أحمد مجاهد يلقى كلمته فى الاحتفال وفي احتفالية أقيمت الأسبوع الماضي بالهيئة العامة للكتاب احتشد المثقفون والأدباء لإلقاء الضوء حول محفوظ المبدع والإنسان.. بدأها د. أحمد مجاهد رئيس الهيئة بكلمة قال فيها لا أعتقد أن محفوظ فاز بنوبل بالقدر الذي فازت نوبل به فقد غسلت تحيزها بحصول كاتب عربي عليها، فكتاباته باقية سواء حصل عليها أم لم يحصل عليها.. كان أمام نجيب محفوظ مشكلة كيف يجسد صورة الأحياء الشعبية من خلال اللغة العربية الفصحي، كان يكتب عن شخصيات لا يتطرق إليها أحد. وقال الدكتور إكرامي فتحي أن نجيب محفوظ قامة كبيرة وكان يخدم البلد بالفعل لا بالكلام كما يفعل الكثيرون، اللغة التي اتسمت بها أعمال نجيب محفوظ في الستينيات وخاصة في ملحمة الحرافيش وأشار محفوظ في ثرثرة فوق النيل إلي أهمية اللغة، وأضاف إكرامي: دارت حول محفوظ حركة نقدية متسعة ورسائل جامعية، وهذه الحركة اتسمت بما اتسمت به مدينة القاهرة في رواياته حيث اتسمت بالعشوائية ، وهناك دراسات منصبة علي اللغة. وتحدث حسام نائل عن رواية (أولاد حارتنا) وعن الفضاء العائلي فيها وقدم تحليلا نقديا للرواية التي تثير افتتاحياتها قضايا تتعلق بالتاريخ وقال: إن التاريخ هنا من خلال العائلة حيث نلاحظ النسب العائلي الذي يجمع كل من يعيش في الحارة، الجبلاوي هو الأصل هنا ويمثل الجد بالنسبة للسارد وإنما يتخذ موقع الأب بالنسبة للأبناء أما منطقة الشر في تاريخ العائلة يمثلها الابن الأكبر والأصغر منه حيث قررا الخروج علي ناموس الأب واتخذت تجربة الشر دروبا مختلفة الأول مع الابن الأكبر الذي استقل تماما والثاني الابن الأصغر الذي حصل علي غفران الأب، أما الدرب الثالث فهو الحفيد المشبوه عرفة حيث وصل إلي العصيان الزائد عن الحد حتي إنه أنهي العالم القديم . وعن فكرة الخلاص تحدثت د. جيهان فاروق عن صورة المخلص في نص يبدو بعيدا "أصداء السيرة الذاتية" وربما يهدف بكتابتها إلي خلاص القراء من أفكارهم المغلوطة وتتركز علي شخصية عبد ربه، وأضافت جيهان: محفوظ خلق شكلا فنيا للسرد العربي يمس جميع البشر والحارة في أعماله هي صورة مصغرة للمجتمع المصري، وله توجه وجودي قوي وقد يلاقي عدم استحسان عند القارئ المتطرف، ولذلك تعرض محفوظ لمحاولة اغتيال في يوم من الأيام، وفي أصداء السيرة الذاتية يصف رحلته في الحياة ويقدم رؤيته لهذه المعركة الطاحنة بأسلوب ساخر، والشيخ عبد ربه هنا هو المخلص وهو مخلص دنيوي روحاني ، ويضع محفوظ حكمته ذات الطابع الفلسفي في أصداء السيرة الذاتية علي لسان الشيخ عبد ربه والمخلص هو المؤلف نفسه ، واعترف نجيب محفوظ للغيطاني أنه هناك لحظات كان سيمزق فيها أصداء السيرة الذاتية. وفي ندوة بعنوان " ذكريات نجيب محفوظ " قال الروائي يوسف القعيد: وكان يكتب في البداية روايات تاريخية ولكن توقف بعد كتابة ثلاثة روايات عندما اكتشف أن جورج زيدان يكتب الرواية التاريخية وبدأ محفوظ يكتب روايات من الواقع المعاصر، وبعد ذلك بدأ الكتابة ثم أصيب بمرض حساسية في العين تمنعه من القراءة والكتابة طوال شهور الصيف فكان يكتب فقط من شهر اكتوبر حتي شهر مارس ولكن هذا لم يمنعه من النتاج الكثيف الضخم وكان يكتب عملا أدبيا كل عام إن لم يكن عملين ولم يتوقف أبدا عن