الحديث عن شهامة وجدعنة أولاد البلد في مصر، لا تكفيه مجلدات، مئات المواقف تحدث يوميًا في أغلب الشوارع لا تكشف إلا عن المعدن النفيس لأبناء هذا الشعب العظيم، أحد هذه المواقف البطولية، كان لشاب قرر مقاومة النيران والتسلق نحوها بشجاعة لإنقاذ أطفال عالقين في شقة مشتعلة في منطقة الزاوية الحمراء بالقاهرة. وسبق تلك الواقعة قصة أخري كان بطلها طفل مصري يعيش في إيطاليا نجح في إنقاذ حياة 51 من زملائه من الموت المحقق خلال اختطاف حافلة مدرسية بوساطة سائقها السنغالي الأصل الإيطالي الجنسية، وهي القصة التي تناقلتها وسائل الإعلام والصحف العالمية. ربما لو لم تصوره عدسات الموبايلات، لما عرف ولا سمع أحد عن بطولته، لكنه عصر السوشيال ميديا، الذي منحه الفرصة لينال ما يستحق من تكريم، حيث تداول رواد موقع التواصل الاجتماعي »فيس بوك» فيديو، لشاب تمكن من تسلق مواسير الغاز خارج عقار، ليتمكن للوصول لشقة سكنية اندلع فيها حريق، وينقذ 3 أرواح كانت عالقة في الشقة المحترقة. »جهاد يوسف زكي» شاب شهم، تناهي لمسامعه أصوات صراخ في شارع الجمهورية بأرض الجنينة بمنطقة الزاوية الحمراء بالقاهرة، فتحرك نحو مصدر الصوت، واكتشف خروج أدخنة ونيران من شقة بالطابق الثالث في أحد العقارات وسط صراخ لا يتوقف، خاصة أن هناك أطفالاً عالقين داخل الشقة. الشاب الشهم، لم يتردد لحظة في الصعود عبر »المواسير» نحو الشقة المحترقة، وكافح الأدخنة التي تخرج بكثافة، ونجح في إنقاذ الجد المسن »الحاج محمد»، والحفيدين »ميدو» 7 سنوات، و»نور» 9 سنوات، حيث حملهم علي ظهره دون أن يختل توازنه حتي سلمهم لأقرب الأشخاص إليه في الطابق الأول ليتم الهبوط بهم للأرض دون أن يمسهم أي مكروه. بطولة جهاد يوسف كانت علي طريقه الأبطال الخارقين أمثال »سوبر مان»، و»بات مان»، فالشاب الشهم حينما شاهد ألسنة اللهب تتصاعد من الشقة تسلق مواسير الغاز حتي الطابق الثالث دون أي خوف علي حياته، ولذلك أطلق عليه رواد السوشيال ميديا لقب »سبايدر مان الزاوية الحمراء». جهاد روي تفاصيل الواقعة قائلًا: »كنت متواجدًا يوم الجمعة بالشارع قبل صلاة المغرب، في منطقة أرض الجنينة حيث محل إقامتي، وفور اندلاع حريق داخل إحدي الشقق هرولت مسرعًا لمكان الواقعة»، مُشيرًا إلي أنه اكتشف أن الشقة التي اندلع فيها الحريق يوجد بها رجل مسن وطفلان، وعند احتراق الشقة وقفوا في البلكونة، فقمت علي الفور بتسلق مواسير الغاز، ونجحت في إنقاذ الرجل المُسن أولًا، ثم صعدت مرة أخري، وقمت بإنقاذ الطفلين. جهاد حاصل علي دبلوم تجارة، ويعمل بالمطار، وما فعله بطولة حقيقية سطرها دون النظر إلي تكريم أو مكافأة: »كان كل همي إنقاذ الأطفال والرجل المسن». الحاج محمد عوض، صاحب الشقة المحترقة قال: »فوجئت بانفجار لمبة السقف وسقوط شرز منها علي لحاف فيبر فاشتعلت به النيران علي الفور، وحاولت أنا ونجلتي السيطرة علي الحريق من خلال رش الماء إلا أننا لم نستطع السيطرة عليه»، مُضيفًا: »حاولنا التوجه إلي السلم للخروج من الشقة إلا أن النيران حاصرتنا فتوجهنا إلي شرفة المنزل في محاولة للاستغاثة بأهالي المنطقة». أضاف عوض: »فوجئت بقيام أحد الشباب بتسلق ماسورة الغاز وقام بحملي وأفراد أسرتي علي ظهره للطابق الأول، والحمد لله كُتب لنا عمر جديد.. وأشكر البطل جهاد علي إنقاذي وأسرتي من الحريق». موقف جهاد لم يلق إعجاب أهالي المنطقة فقط، وإنما لقي تقدير المسئولين، حيث قرر اللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، تكريم جهاد ودعوته لمكتبه برفقة والدته ووالده لتكريمه، حيث إنه لم ينتظر وصول سيارات الإطفاء، وإنما تحرك من تلقاء نفسه، وساهم في إنقاذ الأبرياء، فكان نموذجاً يستحق التقدير والتكريم.