مشروع قطار الحرمين السريع واجهة حضارية للمملكة العربية السعودية، إذ يعتبر من أضخم مشاريع النقل العام في الشرق الأوسط، ويمتد بطول 450 كيلو مترا، ويربط بين المدينتين المقدستين »مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة» مرورا بجدة ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية، لخدمة حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين والمواطنين والمقيمين، ويقطع المسافة بينهما بسرعة 300 كيلو متر في الساعة، ويستوعب 60 مليون راكب سنويا.. »آخر ساعة» عاشت تجربة هذا المشروع الجديد الذي تم افتتاحه منذ شهور قليلة، وسجلت آراء عدد من الشخصيات العامة لتقييم هذه الخدمة الأولي من نوعها لضيوف الرحمن بين الحرمين الشريفين. في 11 أكتوبر من العام الماضي انطلقت أولي رحلات قطار الحرمين السريع من المدينةالمنورة إلي مكةالمكرمة، مرورا بمدينة الملك عبدالله الاقتصادية في »رابغ» وصولا إلي مدينة »جدة»، وحملت 417 راكبا، وتم حجزها بالكامل، فيما تزامنت نفس الرحلة مع انطلاق آخر مماثل للقطار في الاتجاه المعاكس من مكة إلي المدينة ومرت بمحطتي القطار بجدة ورابغ وتقل العدد نفسه من الركاب. الإقبال علي الحجز شديد جدا، و»المحظوظ» من ينجح في الحصول علي تذكرة ومقعد. الدكتور رميح الرميح »الرئيس العام المكلف للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية أوضح أنه ستتم في المستقبل القريب زيادة عدد الرحلات اليومية التدريجية ليشمل جميع أيام الأسبوع بدلاً من 4 أيام فقط، وبالتالي سيقل الزحام، بالإضافة إلي أن زمن الرحلات سيتناقص تدريجيا ليصل إلي ساعتين بين مكةوالمدينة للرحلات المباشرة، ولساعتين و20 دقيقة بين مكةوالمدينة في الرحلات التي يتخللها توقف في محطة »جدة» ومحطة مدينة الملك عبدالله الاقتصادية. وبسبب إطلاق تطبيق خاص بالقطار مخصص للراغبين بشراء التذاكر عبر الأجهزة الذكية وتحديد موقع محدد، فإن القطار كان محجوزاً طوال شهر رمضان. وتسيير القطار يتم الآن بواقع 8 رحلات في اليوم الواحد »4 رحلات في كل اتجاه»، أما المحطة الخامسة »مطار الملك عبدالعزيز» فلم يتم تشغيلها حتي الآن بسبب عدم الانتهاء من اكتمال تجهيزها، ولكن بدأ العدد التنازلي لافتتاحها، وستعد نقلة نوعية في هذه الخدمة الجديدة، لأنها ستوفر الزمن والمال للحاج أو المعتمر، فبمجرد خروجه من المطار يستطيع أن يستقل القطار إلي مكةالمكرمة أو المدينةالمنورة بسعر محدد وزمن محدد، وتنتهي المشكلة الحالية في استغلال الحجاج والمعتمرين من أصحاب التاكسيات الذين يدخلون في مساومات متعبة والمغالاة في الأجرة التي يتضاعف سعرها في المواسم، لأن جميع التاكسيات هنا لا تعمل بالعداد، بل تخضع للفصال والاستغلال والمساومة!!! أما عن أسعار التذاكر، فهناك درجتان، السياحة »الضيافة»، من مكةالمكرمة للمدينة المنورة 150 ريالا، ومن مكةلجدة 40 ريالا ومن المدينةلجدة 126 ريالا، ومن جدة للمدينة الاقتصادية »رابغ» 46 ريالا.. أما درجة رجال الأعمال ، فمن مكة للمدينة 250 ريالا، ومن مكةلجدة 50 ريالا، ومن المدينةلجدة 210 ريالات، ومن جدة لرابغ 66 ريالا سعوديا.. بالنسبة لمحطات القطار الخمس، تقع محطة مكةالمكرمة علي المدخل الرئيسي للمدينة في حي »الرصيفة» علي مساحة تزيد علي 503 آلاف متر، وتبعد عن الحرم