وزير الطيران: مصر نجحت في إدارة أزمة إغلاق المجالات الجوية المجاورة    اتفاقية تعاون لتأهيل شباب شمال سيناء في مجال الاتصالات    عمرو أديب عن سخرية الإخوان من الهجمات الإيرانية على إسرائيل: كلاب لندن متوزع عليهم نفس الكلام    طبيب الزمالك يكشف مستجدات إصابات المثلوثي وأحمد حمدي وجهاد    الإسكندرية تستعد لاستضافة البطولة الدولية للبادل بمشاركة 125 فريقا    بالأسماء.. إصابة 10 أشخاص بحادث تصادم بين سيارتين في البحيرة    لطيفة التونسية تفجع بوفاة شقيقها وتنعاه بكلمات مؤثرة    حل أزمة لاعب بوكا جونيورز قبل انطلاق بطولة كأس العالم للأندية    رومانو يكشف النادي الذي يرغب جيوكيريس للانتقال له    وسائل إعلام إيرانية: الضربة الجديدة على إسرائيل تمت ب100 صاروخ    الرقابة النووية: مصرآمنة    "التعليم" تكشف تفاصيل الاستعدادات ل امتحانات الثانوية العامة غدًا    رئيس بعثة الحج السياحي المصرية: موسم الحج هذا العام من أنجح المواسم على الإطلاق    النيابة الإدارية تؤكد استمرار جهودها لمكافحة ختان الإناث ومحاسبة مرتكبيه    "الأوقاف": بدء إجراءات التعاقد مع مستوفي شروط مسابقتي 2023 للأئمة وللعمال    منتخب كرة اليد الشاطئية يحرز برونزية الجولة العالمية بالفوز على تونس    فات الميعاد الحلقة الحلقة 2.. أسماء أبو اليزيد تخبر زوجها بأنها حامل    نارين بيوتي تخطف الأنظار رفقة زوجها في حفل زفاف شقيقتها    أدعية مستجابة في شهر ذي الحجة    الهلال الأحمر المصرى: تنظيم حملات توعوية لحث المواطنين على التبرع بالدم    على البحر.. ميرنا نور الدين تخطف الأنظار بأحدث إطلالاتها    رئيس مجلس الشيوخ: الشباب المصري العمود الفقري للدولة الحديثة ووعيهم السلاح الأقوى لمواجهة التحديات    خبير: إسرائيل تحاول استفزاز حزب الله لجره لساحة الحرب    قائد بوتافوجو: مستعدون لمواجهة أتليتكو مدريد وسان جيرمان.. ونسعى لتحقيق اللقب    محافظ المنيا يُسلم 328 عقد تقنين لأراضي أملاك الدولة    روبرت باتيلو: إسرائيل تستخدم الاتفاقات التجارية لحشد الدعم الدولى    نور الشربيني من الإسكندرية تؤازر الأهلي في كأس العالم للأندية    مصدر ليلا كورة: الزمالك يرحب بعودة طارق حامد.. واللاعب ينتظر عرضًا رسميًا    "الإصلاح المؤسسي وتحسين كفاءة الخدمات الحكومية".. جلسة تثقيفية بجامعة أسيوط    تعليمات لرؤساء لجان امتحانات الثانوية العامة بالفيوم    بأغاني رومانسية واستعراضات مبهرة.. حمادة هلال يشعل أجواء الصيف في حفل «بتروسبورت»    شركة سكاى أبو ظبي تسدد 10 ملايين دولار دفعة مقدمة لتطوير 430 فدانا فى الساحل الشمالي    ديمبيلي يكشف عن الهدف الأهم فى مسيرته    والدة طفلة البحيرة بعد قرار رئيس الوزراء علاجها من العمي: «نفسي بسمة ترجع تشوف»    امتحانات الثانوية العامة.. الصحة تعتمد خطة تأمين أكثر من 800 ألف طالب    رئيس الوزراء يتفقد مركز تنمية الأسرة والطفل بزاوية صقر    تعاون بين «إيتيدا» وجامعة العريش لبناء القدرات الرقمية لأبناء شمال سيناء    كأس العالم للأندية.. باريس الباحث عن موسم استثنائي يتحدى طموحات أتلتيكو    الأكاديمية العسكرية تحتفل بتخرج الدورة التدريبية الرابعة لأعضاء هيئة الرقابة الإدارية    محافظ كفر الشيخ يُدشن حملة «من بدري أمان» للكشف المبكر عن الأورام    لطلاب الثانوية العامة.. نصائح لتعزيز القدرة على المذاكرة دون إرهاق    خبير اقتصادي: الدولة المصرية تتعامل بمرونة واستباقية مع أي تطورات