فى المدىنة فىلم فرنسى إخراج فالىرى مىرجان وبطولة لولا كرىتون لك الله يا مصر.. في هذه الأيام الفارقة لانملك إلا الدعاء.. لهذا البلد ليصبح آمنا.. هذا البلد الذي لم يعرف أنا وأمثالي ملايين بديلا عنه.. أو وطنا غيره، مهما كان الترحال والتجوال في بلدان العالم.. فقد سكن فينا.. وسكنا إليه.. حملنا في رحمه طوال حياتنا.. وحملناه في قلوبنا وعقولنا.. كان دوما وطنا نتيه به علي العالم .. وللأسف اليوم تحول هذا الحب الكبير إلي خوف شديد وذعر أشد، بعد أن بات مستباحا من كل القوي الصالحة وغير الصالحة.. مدنية كانت أو عسكرية أو دينية.. وكأنه لعبة يتقاذفها ويشوطها الجميع المهم (الشاطر) أن يكون هناك (جول) أو هدف واضح هو الوصول للسلطة.. ولعن الله هذه السلطة التي كانت.. ومازالت.. وستظل تستبيح دم البعض وتحقق مصالح البعض الآخر.. لتمزق اجتماعيا.. ودينيا نسيجا وطنيا.. فلك الله يا مصر.. ولتسامحينا عما نفعله بك. ولذا فإن أعظم قصص الحب في العالم ماكانت للأوطان.. ربما لهذه الأسباب ولأن المشاعر نحو الوطن مهما تغير اسمه تكون واحدة .. فقد وقع الجميع في حب فيلم تسجيلي بسيط (رحلة إلي إيطاليا) للمخرج البلجيكي (دومينيك لوروا) عن فكرة لحلم جميل تحول إلي رؤية واقعية لأشهر إيطالي يعيش في مدينة مونز (ريناتو كاراتي) والجالية الإيطالية في بلجيكا تعود جذورها إلي سنوات ماقبل الحرب العالمية الأولي .. حيث جاء العديد من أبنائها ليعملوا في المناجم ويستخرجوا الثروات.. وقد عاشوا في ظروف اقتصادية شديدة الصعوبة.. لم يضاهها سوي مناخ قاس وهم الذين جاءوا من الجنوب إلي الشمال ذي الصقيع الذي لايرحم. المهم عاش هؤلاء المهاجرون الأوائل في هذا الوطن البديل لكنهم لم ينسوا أبدا (إيطاليا) الوطن الأم.. احترموا قواعد وقوانين الوطن الجديد وامتثلوا إليها حيث كانت الحدود مازالت قائمة، ولم يكن هناك (تأشيرة الشينجن) ولا (اليورو) العملة الموحدة. الحياة في الغربة كانت علي الطريقة الإيطالية .. أسلوبا ومعايشة.. وعادات وتقاليد.. فالإيطاليون يقدسون العائلة الصغيرة أو الكبيرة.. صغيرة كانت وبسيطة أو كبيرة ومعقدة وخطيرة كالمافيا.. المهم روح العائلة.. والمواطنة.. وبمرور الوقت كبرت الجالية الإيطالية.. وتأصلت وتواصلت جذورها لتصبح أهم وأكبر جالية في بلجيكا.. وليصبح واحد من مشاهير أبنائها ومن مدينة مونز بالتحديد رئيس وزرائها (إيليو دي ريبيو). والجالية الإيطالية شديدة الترابط يساعد بعضهم الآخر.. وقد حققوا نجاحا ملموسا في شتي المجالات الاقتصادية .. وأثروا الاقتصاد البلجيكي بصورة كبيرة.. دون أن ينسوا أصولهم ويعيشوا في الغربة لوجاز التعبير هم وأبناؤهم وأحفادهم الحياة علي الطريقة الإيطالية.. حريصون علي التواصل مع ذويهم في الجنوب عبر زيارات دائمة. وفي هذا الفيلم الجميل الذي كان يستحق أن يطلق عليه رحلة حب استطاع ريناتو كاراتي واحد من أشهر الطهاة في أوروبا .. وصاحب أشهر مطعم إيطالي في (مونز) أن يقدم لنا صورة نجاح وكفاح لتاريخ عائلات إيطالية شهيرة سواء في صناعة الجبن .. أو النبيذ.. أو بعض مواد التربة الخام.. كل ذلك من خلال مشوار حياة يعود فيها عبر رحلة بالسيارة إلي بلاده مستعرضا المناطق التي عاش فيها الجيل الأول قبل مجيئه.. ولقاء التواصل مع الأهالي من ابناء العمومة أو الخالة الذين مازالوا في الوطن. كل ذلك وهو يستعرض لنا (الجبن) و(النبيذ) و(البيتزا) مركزا علي (الزيتون) .. وزيت