المكي بحوالي 4 كيلو مترات، وتحتضن 10 مسارات للقطار وتستوعب 20 ألف مسافر في الساعة! ومحطة المدينةالمنورة تقع علي مدخل المدينة بامتداد طريق الملك عبدالعزيز، وتبعد عن الحرم النبوي 9 كيلو مترات، و13 كيلو مترا عن المطار، وتحتضن مركزا حديثا للنقل بالأجرة والحافلات »الاتوبيسات» من وإلي الحرم، وتستوعب 4 آلاف مسافر في الساعة، وتحتضن 6 مسارات للقطار، ومساحتها 268 ألف متر مربع.. بالنسبة لمحطة »جدة» فتقع علي طريق الحرمين السريع وتحتضن 8 مسارات للقطار، والقدرة الاستيعابية 25 ألف مسافر في الساعة، ومساحتها 766 ألف متر مربع.. وأما محطة الملك عبدالله الاقتصادية، فهي قريبة من طريق المدينة الجديد، وتستوعب 8 آلاف مسافر في الساعة، وبها 6 مسارات للقطار، ومساحتها 79365 مترا مربعا. والأخيرة: محطة قطار الملك عبدالعزيز بجدة: فاتصالها المباشر بالمطار تسهيلا لخدمة زوار الحرمين الشريفين القاصدين مكةالمكرمة أو المدينةالمنورة، وتضم المحطة 6 مسارات للقطار، لكن لم يتم افتتاحها حتي كتابة هذه السطور.. وبعد أن أعطي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إشارة بدء تشغيل قطار الحرمين في أكتوبر الماضي، فإن هذا المشروع يعد إنجازا جديدا في حركة تطوير السعودية، ويخفف حدة الزحام بين مكةوالمدينة، وهكذا كانت تصريحات المفكر السعودي الدكتور يوسف الفقي »مستشار وزير الحج والعمرة» إذ ينقل بمتوسط 20 ألف راكب في الساعة، ويعتبر هذا المشروع في رأيه هدية من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لضيوف الرحمن، إذ حظي بدعمهما اللا محدود بهدف تسهيل التنقل بين العاصمتين المقدستين لحجاج بيت الله الحرام وزوار المسجد النبوي الشريف، وللأهمية التي يشكلها هذا المشروع الهام . في حين يؤكد رجل الاقتصاد الشيخ أسامة النجار أهمية مشروع قطار الحرمين، ليس لخدمة ضيوف الرحمن فقط، بل لإسهامه في النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، إذ تبلغ الطاقة الاستيعابية 60 مليون راكب سنويا، وينقل 20 ألف راكب في الساعة، وخاصة أن كثيرا من المواد المستخدمة »كما قرأت» في هذا المشروع الضخم مصنعة محليا في مصانع قائمة بجدة والرياض وحائل. يتم تشغيل 35 قطارا بسعة 47 مقعدا للقطار الواحد، ومجهز بأفضل وسائل الراحة وفق أحدث نظم النقل العالمية، ويعتبر مشروع قطار الحرمين ضرورة ملحة، في الوقت الحاضر لعدة اعتبارات أهمها تنامي عدد الحجاج والمعتمرين عاما بعد عام، فضلا عن المعتمرين والزوار والمقيمين الذين يفدون إلي مكةوالمدينة طوال شهور السنة، وفي مواسم العطلات والإجازات، وهو أضخم مشروع نقل عام في الشرق الأوسط بخبرة أسبانية.. وعدد العاملين فيه 5 آلاف موظف وعامل معظمهم سعوديون، ومنهم من خضع لتدريبات متقدمة في أسبانيا »خاصة المهندسين والسائقين»، وشهد المشروع طيلة الفترة الماضية تنفيذ 138 جسرا، و850 عبارة تصريف مياه للأمطار والسيول، بالإضافة إلي أكثر من 60 مليون متر مكعب من أعمال الحفر، و63 مليون متر مكعب من القطع الصخري والردم! القطار حاليا يقطع المسافة بين المدينةالمنورةومكةالمكرمة في 3 ساعات بسبب توقفه في جدة ورابغ، لكن كما علمت سيتم تشغيل قطارات مباشرة »قريبا» لتقطع المسافة في ساعتين فقط بدلا من ثلاث والمحطات آية في الفن والنظافة ووسائل الراحة!