الموت أسهل من الحياة.. عندما تضيق الدنيا ويصبح الوطن حجرة مظلمة فيزحف اليأس ليتحول إلي أفعي رقطاء تسمم الوجود، الوجوه المفترسة، المتأهبة دوما لنهش الحرية، اقتناص الفرص، تضليل الوعي، والتهام فتات الحرية المتبقي من النظام البائد لزوم التبرج وترويج الصورة الزائفة للعالم الخارجي. الموت أسهل من الحياة عندما تصبح الأحلام عصية، قصية، مستحيلة.. الموت أسهل من الحياة عندما يتدثر المتعطشون لشهوة الدماء بعباءة العقيدة.. الموت أسهل من الحياة المخضبة بشهداء سيناء فمن تصقيع سيناء إلي تفجيرها، فلقد قام بتصقيعها البائد، لمن تراوده نفسه للانقضاض عليها أو صاحب النصيب!، وآن أوان الذبح والتفجير أو الحصاد مع تفعيل الدولة الدينية التي غرس بذورها المخلوع، واليوم هو الحصاد الدامي. وهاهو الدستور الطائفي يحاك والالتفاف والمراوغة فضيلة جديدة، فالمهم تحقيق الغاية!! أما أغلبية النخبة أو حزب (الشلتة) والغرف المكيفة بالكهرباء النفيسة الذاهبة إلي غزة الشقيقة، الحبيبة، وأكرر مثلا من أمثلتنا الشعبية (اللي يعوزه البيت يحرم علي الجامع) فلا شيء يهم! أما هؤلاء حزب (الشلتة) وليس (الكنبة) لأنهم أبرياء، فيتم تضليلهم وتغييب وعيهم وهم غير مسيسين، ولكن العار علي من ينتظرون المكاسب ومن كانوا يعارضون النظام الفاسد، البائد لأسباب ومصالح شخصية، فلم تكن ضالتهم أبدا الحرية، العدالة الاجتماعية والمواطنة فالأيام النافقة، الكالحة، العجاف أظهرت كل القامات علي حقيقتها ودمامتها وانتهازيتها. وأقول لهم لن يفلت أحد منكم من دفع الثمن الباهظ لبيع الوطن والهوية المصرية وسوف تحظون بالمكان اللائق في مخلفات التاريخ كنقطة عار سوداء ومن هللوا ووسوسوا بفتح المعابر والأنفاق، من احتلوا الفضائيات بالوشاح الفلسطيني لزوم الاتجار والاسترزاق بالقضية وصفعوا الشعب المصري بألم من رصاص وتصدروا المشهد في كل نكبة ونكسة عصفت بحمال الأسية أو هذا الشعب المكلوم، المحتل بالتضليل، الجهل المقدس والفساد المزمن، إلي هؤلاء الذين أدمنوا النضال بزجاجة الكركديه!! ودغدغة مشاعر العوام، العرابون، المنبطحون، المهرولون، من احترفوا دوما الشراكة والتلمظ بالغنائم علي جثة هذا الشعب حمال الأسية وأقول اتقوا شر الحليم إذا ثار. يقول نجيب محفوظ: (بت أعتقد أن الناس أوغاد لا أخلاق لهم، وأنه من الخير لهم أن يعترفوا بذلك، وأن يقيموا حياتهم المشتركة علي دعامة من ذلك الاعتراف، وعلي ذلك تصبح المشكلة الأخلاقية الجديدة هي: كيف تكفل الصالح العام والسعادة البشرية في مجتمع من الأوغاد والسفلة؟! أنا من هذا الشعب المقهور، الحزين.. حمالة الأسية أحاول الهروب من الحاضر، من المجهول وأيضا الهروب من الداعية الدرامي بلال فضل!! سألوذ بذكريات سنوات طفولتي الأولي.. رمضان الأيام الخوالي، أذان المغرب يتهادي مع خفوت شمس المغيب الحمراء يقترن بصوت له رنين آت من الجنة الشيخ رفعت لا الأصوات الخليجية منزوعة الملاحة الوافدة هذه الأيام وفي انتظار المؤذن الصيني!! مع الفانوس الصيني.. الصمت المقدس يعم، الطعام أشبه بالصلاة استمع إلي صوت الصمت فهو يطربني، أهجر السفرة حيث جدتي، أبي، أمي وأخي فالأجواء أقرب إلي الاستشراق أعبر الأوفيس وأدلف إلي المطبخ، هنا أشعر بالألق الرمضاني.. بهجة الاحتفاء، أسطي حسن الطاهي مفعم بالهيبة يبدو كعمدة فر من دواره، ألماظة المربية ليست محجبة ولا منتقبة شعرها جامح وروحها طيبة. الراديو يبث صوتا أنثويا يسحرني يحكي عن حمال الأسية، عرفت فيما بعد عندما نضجت قليلا أنها زوزو نبيل شهر زاد وعرفت من هو حمال الأسية!!