الزيتون الشهير عالميا دون أن ينسي المعمار في القرون الماضية.. وكل الحضارة الرومانية القديمة.. مع استعراض لجمال الطبيعة.. والطقس الدافئ في الجنوب الذي لايضاهيه سوي دفء العلاقات الإنسانية والأسرية. إن التكاتف الشديد الذي تعيش به .. وعليه الجالية الإيطالية، كان من أولي ثماره النجاح الكبير الذي تتمتع به هذه الجالية.. وهو الذي أتي أيضا برئيس وزراء ذي أصول إيطالية علي رأس بلجيكا.. وهم الذين يتكاتفون الآن لتصبح (مونز) عاصمة للثقافة الأوروبية عام 2015. وهذه فقط دروس لحب الوطن علي الطريقة الإيطالية أو الأوروبية لمن يهمه الأمر. ❊❊❊ اعتاد مهرجان مونز السينمائي الدولي لأفلام الحب أن يكرم في كل دوراته عددا من الشخصيات الفنية التي تتميز بثرائها الإنساني بقدر ثرائها الفني.. ومن بين هؤلاء كان الممثل والمخرج الفنان القدير باتريك شونبيه الذي بدأ حياته الفنية مع المخرج جاك روزبه عام 6791باتريك شونبيه ولد في أسرة متوسطة الحال في إحدي ضواحي باريس.. وعندما انتهي من دراسته الثانوية تقدم للكونسرفتوار ليتابع دروس رينبيه سيمون وليز ديلمار في فن الدراما.. ولمدة عشر سنوات عمل في المسرح ليقدم العديد من الأدوار الصعبة، قبل أن يتجه للسينما عام 76.. وليحصل علي العديد من الجوائز من محافل سينمائية متعددة، وذلك دون أن يتوقف عن الوقوف علي خشبة المسرح من وقت لآخر وأيضا العمل للتليفزيون.. وبالطبع محققا حلمه في أن يقف خلف الكاميرا مخرجا، وهو الذي عمل مع كبار مخرجي السينما الفرنسية والأوروبية،، وقد عرض له في المهرجان فيلمان أحدهما يعود إلي عام 2005 وهو (لست هنا لأكون محبوبا) إخراج ستيفان بريزيه والثاني أحدث أفلامه وهو بلجيكي (الابن الوحيد) إخراج ميل فان هوجينبيمز وهو قصة إنسانية عن فانسان رجل احتفل بعيد ميلاده الأربعين.. يعمل سائق تاكسي ويعيش مع ابنته الوحيدة يرعاها.. تطلب منه والدته التي أصيبت بمرض خبيث أن يتعهد لها برعاية والده الذي لم يتحدث إليه منذ أكثر من عشر سنوات وعلي خلاف شديد معه والذي كان يعتبره وهو طفل صغير وكأنه (غول) أو (وحش) من شدة قسوته.. في استعراض لمآسيه مع والده يحاول أن يعوض ابنته عن كل ماعاني منه حتي لاتكبر ومعها خوف شديد منه أو عقدة كالتي يحملها عن والده.. وليكتشف إن من أعظم القيم في الحياة التسامح ونسيان المآسي والوفاء بالعهد. تموج المدن بحكايات غريبة.. بعضها متجانس يخضع للمنطق والآخر متناقض لامنطق له.. وفي التجانس والتضاد حياة علي الإنسان أن يعيش بهما وتقوده خطاه إليهما.. وحكايات المدن حواديت بعضها مرغوب والآخر مرعب ولذلك جاء فيلم (في المدينة) الفرنسي لمخرجيه فاليري مريجين وبرتران شيفر نموذجا لكل هذه المتناقضات.. وقد شارك في بطولته (لولا كريتون) وستانيلاس ميرهر وأديل هانيل . وهو عن حكاية إيريس التي تبلغ السادسة عشرة من عمرها.. وتعيش في مدينة بعيدة عن العاصمة.. تلتقي بجان مصور باريسي في عمر والدها في الأربعينات من عمره.. تري هل يصلح كل هذا الفارق العمري ليكون نواة علاقة حب سوية.. أم أن هذا الفارق يجعل هذه العلاقة تأخذ شكلا آخر.. عموما العلاقات الإنسانية.. والعواطف البشرية لاتعرف منطقا ولاتخضع لقانون.. سوي قانون الحياة الذي يسطره كل إنسان حسب أخلاقياته وسلوكياته.. دون أن ننسي عقده النفسية والأهم تركيبته العاطفية. وكم من الجرائم ترتكب باسم الحب، الذي هو من المفترض اسمي العواطف وأنبلها.