دائما ما تدفع البورصة المصرية ثمن التوترات والأحداث السياسية التي أصبحت المحرك الرئيسي للسوق..بجانب الشائعات التي تزيد من المخاوف من قبل المستثمرين "المؤسسات قبل الأفراد"الذين يهرعون إلي البيع بكميات كبيرة وتصفية محافظهم المالية تأمينا لأموالهم.. فكل العوامل اجتمعت الأسبوع الماضي للتأثير علي البورصة المصرية بدءا بالإعلان الدستوري المكمل،ثم المؤشرات الأولية التي أطلقها المرشحان لنتائج الانتخابات الرئاسية..ثم زادت الأمور حدة وتوتراً بعد تأجيل إعلان اسم الرئيس وتقديم الطعون من جانب كلا المرشحين..وعودة المليونيات بميدان التحرير..مما أصاب المستثمر بحالة من الإحباط والخوف واللجوء إلي بيع الأسهم بكثافة لينخفض السوق حوالي 10٪ لكنه ارتفع مع إعلان فوز مرسي بالرئاسة! ساد التراجع مؤشرا ت البورصة المصرية خلال الأسبوع الثالث من يونيو بعد سلسلة من الأحداث السياسية التي أصبحت المحرك الرئيسي للسوق..فالبورصة المصرية ستظل تدفع ثمن التوترات السياسية ،وذلك لكونها استفتاء يوميا مدفوع الأجر علي الأحداث، فمع التوترات تزداد المخاوف ويهرع المستثمرون علي البيع ليخرجوا بأموالهم، ومع عودة الاستقرار يضخوا المزيد من السيولة مرة أخري. إن الوضع الحالي كما يري وائل عنبة خبير أسواق المال و رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة الأوائل لإدارة المحافظ يعكس عدم التوافق الشعبي علي شخصية الرئيس وهو الأمر الذي وضح منذ المرحلة الأولي للانتخابات الرئاسية حيث انخفضت السوق لمدة أسبوع، إلا ان هذه المرة الانخفاض كان أكبر من قبل. إن المؤسسات أصبحت أكثر وعيا من الأفراد حيث تجاوزت نسبة انخفاض المؤشر الرئيسي "إيجي اكس 30 " مؤشر "إيجي اكس 70 " حيث بلغت نسبة خسائر الأول 9 ٪ في حين بلغت خسائر الثاني حوالي 4 ٪ ويرجع ذلك إلي أن هيكل تعاملات المؤسسات الأجنبية التي تخرج بعنف من السوق نظرا للظروف الحالية يتركز علي المؤشر الرئيسي ، في المقابل هيكل تعاملات المستثمرين العرب الذين حققوا هذا الأسبوع صافي شراء يتركز علي أسهم الأفراد. كما أن تخفيض التصنيف الائتماني لمصر أثر سلبا علي الرؤية المستقبلية للبورصة مما انعكس بالسالب علي أسعار الأسهم في لندن وبالتالي في مصر..وكانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني خفضت تصنيفها للديون السيادية لمصر درجة واحدة إلي B-PLUS من BB-minus مشيرة إلي تصاعد الأزمة السياسية في البلاد بعد قرار المحكمة الدستورية العليا إبطال الانتخابات البرلمانية. وقال لقد أوشكنا علي الخروج من النفق، وطالب الرئيس القادم بالإسراع في تشكيل حكومة ونواب توافقيين، لكسب من لم يتوافقوا علي اختياره بجهاز يعاونه به أسماء ذات ثقل وتحترمها كافة فئات الشعب وفي هذه الحالة ستعود البورصة مرة أخري للصعود. ومن جانبه قال عيسي فتحي نائب رئيس شعبة الأوراق المالية باتحاد الغرف التجارية إن المؤشر الرئيسي للبورصة فقد نحو 10 ٪ وخسرت السوق نحو 18 مليار