استمرار البنك المركزي في دعم الجنيه.. استيراد سلع غير أساسية!! خبراء: مصر مرت بظروف مماثلة عام 2004 هل يمكن تفادي الأزمة المتوقعة مع نهاية شهر يناير الجاري؟.. أوبالأحري هل يمكن تفادي النزيف والتناقص المستمر في احتياطي البلاد من النقد الأجنبي الذي سوف يدخلنا كما يقول المسئولون من القائمين علي شئون البلاد مرحلة الخطورة ويمكن ان يدفع البلاد -لا قدر الله- إلي حافة الإفلاس.. بعض الاقتصاديين يرفضون هذا الافتراض تماما ويطرحون عددا من الحلول والإجراءات للخروج من هذا المأزق بسلام بعد فترة..والبعض الآخر يري أن الصورة قاتمة ومخيفة ، خاصة في ظل بقاء وسير الأمور كما هي.. فما زالت مليارات الدولارات من رؤوس الأموال تخرج أو تهرب خارج مصر، وخير شاهد علي ذلك تصريح المسئولين بأن هناك 9 مليارات دولار خرجت من البلاد خلال الستة شهور الماضية.. ومازال هناك انخفاض واضح في الموارد الدولارية الأساسية سواء من السياحة أو من عوائد التصدير أو من العاملين بالخارج. وإهدار جزء من الاحتياطي النقدي نتيجة استمرار سياسة البنك المركزي في دعم العملة المحلية أمام الدولار والعملات الأخري.. إلي جانب العمليات المستمرة في استيراد السلع غير الأساسية و"المستفزة" في البلاد رغم ما يحدق بالبلاد من أخطار! بعض الاقتصاديين يرون أن تراجع الاحتياطي النقدي من شأنه أن يؤثر علي المركز المالي للدولة، ولا يمتد تأثيره إلي المواطن العادي بشكل مباشر، كما تقول بسنت فهمي مستشار بنك البركة المصرفي، ويرون أن الاحتياطي لا يزال كافيا ومستواه جيد..ولكن في حالة تراجع هذا الاحتياطي دون المستوي الآمن الذي لا يستطيع معه أن يوفي واردات البلاد السلعية لمدة خمسة أشهر، فهذا سيؤدي-بلا شك- إلي ضعف العملة المحلية، وسوف يستتبع ذلك ارتفاع أسعار السلع الأساسية التي تستوردها البلاد، وهو ما يعني زيادة الأعباء علي الحكومة بشكل أكبر من المواطن العادي. كما أن اتجاه أوروبا (التي تعد مصر أحد الموردين الرئيسيين لها) إلي تنفيذ خطة تقشف في الواردات علاجا لمشكلة أزمة سيولة لديها، سيضاعف من متاعب البلاد، وسيؤثر هذا علي احتياطي النقد الأجنبي. وفي دراسة مصرفية حديثة للباحث المصرفي أحمد آدم كشفت عن أن وصول الانخفاض الفعلي في الاحتياطيات الرسمية وغير الرسمية لمصر من النقد الأجنبي إلي نحو 20.2 مليار دولار في 11 شهرا، وسط تأكيدات من المجلس العسكري الذي يدير شئون البلاد في الوقت الحالي بوصول رصيد الاحتياطي النقدي إلي 15 مليار دولار نهاية يناير الجاري.. هذا كله جاء كنتيجة طبيعية للتحويلات المستمرة التي تتم لرؤوس الأموال الأجنبية قصيرة الأجل والتي كانت مستثمرة بأذون الخزانة،والتي بلغت خلال الشهور التسعة الأولي من العام الماضي ( 43) مليار جنيه، كما أن زيادة إيداعات البنوك المصرية لدي نظيرتها بالخارج، علي الرغم من التدني الكبير لأسعار الفائدة خارجيا، تأتي كأحد الأسباب لتراجع الاحتياطي النقدي. ويرجح أن يأتي الانهيار في الاحتياطي النقدي علي مرحلتين: المرحلة الأولي وهي المرحلة التي انتهت بنهاية عام 2011 وبدأت بحلول العام الجاري بخروج رؤوس الأموال من داخل مصر لخارجها، بينما بدأت المرحلة الثانية قبل شهرين من نهاية العام المنصرم، عندما بدأ الانخفاض الإجمالي للموارد الدولارية الأساسية لمصر هو السبب