من جديد عاد مصطلح "ثورة الغضب" ليطفو علي سطح أحداث الحياة السياسية، دعوة دشنها عدد من النشطاء والسياسيين عبر صفحات موقعي التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، و(تويتر)، للتظاهر سلمياً ضد هيمنة جماعة الإخوان المسلمين، وحزبها السياسي (الحرية والعدالة)، علي مقاليد الأمور في البلاد، وضد تدخلات مكتب الإرشاد، فجأة تحولت التظاهرة السلمية إلي دعوة لثورة غضب ثانية، ثورة غضب ضد نظام لم يكمل أشهرا معدودات في نظام حكمه. بداية الدعوة لثورة الغضب الثانية أطلقها النائب البرلماني السابق محمد أبوحامد، الذي يعد من أوائل الداعين لمليونية يومي 42 و52 أغسطس، حيث أكد أن اختيار اليومين ليس له أي دلالات سياسية، وتم تحديدهما ليكونا عقب الانتهاء من شهر رمضان وإجازة العيد، موضحاً أن التظاهرات ستنطلق للقصر الجمهوري ومقر مكتب الإرشاد بالمقطم للمطالبة بحل جماعة الإخوان المسلمين، وإغلاق جميع مكاتبها وتسليم أموالها للدولة، والتحقيق مع المرشد العام، وأكد أبو حامد أنه لا توجد أي أحزاب مدنية تدعم مليونية 42 أغسطس، ولكنها قوي شعبية وشخصيات عامة من بينها المحامي رجائي عطية، والدكتور يحيي الجمل، والكاتبة لميس جابر. بعده أطلقت صفحة ائتلاف الأغلبية الصامتة علي موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) الدعوة للتظاهر تحت عنوان "إسقاط الإخوان"، وتحدث المسئول عن الصفحة للمشاركين في التظاهرات عبر منشور قائلاً: "شغلوا مخكم اللي عايز يسقط حكم الإخوان يكرر نفس السيناريو بتاع 82 يناير ويتم إتباع نفس النظرية السابقة حرق مقرات الإخوان ومكتب الإرشاد واحتلال تام لكل هذه المكاتب في كل المحافظات لكن تنزلوا تجعجعوا في التحرير وفي المنصة وفي ميدان مش عارف إيه أقولكم أقعدوا في بيوتكم أحسن وفضوها سيرة بقي من العك والهبل اللي بتعملوه ده وخليكم تحت التكييف أحسن". وتحفظت بالفعل غالبية القوي السياسية علي المشاركة في هذه الدعوة، معتبرين أنها انطلقت من مجموعات محسوبة علي النظام السابق، ويدعمها مؤيدو الرئيس المخلوع حسني مبارك، وهو ما رفضه شباب الثورة والقوي السياسية ومن بينها (التيار الثالث)، كما أن بعض القوي السياسية ما زالت تري أن الدعوة للتظاهر الآن هي دعوة مبكرة للغاية، وأن ثلاثة أشهر ليست كافية للحكم علي الدكتور محمد مرسي. ومن الحركات الرافضة للمشاركة في هذه التظاهرات حركات »شباب 6 إبريل، جبهة أحمد ماهر، وكفاية، ورابطة مصابي الثورة، واتحاد شباب الثورة، و82 يناير، وجبهة أنا مصري المستقلة، وثوار، وإمسك فلول، وتحالف ضد العسكر والإخوان، واتحاد الثورة المصرية، ورابطة معتقلي الثورة، والائتلاف الشعبي لأرض اللواء«. صفحة مليونية 24 أغسطس علي موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) أكدت أنه لاعلاقة للمليونية بدعوة النائب محمد أبو حامد أو الإعلامي توفيق عكاشة للتظاهر للمطالبة بإسقاط الرئيس، وحل جماعة الإخوان المسلمين، وشددت الصفحة علي أن دعوتهم للمليونية جاءت احتجاجاً علي تباطؤ الرئيس مرسي في إنجاز مهام منصبه الجديد. وفي أول رد فعل من شباب الإخوان لدعوات التظاهر ضد الجماعة في مليونية 24 أغسطس المقبلة، دشنت صفحة الإخوان المسلمين علي (فيس بوك) دعوة للثورة ضد النظام القديم والإعلام الفاسد والدولة العميقة ودعت للمشاركة في هذه المليونية رغم أن الدعوة لا تزال غير واضحة حتي الآن. وأعلن حمدين صباحي، المرشح السابق لانتخابات رئاسة الجمهورية، عدم مشاركته في مليونية يوم 24 أغسطس، وأشار إلي أن سبب عدم المشاركة في هذه الدعوة أنها ليست سلمية وتهدف للعنف، وحرق مقار حزب الحرية والعدالة، كما أنه يجب إعطاء رئيس الجمهورية فرصته في المائة يوم. الدكتور محمود حسين، الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين، والمتحدث الرسمي لها، أكد أن الدعوات للتظاهر يوم 24 أغسطس ضد الجماعة ليس لها أهمية ولا تستحق الرد عليها، وأشار إلي أن استخدام العنف والتهديد بحرق مقرات الجماعة لا