"بص لي وأنا باكلمك".. جملة كثيرا ما نسمعها بين الناس كبارا وصغارا. تقال حزما أو عتابا أو حتي هزلا، وأحيانا لا تعني شيئا إذا صاحبتها ضحكة، لكنها تعني كثيرا إذا خرجت من شفاه مرتعشة يصاحبها غضب وغيظ ونظرات حادة. الاخصائي النفسي الدكتور محمد الهنداوي تتبع هذه العبارة، ويحدثنا عن أهمية لغة العيون وتأثيراتها ودلالتها النفسية في حياة الأزواج، حيث يقول: كثيرا ما تتساءل الزوجات ماذا جري لعيوننا؟! أين ذهبت تلك النظرات التي أرسلت العديد من الكلمات؟ أين ذهبت تلك اللمعة التي كانت تشرق في عيوننا إذا ما رأينا بعضنا من بعيد؟ أين ذهب ذلك الحوار الذي تبادلناه بالنظرات قبل الكلام؟ كيف كنا نري الفرحة والشوق والخجل والجرأة في نظرة عين واحدة؟ أين ذهب ذلك التيار الكهربي اللذيذ الذي سري في أجسادنا كلما التقت عيوننا صدفة؟! ويوضح الهنداوي: التواصل البصري "Eye to eye contact" هو ببساطة قدرة الشخص علي النظر مباشرة إلي عيني من يحدثه أثناء الكلام أو الاستماع بنفس القدر وبنفس الاهتمام والندية، ويعتبر مسؤولا عن جزء كبير من التواصل غير اللفظي بين الأشخاص. ويعتبر ضعف أو قلة التواصل البصري عموما دليلا علي وجود مشكلات أشهرها الخجل الاجتماعي والخوف المرضي واضطرابات القلق والاكتئاب وغيرها، لكن ظهوره بين الأزواج يعتبر دليلا علي فتور في العلاقة بين الطرفين وبداية لنقص الشغف بينهما، ويمكن أن يدل علي تراكم المشاعر السلبية عند أحد الطرفين أو كليهما، نتيجة مشكلات بينهما لا تحل بالشكل الكافي أو الفعّال أو لا تحل أصلا. وأحيانا يكون شكلا من أشكال التعبير عن الاستياء أو الغضب من الطرف الآخر، وأحيانا يكون علامة علي الانشغال بمشكلات وضغوطات الحياة اليومية، وتكمن خطورة هذا الوضع في سهولة تعود الطرفين علي هذا الوضع وانجرافهما أكثر في هموم وضغوط الحياة، وهذا بالقطع سوف يسهم في زيادة الإحساس بالفتور والغضب وعدم الرضا عن العلاقة بين الزوجين، وهو ما يهدد استمرار العلاقة بالأساس، لذلك فإن الوعي وإدراك المشكلة والرغبة الحقيقية في حلها أهم ضمانات تحوُّل مشكلة من أكبر المشاكل التي تهدد استمرار الزواج إلي تجربة تقوِّيه وتعمِّقه وتثبِّته.