جيوسياسية    وزير الخارجية البريطاني يعرب عن قلقه إزاء التصعيد الإسرائيلي الإيراني وندعو إلى التهدئة    السجن المؤبد ل5 متهمين بقضية داعش سوهاج وإدراجهم بقوائم الإرهاب    تخفيف عقوبة السجن المشدد ل متهم بالشروع في القتل ب المنيا    أهم أخبار الكويت اليوم السبت 14 يونيو 2025    غدا.. بدء التقديم "لمسابقة الأزهر للسنة النبوية"    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" ومؤسسة "شجرة التوت" يطلقان فعاليات منصة "القدرة على الفن - Artability HUB"    غدا .. انطلاق فعاليات مؤتمر التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص    مصرع شاب سقط من الطابق الرابع بكرداسة    طلب إحاطة يحذر من غش مواد البناء: تهديد لحياة المواطنين والمنشآت    إيران تؤكد وقوع أضرار في موقع فوردو النووي    مراسلة «القاهرة الإخبارية»: مستشفيات تل أبيب استقبلت عشرات المصابين    مدبولي: الحكومة تبذل قصارى جهدها لتحقيق نقلة نوعية في حياة المواطنين    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصعيد في السينما والدراما.. »ثأر ومخدرات وآثار وعادات مُتخلفة«
افتراءات أهل الفن علي أبناء الجنوب
نشر في آخر ساعة يوم 23 - 10 - 2018

»الصعيدي مش عمة وبق معووج»‬.. مقولة كان يُرددها شاعرنا الكبير الراحل، عبدالرحمن الأبنودي، دفاعًا عن صورة الصعايدة التي تظهر في الأعمال الفنية سواء بالسينما أو الدراما التليفزيونية، مُنتقدًا التركيز فقط علي الترميز الظاهري لأهل الصعيد ب»‬العمة البيضاء»، وتشنجات الشفاه المصطنعة عند النطق، دون تعمق حقيقي في قضايا الجنوب.
أفلام السينما جعلت من الصعيد رمزاً للجهل والعنف
مخرجون وشعراء: ما يقدم شخصيات نمطية ساذجة لا علاقة لها بالواقع
»‬شيخ العرب همام» و»‬الليل وآخره» استثناءات الدراما.. والباقي »‬فشنك»
البدري ورحيم ورفيع الأشهر تليفزيونيا.. وحفني وخلف علي الشاشة الفضية
لم تسلم شخصية الرجل الصعيدي في السينما أو الدراما المصرية علي مدار تاريخها من السخرية والتلاعب بملامحها، بداية من شخصية »‬ابن كبير الرحيمية»، التي برع في تجسيدها الفنان السيد بدير، مرورًا ب»‬العتبة الخضراء» لإسماعيل ياسين، انتهاء ب»‬صعيدي في الجامعة الأمريكية»، و»‬صعيدي رايح جاي»، وحتي في الدراما التي قدمت عشرات المسلسلات مثل »‬ذئاب الجبل»، و»‬حدائق الشيطان»، وغيرها التي تعمدت أحداثها إظهار الصعيدي بأنه رجل الثأر والدم والنار، وصاحب العادات والتقاليد الصارمة التي عفي عليها الزمن ولا تصلح لمواكبة العصر الحالي.
سينما الصعيد
تاريخ السينما المصرية حافل بالعديد من الأفلام التي تناولت شخصية الرجل أو المرأة الصعيدية، لعل أشهرها فيلم »‬العتبة الخضراء»، الذي تم إنتاجه عام 1959 وقام ببطولته الفنان الكوميدي إسماعيل ياسين، الذي جسد شخصية شاب صعيدي يتسم شكله بالسذاجة، لدرجة أنه يصدق شخصًا أحمد مظهر يوهمه بأن في إمكانه أن يبيع له ميدان العتبة الخضراء الشهير بالقاهرة، ومن فرط سذاجة هذا الصعيدي يقوم ببيع كل أملاكه رغبة منه في شراء ميدان العتبة.
بينما تطرق المخرج صلاح أبوسيف في فيلمه »‬الوحش» عام 1954 إلي جانب ثالث في حياة الرجل الصعيدي، من خلال استعراض المشاكل الناتجة عن أحد الخارجين علي القانون الذي أطلق عليه خُط الصعيد واشتهر بعنفه ومقاومته السلطات، وعلي الرغم من إشادة النقاد آنذاك بالفيلم إلا أنهم انتقدوا أبو سيف في عدم إظهار الصعيد بشكل محايد إلا من خلال اللهجة والزي وعنف أفراده.