الرئيسي في تدهور الاحتياطيات. وقال إنه سوف يرسل دراسته إلي بعض الجهات التنفيذية، ومنها رئاسة الوزراء، خاصة بعد أن تأكد للمجلس العسكري عدم وجود حلول لزيادة حجم الاحتياطيات لدي البنك المركزي المصري، لأنه أدرك الكارثة المتوقعة في نهاية يناير. والغريب أن المركز المالي الإجمالي لبنوك مصر كشف عن زيادة إيداعاتها لدي البنوك بالخارج خلال الثمانية أشهر الممتدة بين ديسمبر وحتي يوليو الماضي بنحو 39.4 مليار جنيه، ثم انخفضت بواقع 15.9 مليار جنيه خلال شهري أغسطس وسبتمبر..كما أرجع ذلك الانخفاض إلي احتمالين.. أولهما عودة تلك الإيداعات مجددا، أو أن تكون التزامات استحقت واستنفذت بالخارج، وذلك بعد الأزمة الأمريكية وتخفيض ستاندرد أند بورز للجدارة الائتمانية للاقتصاد الأمريكي الذي انعكس علي رفع نسبة مخاطر زيادة الإيداعات بالخارج، سواء كانت من بنوك أو أفراد، الأمر الذي يتطلب متابعة الحركة علي إيداعات بنوكنا بالخارج أولا بأول..مشيرا إلي أن المركز المالي الإجمالي للبنوك كشف عن تراجع المخصصات بقيمة 19 مليار جنيه لتبلغ 54 مليار جنيه في ديسمبر 2010 مقابل 73 مليار جنيه خلال نوفمبر بالتزامن مع انخفاض بقيمة 16.6 مليار جنيه بالقروض والتسهيلات الائتمانية، مما يعني إعدام قروض بنهاية ديسمبر لا تقل عن مليار جنيه ممنوحة للقطاع الخاص والعائلي. وعلي الرغم من تراجع عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات المصري بنهاية مارس الماضي إلي 2.4 مليار دولار مقابل 2.5 مليار دولار في الشهر ذاته من العام السابق، وزيادة الموارد الدولارية الأساسية بواقع 0.8 مليار دولار، فإن ميزان المدفوعات تراجع بشكل كبير خلال الربع الثالث من العام المالي 2010/ 2011 ليحقق عجزا بلغ 5.5 مليار دولار..كما يرجع إلي تحقيق الحساب المالي الذي تسجل فيه الأصول والالتزامات المالية الخارجية عجزا في نهاية مارس الماضي بقيمة 1.8 مليار دولار، مقابل فائض بقيمة 5.2 مليار دولار بنهاية مارس في العام السابق. وهو الأمر الذي يجب معه اتخاذ قرارات سريعة للتخفيف من تراجع الاحتياطي.. منها رفع الحد الأدني لرؤوس أموال البنوك العاملة في مصر من 500 مليون جنيه إلي 3 مليارات جنيه،لأن هذا من شأنه ضخ 67.4 مليار جنيه تمثل 11.3 مليار دولار في أوصال الاقتصاد،مع الإسراع بالدخول في شراكة مع السودان الشقيق لزراعة القمح والذرة وإقامة مشاريع للثروة الحيوانية ومنتجاتها، من ألبان وخلافه، يمكن أن يوفر لنا واردات بما لا يقل عن 4 مليارات دولار كل عام. بالإضافة إلي ضرورة اتخاذ التدابير لتدعيم المصريين العاملين بالخارج.. فثاني أكبر مواردنا الدولارية باتت هي تحويلات هؤلاء المصريين، أن تناقص الاحتياطي من النقد الأجنبي لدي المركزي إلي 20 مليار دولار أو أقل من ذلك من إجمالي 36 مليارا في الشهور الماضية، إضافة إلي اتجاه أوروبا إلي تنفيذ خطة تقشف في الواردات؛ علاجا لمشكلة أزمة سيولة لديها، وبما أن مصر تعتبر أحد الشركاء الموردين لأوروبا، فهذا يعني تأثر صادراتنا بالسلب جراء هذه الخطة، بهذا الوصف للأزمة الحالية تحدث- الخبير الاقتصادي أحمد سليم مشيرا إلي أنهما خطران يواجهان الاقتصاد المصري، إضافة إلي توقف النشاط السياحي نتيجة الانفلات الأمني الحادث، كل ذلك وغيره يتطلب ضرورة البحث عن علاج لهذه