احتجاز المحامي أحمد الجيزاوي في مطار جدة أحدثت توترا حادا في العلاقات المصرية السعودية خاصة بعد الاحتجاجات أمام السفارة السعودية بالقاهرة والتجاوزات اللفظية من بعض المحتجين ثم استدعاء السفير السعودي للتشاور وإغلاق القنصليات بمصر وهي أزمة عابرة يمكن احتواؤها مع عمق علاقات البلدين. مشكلة الجيزاوي بدأت عندما سافر يوم الثلاثاء 18 إبريل إلي السعودية للعمرة واستوقفته السلطات السعودية في المطار واحتجزته بتهمة إهانة الذات الملكية كما قيل في بداية الأمر ثم نفي السفير السعودي بالقاهرة تلك التهمة وأكد أنه ضبط معه مواد مخدرة للاتجار بها داخل المملكة. القصور الدبلوماسي المصري كان حاضرا وبقوة في تلك القضية فلم يكن هناك اي تصريح من وزير الخارجية المصري في هذا الشأن إلي أن قررت المملكة العربية السعودية إغلاق سفارتها بالقاهرة وقنصلياتها في كل من الإسكندرية والسويس واستدعت السفير أحمد القطان إليها للتشاور معه بعد ما حدث من المصريين أمام السفارة السعودية من مظاهرات. ومن جانبه وصف الدكتور مصطفي علوي أستاذ النظم السياسية بجامعة القاهرة قرار استدعاء السفير السعودي بأنه خطوة احتجاجية للتشاور وليس معناه قطع العلاقات ، وأشار إلي أن ما يحدث الآن ليس قصة مواطن تم احتجازه ولكن جزء من الحساسية المفرطة من الدول الأقل ثورية.. وانتقد ما تردد من شائعات عبر وسائل الإعلام عقب قضية المحامي المصري أحمد الجيزاوي الذي تم اعتقاله بالسعودية بالمطار أثناء زيارته لأداء مناسك العمرة وتصريحات السفير المصري بالسعودية التي استفزت البعض، وقال إن السفارة المصرية في السعودية ساهمت في إشعال الموقف نظرا للبطء في سرعة حماية مواطنيها. وأكد الدكتور علوي إن مسألة قطع العلاقات بين مصر والسعودية لم تحدث طوال تاريخ البلدين حتي في عهد عبدالناصر كانت العلاقات بين البلدين أسوأ بكثير ولم تنقطع العلاقة مشيرا الي أن ما نشهده الآن نوع من التوتر بين البلدين. وتوقع أن يواجه الرئيس المصري القادم أزمات مع الدول العربية المحيطة الأقل ثورية. وقال الدكتور عبدالحميد الأطرش عضو مجمع البحوث الإسلامية إن الأمر فيه غموض شديد، منذ بدايته، وفيه لبس عند الإعلام، لأنه كثيرا ما سمعنا أن هذا الشاب متورط في بعض القضايا ومنها واحدة ضد الملك، فالإعلام ساعد في هذه الفتنة بين مصر والسعودية، والحقيقة غائبة، والمفروض أن الدولة تبين الحقائق كاملة في هذا الموضوع، مشيرا إلي أن الاقتصاد سيتأثر والموضوع فيه يد أجنبية مستفيدة من تدهور العلاقات إلي هذا الحد. وأضاف أن جميع الأديان تعيش في السعودية في إخاء وعدل تام، ولا يوجد فيها لا كلمة مواطنة أو غيرها، فالكل أمام القانون سواء، والقضاء عندهم بالكتاب والسنة وإجماع الأئمة، فهم لا يفرطون في حكم إسلامي، أيا كان مصدر من أتي بالفعل، لأنهم ينفذون العدالة حتي علي الأمراء أنفسهم، وهناك صلة بين حكام السعودية والعالم الإسلامي. ومن جانبه توقع الدكتور عمرو هاشم ربيع الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن تنهي وزارة الخارجية المصرية والمشير حسين طنطاوي تلك الأزمة سريعا مشيرا إلي أنه في الوقت الحالي تجري اتصالات علي مستوي الطرفين لمحاولة الوصول الي حل للأزمة الراهنة. وأضاف إن ماحدث نتيجة لتهاون الخارجية المصرية والسفارة المصرية في السعودية واللتان تركتا الأمور تتدهور الي ماوصلت إليه مشيرا الي أن المصريين من حقهم الاحتجاج ولكن من واجبهم أن يحترموا القضاء السعودي والذي سيقول كلمته في الموضوع . وأوضح أنه كان يجب علي الدبلوماسية المصرية أن تعبر عن موقفها بخصوص مايحدث في الشارع ولكن تركنا الشارع يتصرف في ظل معلومات محدودة فكانت النتيجة الرد القاسي من السعودية. وكانت بداية هذه التوترات بين البلدين حسبما أكد صلاح خليل سلام، أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية الآداب جامعة حلوان في عهد الزعيم جمال عبد الناصر، بسبب الخلاف الذي حدث نتيجة حرب اليمن، في 26 سبتمبر 1962 أرسل الرئيس عبد الناصر، القوات المسلحة المصرية إلي اليمن لدعم الثورة اليمنية التي قامت علي غرار الثورة المصرية، وأيدت السعودية الإمام اليمني المخلوع، خوفا من امتداد الثورة إليها، وهو ما أدي إلي توتر العلاقات المصرية السعودية، إلي أن انتهت بالصلح بين ناصر والملك فيصل في مؤتمر الخرطوم، بعد نكسة 67 عندما ساهمت السعودية في نقل الجيش المصري من اليمن. وأضاف واستمرت فيما بعد العلاقات المستقرة بين البلدين خلال عهد عبد الناصر، وفي بداية عهد الرئيس أنور السادات، وصلت العلاقات إلي أزهي صورها خاصة بعد الدور الذي قامت به السعودية، خلال حرب أكتوبر، إلا أنه فيما بعد جاءت اتفاقية كامب ديفيد لتعصف بهذا الاستقرار بين البلدين، حيث قررت السعودية في 23 / 4 / 79 قطع العلاقات الدبلوماسية مع مصر. وجاء في قرار مجلس الوزراء السعودي، أنه نظرا لأن حكومة مصر العربية، قد قبلت وعزمت علي تبادل التمثيل الدبلوماسي مع العدو الصهيوني، وبدأت في إنشاء علاقات طبيعية معه دون مراعاة الحد الأدني من المطالب التي تتطلع الأمة العربية من خلالها إلي تحقيق السلام العادل والشامل، فإن المملكة السعودية قررت قطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع جمهورية مصر العربية. وأوضح أنه في المقابل شن الرئيس أنور السادات، هجوما علي حكام السعودية، مؤكدا أن موقف السعودية من حملة قطع العلاقات يعود إلي الاحتجاج علي أمريكا، لأنها تخلت عن شاه إيران ويمكن أن تتخلي عنهم، وإثبات زعامة لا يستطيعون تحمل مسئولياتها أمام العالم العربي. وهذا الصدع الدبلوماسي بين أكبر قوتين في المنطقة يعد الأسوأ منذ عام 1979 حينما قطعت الدول العربية علاقاتها الدبلوماسية مع مصر بعد توقيعها اتفاق السلام مع إسرائيل، وتم إعادتها عام 1987.