاما و7 أشهر. ويجمع العلماء علي أنه لايوجد دليل علمي قاطع يفسر هذه الظاهرة، ولكنهم وضعوا أسبابا اعتبروها قد تكون السبب في تلك الظاهرة مثل مشاركة الرجال في الحروب وأعمال العنف، وميلهم للقيام بالأنشطة الخطرة وارتفاع نسبة تعرضهم للحوادث المرورية إلي 3 أضعاف مقارنة بالنساء، وتعرضهم للجرائم الجنائية أربع مرات أكثر منهن. ولكن حتي في الوضع السلمي فإن المرأة لا تزال تعمر أطول وتشير الدراسات الطبية إلي أن الأمرض التي تقتل الرجال هي أورام الرئة الخبيثة وانسداد الأوعية الدموية وتصلب الشرايين وهي أمراض أكثر انتشارا بينهم وقد بحثت تقارير وأبحاث طبية عدة عن أهم مسببات زيادة عمر المرأة، وعزتها لعوامل في تركيبها الجيني وأسلوب حياتها وشخصيتها. تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أكد أيضا أن متوسط سن الطلاق بالنسبة للرجال وصل الي 38 عاما و9 أشهر وبالنسبة للزوجات 32 عاما و8 أشهر أي أن متوسط سن الزواج للزوجة يقل بنحو خمسة أعوام عن الرجل في حين يقل متوسط سن الطلاق للمرأة بأكثر من ستة أعوام عن الرجل. كما تؤكد بيانات التقرير أن عقود الزواج تزيد بنحو 11٪ سنويا في حين تزيد إشهارات الطلاق بنحو 19٪ فقط حيث بلغ عدد عقود الزواج في عام 2010 نحو864 ألف حالة في حين بلغت إشهارات الطلاق نحو 149 ألف حالة. أي أن عدد عقود الزواج يصل الي ثلاثة أضعاف ونصف عدد إشهارات الطلاق وتأتي محافظات القاهرة والدقهلية والشرقية والغربية والبحيرة والإسكندرية والقليوبية والمنوفية والسادس من أكتوبر والمنيا في مقدمة المحافظات من حيث عدد حالات عقود الزواج في حين تأتي محافظات القاهرة والإسكندرية والجيزة والدقهلية في مقدمة المحافظات التي تشهد أكبر عدد من إشهارات الطلاق. وأوضح التقرير أن معدل وفيات الرضع في تناقص مستمر مع التقدم في الرعاية الصحية في جميع المحافظات حيث بلغ المعدل14٪ من إجمالي المواليد في عام 2011 ويزداد المعدل في المدن ليصل الي16.7٪ ويقل في القري حيث بلغ 12.2٪ فقط. كما أن معدل عدد وفيات الأطفال دون سن الخامسة بلغ 42 ألفا منهم 224 ألفا من الذكور و198 ألفا من الإناث أي أن معدل الوفيات يزيد في الذكور عن الإناث في الأطفال دون سن الخامسة كما يزيد في الريف عن المدن حيث وصل في الريف إلي23 ألف حالة مقابل 19 ألف حالة فقط في المدن. الدكتورة عبير بركات أستاذة الصحة العامة بكلية الطب جامعة القاهرة أكدت أن تلك الظاهرة ترجع إلي عدة أسباب طبية أولها الصحة النفسية بشكل عام، المرأة نفسيا في وضع أفضل من الرجل فهي أقل توترا وأكثر هدوءا (رغم صراخها وعصبيتها أحيانا) وأكثر تأقلما وصبرا علي تقلبات الحياة. وأشارت الي أن دراسات عدة أكدت أن كثرة الكلام والصبر والمثابرة والعلاقات الاجتماعية عوامل تحمي النساء من الموت المبكر، بعكس الرجال الذين يتميزون بالعصبية، والتشدد، والعدوانية، وكبت المشاعر كما أن قابلية النساء للتعرض للأمراض والكآبة في وقت مبكر من حياتهن، هو ما قد يساعدهن