المشكلات باعتبارها مصادر الدخل الأساسية للنقد الأجنبي. لذا فالأمر يتطلب ضرورة الطرق علي أكثر من باب بهدف تعويض الجزء المتوقع انخفاضه من الصادرات المصرية، سواء الزراعية أو الصناعية أوالتعدينية، باعتبار أن الصادرات هي الكفة الثانية في الميزان لسد النقص في النقد الاحتياطي الأجنبي لدي البنك المركزي المصري،لذا فالسوق الخليجية تأتي من بين البدائل المقترحة لتعويض هذا التآكل في النقد الأجنبي الذي يعتبر الممول الرئيسي والوحيد للاستيراد من الخارج لسلع أساسية واستراتيجية في الغذاء وغيره.. خاصة أن السوق الخليجية تحتل المركز الثاني في الصادرات المصرية، أيضا يمكن لمصر أن تتجه إلي السوق الأمريكية وتنتهز فرصة ميزة النوافذ الزمنية، وهي( اختلاف مواعيد وتوقيتات وجود السلعة في غير وقتها بذات الدولة)، وهذا يتطلب بذل مجهود أكثر لوجود منافسة في توقيتات بعض الصادرات، وأقصد الزراعية، من دول أميركا اللاتينية. إن الخطر بالنسبة لمصر، حسب المعايير الدولية، يكون عندما لا يكفي الاحتياطي لتغطية 3 أشهر من الواردات، والمقدر بنسبة لمصر بنحو 13 مليار دولار، مطالبا بترشيد الواردات، بحيث لا يتم استيراد غير السلع الضرورية، كالغذاء وغيره، خاصة أن هناك ارتفاعا لسعر الدولار أمام الجنيه المصري، مما يساعد علي فرملة الواردات ويشجع علي التصدير. لذا فالنقص المتزايد للاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية، يعتبر مؤشرا خطيرا وغير طيب، لأن هذا الاحتياطي هو وسيلة الثمن التي نستورد به من الخارج السلع الاستراتيجية، وفي مقدمتها القمح، خاصة أن حجم الصادرات الزراعية، بما فيها الصناعات الغذائية التي تصل إلي المليار دولار، قد فقدت قرابة ال200 مليون دولار بنسبة 20 في المائة من الإجمالي، كذلك حصيلة تصدير الأرز الذي توقف، إضافة إلي القطن أيضا الذي لا يجد من يشتريه من الفلاح وأصبح يعاني الكثير من المشكلات، مما يعني زيادة في أسعار المنتجات الغذائية التي تكون السبب الرئيسي في زيادة معدلات التضخم المتوقع خاصة في حالة الاستمرار في إتباع نفس السياسات. و علي النقيض تماما وبروح التفاؤل تري بسنت فهمي مستشار بنك البركة المصرفي أنه من الممكن بشكل كبير تفادي أزمة تناقص احتياطي النقد الأجنبي،وذلك من خلال تغيير السياسات النقدية التي يتبعها البنك المركزي حاليا، مشيرة إلي أن جزءا من الاحتياطي يهدر في دعم العملة المحلية، إلي جانب عمليات استيراد سلع غير أساسية في البلاد.. وأضافت أنه في حالة رفع البلاد يدها عن دعم العملة، فإن ذلك سيؤدي إلي تراجع سعر العملة المحلية، وسيعود ذلك بفوائد كبيرة علي البلاد، وسيكون هذا إحدي الوسائل لجذب الاستثمارات الخارجية، وسيشجع عمليات تحويل الأموال إلي العملة المحلية بعد اتجاه البعض إلي تحويل مدخراتهم إلي العملات الأجنبية للحفاظ علي قيمتها.. ولكن هذا يتطلب أيضا اتخاذ عدد من الإجراءات الأخري، مثل تحجيم الواردات ورفع سعر الفائدة، للمحافظة علي معدلات التضخم عند مستويات آمنة، ونضمن بذلك عدم زيادة الأسعار وارتفاع مستويات التضخم وأكدت بأن ما يشاع عن أن مصر مقبلة علي خطر بسبب تراجع احتياطي النقد الأجنبي فهو أمر مبالغ فيه، ويستخدم فزاعة للمصريين، فخلال عام 2004 وصل احتياطي النقد الأجنبي إلي خمسة مليارات جنيه، ولم تفلس وقتها مصر.