بعد ذلك حاول المخرج الراحل يوسف شاهين الدمج بين العنف والرومانسية والكوميديا من خلال فيلم »‬صراع في الوادي» للفنان عمر الشريف وفاتن حمامة وزكي رستم، والحقيقة أن هذا الفيلم كان خلطة من السينما الصعيدية والأوروبية، فالشخصيات التي وضعها شاهين في الفيلم لم تكن سوي ديكور للأحداث حيث كان نصف الفيلم تقريبًا يحكي عن واقع المجتمع الصعيدي بموروثاته والنصف الآخر يروي أحداث الفجور والخمارات والرذيلة المنتشرة في تلك الحقبة.
وحديثًا جعلت أفلام السينما من الصعيد رمزًا للجهل والعنف والمخدرات وكان آخرها فيلم »‬الجزيرة» لأحمد السقا ومحمود ياسين، الذي أظهر الصعيد في الفيلم كمافيا للمخدرات استنادًا إلي حكاية عزت حنفي، إمبراطور الصعيد.
نمطية الدراما
طوال تاريخها.. تقدم الأعمال الدرامية شخصية الصعيدي بصورة نمطية مليئة بالأخطاء، التي تبدأ باللهجة التي لا علاقة لها بلهجات الصعيد، وتمتد إلي العادات والتقاليد، والأعراف السائدة هناك، التي قد تختلف من مدينة لأخري ومن نجع لآخر.
البداية في فترة التسعينيات، التي تميزت بإنتاج غزير واهتمام واضح بتفاصيل الدراما الصعيدية، وأنتجت فيها 3 مسلسلات، هي »‬ذئاب الجبل سنة 1992»، و»‬الوتد سنة 1996»، و»‬الضوء الشارد سنة 1998»، هذه المسلسلات تعتبر المكون الأساسي لشخصية الصعيدي عند أغلبية المصريين الذين لا يعلمون شيئا عن الصعايدة إلا من خلال المسلسلات، في هذه الفترة كانت شخصية الصعيدي تعيش في مجتمع أساسه العادات والتقاليد والتمسك بالقبلية، وتميزت بأنها شخصية قوية لحد الرهبة.
تطورت الأعمال الدرامية التي تقدم شخصية الصعيدي بعد ذلك، فظهرت مسلسلات »‬حدائق الشيطان»، و»‬أفراح إبليس»، و»‬مملكة الجبل»، و»‬يونس ولد فضة»، و»‬سلسال الدم»، والمسلسل الكوميدي »‬الكبير أوي» لأحمد مكي، والغريب أنه رغم كل التطور والتقدم الذي شهدته مصر عمومًا والصعيد بصورة خاصة إلا أن كل هذه المسلسلات كانت تقدم الصعيد بنفس الصورة النمطية، ونفس الأخطاء التاريخية، فالملابس كما هي لا تتغير، واللهجة مليئة بالأخطاء، ناهيك عن الموضوعات التي اقتصرت علي الثأر والمخدرات وتجارة الآثار.
أبناء الصعيد من المؤلفين، وبالتحديد من أبناء محافظة سوهاج، كانت لهم لمساتهم أيضًا، فقد أتي عبد الرحيم كمال ليصنع حالة خاصة للصعيد، من خلال مسلسل »‬الرحايا» القوي دراميًا ومتماسك الخيوط بإخراج رائع وأداء مبهر من نور الشريف وسوسن بدر، لكن رغم ذلك لم يخرج عن المسار المألوف »‬الصعايدة قساة، مفطورون علي الصراع».
هناك استثناءات قليلة للأعمال الدرامية، التي نجحت في تقديم شخصية الصعيدي بالشكل اللائق، ومنها مسلسلا الفنان الكبير يحيي الفخراني، »‬شيخ العرب همام»، و»‬الليل وآخره»، فالأول يحكي عن قصة آخر ملوك الصعيد »‬همام»، كبير قبيلة »‬الهوارة»، ويتناول المسلسل الصراعات بين القبائل في صعيد مصر، وقدرة »‬همام» علي جمع قبائل الصعيد تحت لوائه، والثاني للمؤلف محمد جلال عبدالقوي، الذي قدم شخصية الصعيدي أقل خشونة ومواءمة للجو الصعيدي الحالي، فقد نقل حالة من التفسخ الأسري بعد موت الأب، والمشاعر المختلطة، وإحساس الابن الأكبر بالظلم لحرمانه من التعليم بسبب ضيق ذات اليد، وكانت شخصية »‬رحيم» بطل المسلسل من أشهر الشخصيات التي عُرفت في دراما الصعيد.