جنيه خلال الأسبوع الماضي نتيجة للأوضاع السياسية التي أصبحت المحرك الرئيسي للاقتصاد والبورصة، وزادت الأمور سوءا مع تأجيل نتيجة الانتخابات السياسية التي أعطت نوعا من الغموض وزادت حالة الضبابية وخلقت سيناريوهات صداميه لما سيحدث بعد إعلان النتيجة أيا كان الفائز بكرسي الرئاسة. إن الثورة كانت تهدف لتطهير الفساد والإصلاح والنمو وهذا لم يتحقق.. فبعد 18 شهرا ازداد تدهور الأوضاع الاقتصادية ، وضربت السياحة في مقتل و ارتفعت نسبة البطالة، والأمن مازال مهزوزا، وذلك نظرا لأن القوي السياسية لم تلتفت لمصلحة البلاد وإنما لمصلحتها الخاصة فقط. إن ما يحدث في البورصة المصرية يعكس حالة اللامبالاة والاستهتار الاقتصادي من قبل جميع القوي السياسية، الذين يتعاملون مع البورصة كأنها "زوائد الاقتصاد"، بالرغم أن أسواق المال في جميع دول العالم المتقدم تعد استفتاء يوميا علي السياسات الاقتصادية التي تمارس في البلاد، والنشاط الاقتصادي لها، فإذا هبطت سوق المال ينظر المسئولون عن أسباب التراجع إذا كانت قرارات اقتصادية كأسعار الفائدة أو غيرها فيبحث تعديلها من هنا تنبع أهمية البورصة التي تعد جهازا لكشف الحقيقية هل السياسات الاقتصادية علي صواب أم خطأ. وتعتبر مبيعات الأجانب ظاهرة متكررة منذ شهر فبراير، لأن الأجانب أغلبهم مؤسسات وقراراتها مركزية وينتظرون استقرار الأوضاع حتي يدخلون بقوة، إلا أن اللافت للنظر خلال هذا الأسبوع هو إحجام التداولات المتدنية علي مستوي الأسهم التي لم تصل إلي 300 مليون جنيه، بالرغم من الانخفاض الكبير علي مستوي المؤشرات. وحذر محسن عادل الخبير المالي ونائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار المستثمرين من الانسياق وراء الشائعات والتهييج الإعلامي الذي يطلقه البعض عبر القنوات الفضائية ومنها أن هناك حربا أهلية وما إلي ذلك، لأنه يؤثر بالسلب علي الاستثمار ونصح بالدراسة المتأنية للمؤشرات الاقتصادية وقراءة ميزانيات الشركات. لأن الانسياق وراء الشائعات يكبد المستثمرين خسائر لا داعي لها مطالبا المستثمرين بالرجوع إلي الافصاحات المتعلقة بأي شائعة قبل اتخاذ أي قرارات.. وقال إن السوق المصرية عادة ما تحظي بشائعات كثيرة في فترات التوتر..كما أن الوضع بالنسبة لقواعد الإفصاح يستلزم إعادة النظر بشكل أكثر عمقا لأن الإفصاحات الشكلية في العديد من الأمور تتسبب في ضرر بالغ لمساهمي البورصة وهو ما يستلزم إعادة صياغة منظومة إفصاحية أكثر عمقا بحيث تضمن مصالح المتعاملين في سوق المال من خلال تحديد دقيق لماهية الحدث الجوهري خاصة أن بعض الشركات تتحجج بأن الحدث ليس جوهريا للتأخر في الإعلان عنه.. وعلي المستثمرين أن يلتفتوا إلي الأساسيات الاقتصادية والمالية والاستثمارية حيث يفترض أن يعكس أداء السوق الأداء المالي للشركات وتصنيفها الائتماني والفوائض المالية التي تتميز بها ميزانيتها وبما يتماشي مع متغيرات الوضع الاقتصادي والسياسي المصري خلال هذه المرحلة.