مرة أخري أعاود السفر إلي أنحاء الدنيا ..لكن هذه المرة إلي.. مكان بعيد.. بعيد.. في آخر الدنيا.. فليس للسفر نهاية ولا لمتع الدنيا من ناحية السفر غاية إلا أن نري ما لا نعرفه - وأن نعيش ما لم نتمتع به.. نعم قدمت إلي كندا من قبل. وكندا هي الأرض العريضة التي تحتل شمال القارة الأمريكية كلها وتضيف إليها شرقا وتضيف اليها غربا أيضا.. تمتد علي آلاف الكيلو مترات من الأرض تمتد - قد تقول: بلا نهاية.. سبحان الله.. ووجهتي وأن نري ونشهد من آيات الله الشيء الكثير. هذه المرة إلي مكان بعيد.. بعيد.. يقال له كالجاري في أقصي الغرب لكنه ليس آخر بقعة فيه - ملقاة هناك - في مكان ما - حسبته في البداية كما يقولون: in the middle of nowhere -وعندما وصلت إليه وجدته مليئا بخلق الله - حياة - ومدن - وأراض خضراء ومساحات شاسعة وحياة وعمل و إنتاج لا حصر له، ومواصلات ومحلات.. كل شيء.. حتي الإسلام موجود علي أرضه. نعم - فقد جاء يوم الجمعة وسألت: أين نصلي؟ فقالوا: الأماكن كثيرة ولكن قد تحب أن تذهب إلي مكان قريب - هنا في شمال غرب المدينة جامع قريب أو مركز إسلامي قريب يصلي المسلمون فيه، وذهبت - كما ذهبوا - ورأيت كما رأوا: آلاف المسلمين يتجهون - يدخلون - وتتقدم الصفوف واحدة بواحدة - حتي لم يعد هناك مكان - وقال الإمام وسط خطبته: تقدموا - وقصروا المسافات - بتشديد الصاد- وانتهت الخطبة - وأقيمت الصلاة - وبدأنا نخرج وكلنا نتصافح - مسلمون من كل مكان - أصافح مصريين ولبنانيين وباكستانيين وهنودا - وعراقيين وسوريين من كل أنحاء الأرض حتي من أبناء كندا أيضا، وفي طريق العودة سألت: كل هذا العدد؟ قالوا: أكثر ولكنهم منتشرون في مساجد كالجاري، سألت مرة أخري، وكم يبلغ عددهم؟ قالوا هنا في مدينة كالجاري وحدها يزيدون علي خمسين ألفا - قلت سبحان الله الذي بعث بالإسلام إلي هذا المكان. هذا المكان نعم لأنه في مكان لا يحيط به شيء إلا الثلوج علي امتداد عشرة أشهر من شهور السنة الكل يعيش وسط الثلوج يعيش معها ويقاومها وينتصر عليها بالعمل. يعيش معها حتي إذا ذابت في فترات الصيف البسيطة فإنه يصنع من أرضه وحياته أجمل ما يتصوره الإنسان .. وقد مشيت وأمشي معكم بعض ما رأيته وعايشته، ولكنني أردت فقط أن أقول: لا ليست هذه نهاية الدنيا -- فالحديث يتصل.