يمثل خطراً علي الجماعة لأن مثل هذه الدعوات تمثل بلطجة ولا يرد عليها إلا بالقانون لأنها تهدد الدولة كلها. من جهته قال صابر أبو الفتوح، رئيس لجنة القوي العاملة بمجلس الشعب المنحل، والقيادي في حزب الحرية والعدالة، إن شباب الإخوان سيتكفلون بحماية مقار الجماعة، وحزبها خلال مليونية 24 أغسطس التي دعا إليها محمد أبو حامد النائب البرلماني السابق. فيما طالب عبدالمنعم عبدالمقصود محامي جماعة الإخوان المسلمين بتوفير حماية أمنية لجميع مقار الجماعة وحزبها درءاً لأي اعتداء قد يقع عليها، وحفاظاً علي هيبة الدولة ومكانتها. ضد التخريب هشام الشال المنسق العام لحركة 24 أغسطس أكد رفض الحركة الشديد للدعوات التي تطالب بحرق مقار الإخوان المسلمين، مشيراً إلي أنه علي رغم اختلاف الحركة مع الإخوان المسلمين فإنهم لن يشاركوا في أي أعمال عنف، وناشد الشال كل الثوار عدم المشاركة في مثل هذه الأعمال. حزب التجمع قرر المشاركة في التظاهرات والوقفات الاحتجاجية يومي 24 و25 أغسطس تحت شعار "لا لدولة المرشد"، ويشكل الحزب لجنة تدرس آلية المشاركة وتعد مشروع بيان لتوزيعه في هذا اليوم والشعارات التي سيتم رفعها، وأدان الحزب بقوة أي دعوات لاستخدام العنف ضد جماعة الإخوان المسلمين وضد مقارهم. وأكد حسين عبدالرازق، نائب رئيس حزب التجمع، أن الحزب له موقف ثابت من جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة منذ البداية، مشيراً إلي أن الإخوان اعتبروا وجودهم في السلطة تفويضاً لهم بهدم الدولة المدنية المصرية التي ناضل الشعب المصري في تأسيسها منذ أيام محمد علي مروراً بثورة19 و52 ووصولاً لثورة 25 يناير. عبدالرازق أشار إلي أن الإخوان لم يعتبروا فوزهم في انتخابات مجلسي الشعب والشوري الأخيرتين وكذلك رئاسة الجمهورية اختياراً من الشعب لتداول السلطة، وإنما اعتبروها فرصة لتأسيس دولة دينية أو إخوانية أو دولة للمرشد، وقال عبدالرازق: "لابد من التصدي لحكم الإخوان في هذا المفهوم ولكن ليس باستخدام العنف والانصياع وراء عمليات التحريض ضدهم". كما أعلن حزب مصر القومي نيته للمشاركة في مليونية يوم 24 أغسطس من الشهر الحالي، وأكد الحزب ضرورة الحفاظ علي سلمية التظاهرات، ورفضهم لأي عمل تخريبي سواء من قبل الموافقين علي هذه التحركات أو رافضيها، وأوضح الحزب أن أسباب مشاركته في تلك المليونية المتمثلة في اتخاذ الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية للكثير من القرارات التي تصب في صالح جماعة الإخوان المسلمين. من جانبه قال الدكتور شوقي السيد، الفقيه الدستوري، إن هناك فرقاً دقيقاً ومهماً بين حرية الرأي وحرية التعبير والنقد وهذه حقوق من الحقوق الأساسية الدستورية المرتبطة بحقوق الإنسان في التعبير والنقد مهما كان لاذعاً وبين القذف والسب والتحريض وتعريض مصالح الدولة العليا والمواطنين للخطر فالدعوة لمليونية 24 أغسطس إذا وقفت عند حد التعبير الجماهيري الجماعي الجامح للتعبير عن سخطها ضد سياسة وإدارة شئون البلاد سواء كانت بمعرفة الرئيس أو الحكومة لو كانت خضوعاً لحزب الحرية والعدالة أو جماعة الإخوان المسلمين فهذا حق الرأي العام في التعبير بشرط ألا ينقلب إلي الإضرار بمصالح الدولة، وتعريض مصالح المواطنين للخطر وقطع الطرق أو التهديد والتحريض. خروج علي القانون بينما قال المستشار أحمد الخطيب، رئيس محكمة استئناف الإسكندرية، إن هذه الدعوات تنطوي علي قدر كبير من الخروج علي السياق القانوني والانحراف عن المسار الديمقراطي فينبغي أن نفرق أولاً بين حق التظاهر السلمي، والاعتراض، والتعبير عن الرأي والمطالبة بتصحيح الأوضاع السياسية، وهذا حق مكفول دستورياً وقانونياً، أما الشق الثاني فهي دعوات للحرق والتخريب والانقلاب علي الشرعية في أمور مخالفة للقانون تدخل دائرة التجريم وتخضع للعقاب الجنائي لفاعلها ويستوي معه أيضا كل من اشترك فيها بنشر هذه الدعوات التحريضية والدعوة لقيام هذه الأعمال والاتفاق والمساعدة والإمداد بالأدوات اللازمة لذلك.