صعايدة الفن
قدم عشرات النجوم في السينما والدراما شخصية الصعيدي، كان أبرزهم النجم الراحل، عبد الله غيث الذي قدم شخصية »‬علوان أبو البكري» في مسلسل »‬ذئاب الجبل»، والفنان أحمد عبد العزيز الذي قدم شخصية »‬البدري» في نفس المسلسل، والقدير يحيي الفخراني بشخصية »‬رحيم المنشاوي» في مسلسل »‬الليل وآخره»، و»‬همام» في »‬شيخ العرب»، والنجم الراحل ممدوح عبد العليم في شخصية »‬رفيع العزيزي» في مسلسل »‬الضوء الشارد».
وفي السينما، كان هناك محمد هنيدي أو »‬خلف الدهشوري خلف» في فيلم »‬صعيدي في الجامعة الأمريكية»، وأحمد السقا بشخصية »‬منصور الحفني» في فيلمي »‬الجزيرة 1 و2».
شخصيات وهمية
المخرج مجدي أحمد علي، يري أن سينما الصعيد كانت ومازالت دائما رمزًا للكوميديا المبنية علي الجهل وعدم المعرفة، ورمزًا من رموز العنف مثل الثأر، ولها ارتباطات بالتخلف، وكانت هناك أفلام نادرة جدًا في تاريخ السينما التي مثلت الصعيدي بشخصيته الحقيقية، وأعمال قليلة جدًا التي تحدثت عن الصعيدي بشكل حقيقي مثل فيلم »‬البوسطجي» لشكري سرحان، وأيضًا أفلام »‬شيء من الخوف» و»‬الطوق والإسورة»، وهي قلة قليلة جدًا تعاملت مع الصعيدي باعتباره »‬بني آدم» طبيعي، أما باقي الأفلام فتُجسد صورة الصعيدي بشكل كوميدي وتسخر منهم أو تتعامل معهم بجهل وتصور الحياة البدائية المُتأخرة لهم، وحتي الآن لم تحقق صورة الصعيدي الحقيقية ولم تُجسد الواقع ولا عادات المجتمع الحالي.
الشاعر مسعود شومان، يري أن أغلب الأعمال الدرامية والسينمائية تناولت الصعيدي بشكل سطحي دون الالتفات إلي دور البيئة التي ساهمت في تكوين الشخصية الصعيدية وتنوعها، مشيراً إلي أن هذا الأمر يرجع إلي عدم إدراك بعض كتاب السيناريو والمخرجين للشخصية الصعيدية ومنظومة القيم والأخلاق والعادات والتقاليد في الصعيد وما لديهم من فنون شعبية، كل هذه التفاصيل وأكثر كان من المفترض علي الكاتب والمخرج الإلمام بها، من خلال الاستعانة بمصادر ميدانية من الصعيد خاصة من المدينة التي سيتم التصوير فيها، لافتاً إلي أن الصعيد ليس كتلة واحدة، فصعيدي المنيا يختلف عن صعيدي قنا في اللهجة والملابس وفي بعض الطقوس والعادات والتقاليد حتي في »‬لفة العمامة»، التي لا يعتقد أن الدراما عملت علي إظهار هذه الفروق.
ويضيف، أن أغلب الأعمال الفنية ركزت في تناولها لقضايا الصعيد علي الثأر وتجارة السلاح والآثار في شكل أكشن وإثارة، دون التعمق في تناول المشكلة، من خلال البحث عن جذورها والعمل علي حلها، لافتاً إلي أن أغلب هذه الأعمال الفنية لم تدرك أن الصعيد هو من أنجب معظم علماء وأدباء وشعراء مصر، أمثال »‬طه حسين» و»‬الطهطاوي» وغيرهما، فلا يمكن أن تكون البيئة التي أخرجت هذه النخبة »‬متخلفة»، إن دراسة سيرة هؤلاء في الدراما والأعمال الفنية ستعمل علي الرجوع إلي السياقات التاريخية لهذه الأماكن وما بها من عادات وتقاليد وغيرها.