علي بناء مناعتهن الداخلية وتقوية جهاز المناعة ليكون أكثر دفاعا مع تقدمهن في العمر. بينما بيّن التقرير أن كبار السن من الرجال المصابين بالاكتئاب أكثر إقبالا علي الانتحار. وأوضحت أن الكثير من الأطباء النفسيين يشير إلي أن علاج المرأة عادة ما يكون أسهل، فمثلا يمكن علاج الانفصام عند المرأة سريعا، ولكنه عند الرجل يتسبب بضمور في المخ. وقالت إن ثاني أسباب تلك الظاهرة التدخين فبالرغم من أن عدد المدخنات تزايد مؤخرا لكنه يظل قليلا جدا مقارنة بالرجال الأكثر ميلا للتدخين وشرب الكحول وتعاطي الممنوعات بشراهة ومنذ سن مبكرة وهو ما يؤدي إلي ارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض المزمنة والسرطانات. وأضافت أن بنية المرأة أحد أسباب طول عمرها فمن المعروف أن توزيع الخلايا الدهنية يختلف بحسب الجنس، فهي تتوزع بشكل سيئ عند الرجال مقارنة بالنساء حيث تترسب الدهون وتختزن في منطقة البطن حول الأعضاء الداخلية والقلب عند الرجال، وهو ما يسبب أضرار صحية بقلب وشرايين الرجل بينما تخزن الدهون عند المرأة في الأرداف والحوض ومن المعروف أن النساء عموما، أكثر محاولة لتخفيض الوزن للحصول علي القوام الجميل مقارنة بالرجل. كما أكدت أن نشاط النساء وحركتهن بحكم الأعمال المنزلية والاجتماعية يسهم في حفظ صحتهن مشيرة الي أنهن يواصلن ممارسة التمارين الرياضية حتي مع تقدمهن بالعمر، فيما تسبب قلة صبر الرجال علي ممارستهم للرياضة بانتظام في شبابهم، لكنهم يتخلون عن ممارستها تدريجيا مع تقدمهم في السن. وأشارت إلي أن النساء أكثر محافظة علي صحتهن من الرجال فالسيدات يقمن بالفحص المبكر والاستشارة وطلب المساعدة الطبية بشكل أكبر من الرجال مؤكدة أنه من الملاحظ أن الرجال يؤخرون الحصول علي العون الطبي كلما دعت الحاجة. وأشارت إلي أن الرجال يعانون من الضغط الوظيفي فعادة ما يشعر الرجال بضغوطات إضافية في حياتهم اليومية نتيجة لمحاولتهم الحصول علي أفضل وظيفة أو تقدير في العمل وقد يعزي ذلك جزئيا إلي روح المنافسة الأساسية في شخصية الرجل، بالإضافة إلي إحساسه بأنه يقيّم من خلال منصبه. وأشارت الي أن النساء عادة أفضل في اختيار الأطعمة الصحية، وأقل إقبالا علي تناول اللحوم عموما مقارنة بالرجال مشيرة إلي أن الأبحاث أثبتت أن الابتعاد عن تناول اللحوم والأطعمة الدهنية مع تناول الخضروات والفاكهة يعتبران من أهم العوامل التي تؤدي إلي العمر الطويل والوقاية من الأمراض وهو ماتكثر منه المرأة عن الرجل. وأوضحت أن نسبة الحديد في جسم المرأة تقل عن الرجل مؤكدة ان الأبحاث بينت تأخر إصابة النساء بأمراض الأوعية والقلب بمعدل عشرة أعوام علي الأقل مقارنة بالرجال، وبالإضافة إلي دور التغذية في هذا الأمر إلا أن بعض الخبراء يعزون سلامة شرايين المرأة إلي انخفاض نسبة الحديد الطبيعية في جسمها، وهي ميزة تمنع إصابة خلايا الدم بالشيخوخة المبكرة وقالت إن معدل الحديد الطبيعي يتراوح بين 120و140 للمرأة و130 إلي 170 للرجال. وقالت