الكتابة إلا بعد ثورة يوليو حتي عام 9591 وتفرغ في هذه الفترة لكتابة السيناريوهات، ولديه قدرة علي مواجهة النفس وقد ظل موظفا طوال حياته وقيد الوظيفة لم يمنعه من الكتابة ولم تدفعه للتكاسل، كان هناك بعض الروايات مرفوضة من الرقابة مثل ثرثرة علي النيل ولم يسع مطلقا لإجازاتها ودخل للرقابة وأعماله معطلة خرج منها. وتحدث الروائي جمال الغيطاني عن المقهي في حياة نجيب محفوظ وقال: لعبت المقاهي دورا كبيرا في حياة محفوظ، وحتي عام 95 كنت أقرأ له ولم التقي به شخصيا ولفت نظري كتب تحمل أسماء الشوراع التي أعيش فيها مثل زقاق المدق وقصر الشوق، وبدأت بزقاق المدق وفوجئت أني أمام رواية تتجاوز الروايات الأجنبية التي كنت معجبا بها، وعندما رأيته لأول مرة دعاني لأجلس معهم علي القهوة، والمقهي الثاني الذي بدا فيه نجيب محفوظ لندوة 54 ودخلت وهذه الندوة لو قدر أن تسجل المناقشات التي دارت بها لأصبحت من أهم ما ينشر في الصحف وقد انتهت الندوة نهاية مثيرة وبعد انتهائها انفرط العقد ومن خلال هذه اللقاءات تسربنا للحياة الأدبية والثقافية، وأكد الغيطاني أن محفوظ لم يكن مجهولا كما يقال ولم يكن مهملا وما يقال إنه أهمل حتي كتب عنه سيد قطب كلاما غير صحيح وبدأ التجمع في قهوة أخري، ثم جاءت قهوة ريش سنة 77 وجاءت اتفاقية كامب ديفيد وطلعت مظاهرات من قهوة ريش، ثم دعانا لمقهي عرابي وكان هذا المقهي ينتمي لآخر فتوة من فتوات القاهرة وهناك فوجئنا بنجيب محفوظ آخر غير الذي نعرفه ووضعنا أيدينا علي بعض الأصول الحقيقية في رواياته ومنها بداية ونهاية والسراب فكلها قصص حقيقة وأرجو أن يهتم أحد باسماء أبطال روايات محفوظ، في عام 76 بعد الهزيمة فوجئت بالأستاذ نجيب يهمس لنا لنتقابل في الفيشاوي وكان له موقف واضح وقال إذا لم نكن قادرين علي أن نحارب إسرائيل عسكريا يجب أن نجد طريقة للصلح وتأييده للسادات كان عن قناعة وكان لديه قناعات أساسية لم يغيرها علي الإطلاق مثل إيمانه بالديموقراطية، وفي هذا الوقت كتب الحرافيش والكتابة بالنسبة له مثل غريزة الحياة وأنا واثق أنه كان يكتب أثناء لحظة وفاته، وبعد ذلك كنا نتقابل في مكان آخر إلي أن أصبح وجودنا غير مرغوب فيه واقترح أننا نجلس في نادي الدبلوماسيين واتفقنا علي أن نلتقي هناك وبعدها وقع محفوظ في منزله ودخل المستشفي ثم توفي ولم ندخل النادي الدبلوماسي. وفي ندوة بعنوان (أدب محفوظ في إيطاليا تحدث الناقد الأدبي د. يسري عبدالله قائلا يعد نجيب محفوظ قيمة فنية وتاريخية في السرد العربي وكتاب أدب نجيب محفوظ في إيطاليا أفسح مدارات التلقي أمام القارئ الغربي، وقد لعب محفوظ دورا مركزيا في السرد العربي، ونوبل كانت دفعا للتلقي العربي وتأتي فصول الكتاب شاهدة علي ذلك ويتخذ الكتاب رؤية وصفية لا تنحو إلي التحليل إلا نادرا وهو نموذجي في محاولة تخليق مساحات مشتركة بين الطرفين المصري والايطالي وأهم ما يلفتني في الكتاب المثاقفة بما يعني أننا أمام حالة معرفية لا ترفض الآخر أو تنسحق أمامه وهي بالأساس لا تنطلق من أفكار سابقة التجهيز، ويشير دانتي ماريناتشي مقدم الكتاب لحالة من الامتزاج بين الكتاب والأمكنة وهذا يحيلنا للجدل الخلاق مابين النص والمكان ويقول إن محفوظ هو القاهرة والقاهرة هي محفوظ.