أحداث غير واقعية
الشاعر جمال الشيمي، يقول إن صورة الصعيدي التي تقدمها الدراما المصرية خاطئة إلي أقصي درجة، وليست واقعية تمامًا ومنفصلة تاريخيًا عن المجتمع، وهي لا تحكي تفاصيل حياة الصعيدي ولا تُجسد صورته، وبالتالي لا تُنصفه وتجسد شخصية غير شخصية الصعيدي الحقيقية، وحتي ملابس التمثيل ليست متوافقة مع الواقع في الصعيد، لأن الواقع تطور، وأعتقد أن شوارع الصعيد وأي بلد آخر لا تختلف كثيرا عن شوارع القاهرة حتي أنه يوجد تطورات في الصعيد أكثر مما تحدث في القاهرة.
المخرجة إنعام محمد علي، قالت إن بعض الأفلام لم تُنصف لهجة الصعيدي فمثلًا في مسلسل الأيام بطولة أحمد زكي لاحظت أن البطل كان يتحدث بلهجة غير لهجة المنيا، وكثير أيضًا من سكان سوهاج وقنا يقولون إن هذه ليست تقاليدهم وعاداتهم، وخصوصا الثأر في الصعيد الذي تدور حوله معظم الأعمال الدرامية، لافتة إلي أن الأعمال الدرامية تُخفي دور القانون والدولة في المسلسلات، وكأن الصعيد بلا قانون ولا يتمتع بالأمن والأمان، موضحة أن أغلب الأعمال تقدم دور الصعيدي كشخصية فلكلورية يخترعها المخرج، والدراما تتعامل مع النموذج القديم، ولا تعايش التطور ولا التجديد في المجتمع، ولا تضيف شيئًا جديدًا عن السابق، وكأن المجتمع متوقف، مُشيرة إلي أن الوحيد الذي عايش هذا التطور، وناقش مشاكل الصعيد وتقاليده، هو المؤلف صلاح حامد، الذي كان يُقدم أشياء قريبة جدًا من الحقيقة عكس مؤلفي المكاتب الذين يكتبون في أماكنهم ولا يعايشون التطور.
أما الشاعر فتحي عبد السميع، فيري أن أعمال الدراما كلها »‬مُتخيلة» في المقام الأول وهي تستفيد من بيئة الصعيد ولكن لا تعبر عنها، وكل الأعمال الفنية التي تناولت الصعيد تخلو في الغالب الأعم من عالم الصعيد، فالأعمال التي تتناول مسألة الثأر تجهل معني الثأر وقيمة الثأر، وحتي إن كان هناك ثأر في الصعيد فليس بنفس الصورة التي تقدمها الدراما التليفزيونية، لافتًا إلي أن هناك قصورا كبيرا في الاهتمام بلغة الحوار، وأعمال قليلة فقط التي أشرف عليها أدباء من الصعيد، فظهرت لغتها سليمة مثل مسلسل »‬ذئاب الجبل»، الذي أشرف علي حواره عبد الرحمن لبيب، وراجعه بنفسه، لكن أكثر الأعمال ترتجل وتتحدث بشكل لا ينتمي للصعيد أساسًا.
»‬إحنا مش مطاريد»
يري أحمد علي، أحد أبناء سوهاج، أن الدراما والسينما أظهرت الصعيد في البيوت الطينية و»‬المطاريد»، هؤلاء الهاربون الذين يسكنون الجبل، والثأر الذي لا ينتهي، كل هذه الأمور أصبحت من الماضي، فلم يعد هناك ما يسمي ب»‬المطاريد» الذي يعتبر إحدي مبالغات السينما والدراما، كما أن »‬الثأر» أصبح ثقافة عفي عليها الزمن، ولم تعد إلا عند عدد قليل جداً من العائلات التي لا تزال متمسكة بعادات الماضي.
ويضيف، أن هناك بعض القضايا والحقائق تعمل الأعمال الفنية علي إبرازها، لكن لم يتم نقلها بالشكل الذي تبدو عليه في أرض الواقع، ومنها تجارة السلاح والمخدرات التي تعد من أكثر التجارات المربحة في الصعيد، لافتاً إلي أن الأعمال الفنية التي تتناول الشخصية الصعيدية في إطار كوميدي لا تثير غضبهم لأنهم يعلمون أن الهدف من التناول ليس التقليل من الصعايدة، بل الترفيه والفكاهة، لكن هذا لا يمنع وجود كثير من المبالغات في الكوميديا التي تصل إلي حد الاستفزاز، وعلي ال»‬فيس بوك» دشن عدد من شباب الصعيد صفحة بعنوان »‬الصعايدة»، انتقدوا فيها كل الدراما التي سخرت منهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.