بركات إن وجود نسب مرتفعة من هرمون الرجولة »التستيرون« يعد من أسباب وفاة الرجال المبكرة فيما تلعب الهرمونات الأنثوية، خصوصا هرمون الايستروجين، دوراً مهما في وقاية السيدات من أمراض القلب وهو ما يفسر فقدان هذه الحماية بعد بلوغهن سن اليأس وانقطاع الطمث وتوقف إفراز هذا الهرمون، فعندها ترتفع وتتساوي نسبة تعرّض المرأة لأمراض القلب عن نسبتها عند الرجل. وأضافت أن هرمون الاكسيتوسينب عند المرأة يجعلها تنعي ابنها وأباها أكثر من زوجها، كما أن حساسية وارتفاع نسبة الهرمون الدماغي المسمي »الدوبامين« يسببان فرح ونشوة وابتهاج المرأة أثناء نوبات الحب ويسهم في حفظ الصحة. فيما قدمت دراسة نشرتها مجلة »علوم الدماغ والسلوك والمناعة« الأمريكية تبريرا لسر طول عمر النساء مقارنة بالرجال، كنتيجة لحصولها علي قسط أفضل من النوم العميق وهو ما يسهم في إفراز كمية كافية من الهرمونات الطبيعية المضادة لتطور الأمراض بالجسم ولا يغفل هنا التذكير بأهمية الحصول علي قسط كاف من النوم (7 - 8 ساعات)، حتي يكمل الجسم عملية الترميم والبناء ويتخلص من جميع نفايات العمليات الحيوية والسموم التي دخلت إلي الجسم. بينما أشارت دراسة حديثة من جامعة أكسفورد ومستشفي جيرجل في بريطانيا، إلي أن أصحاب الأجسام الممتلئة بالدهون في نصفهم السفلي (أي في منطقة الأفخاذ والمؤخرة) هم الأكثر فرصة للحياة لعمر أطول، مقارنة بأصحاب البطون الممتلئة. وعلل الباحثون ذلك بأن دهون الأفخاذ تعمل علي حبس مواد دهنية ضارة، بالإضافة إلي إفرازها مواد مفيدة للجسم لها دور في الحماية من الأمراض، مثل أمراض السكر والقلب وقد يشير ذلك بطريق مباشر إلي حظ المرأة الأوفر في الصحة، لكون جيناتها الوراثية تفضل تخزين الدهون وتوزيعها في منطقة الجسم السفلية، فيما تفضل الدهون التخزين في منطقة البطن عند الرجل. وتشير الدراسة إلي كون أصحاب الأرداف والمؤخرة الكبيرة في وضع صحي أفضل مقارنة بأصحاب الخصر الكبير، لأن دهون منطقة البطن تعمل علي إفراز مواد دهنية مضرة. وهو ما يؤكد خطورة الكرش علي الصحة وتزيد نتائج هذه الدراسة من فهم آلية الجسم، مما يفتح المجال لابتكار أدوية جديدة لعلاج أمراض السمنة. كما خلصت دراسة لمعهد الطب الوقائي في كوبنهاجن الدانمركية إلي أن النساء ذوات الأوراك الممتلئة أكثر حظا في العيش لفترة أطول، مقارنة بمثيلاتهن النحيفات. وشملت الدراسة حوالي 3000 رجل وامرأة تتراوح أعمارهم بين 35 و65 سنة، لتبين نتائجها انخفاضا بنسبة 87٪ في الإصابة بأمراض القلب عند اللواتي لهن أرداف ممتلئة مقارنة بالنحيفات. ولوحظ أن من لديهن ورك واسع هم أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب، مقارنة بمن يقل عرض حوضهن عن 40 بوصة (مقاس 14). وأرجع ذلك لدور إفرازات دهون الورك الواقي والمضاد للالتهاب (وبخاصة المسماة الأديبونيكتين)، التي تسهم في الحفاظ علي صحة الشرايين والجدير بالذكر، أن هذا الأثر المفيد لم يلحظ عند الرجال في هذه الدراسة.