الفيلم البلچيكى الصبى والدراجة بدأ موسم الترشيحات للجوائز السينمائية لعام 1102 التي استهلت موسمها بإعلان جوائز دائرة نقاد نيويورك، بفوز الفيلم الفرنسي »الفنان« بجائزة أفضل فيلم، بينما حصل براد بيت علي جائزة أفضل ممثل عن فيلميه »شجرة الحياة« و"موني بول"، كما نالت ميريل ستريب جائزة أفضل ممثلة عن فيلم "المرأة الحديدية" التي جسدت من خلاله شخصية مارجريت تاتشر رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، وحصل الفيلم الإيراني »الانفصال« علي جائزة أفضل فيلم أجنبي »غير ناطق بالإنجليزية«، وهو الفيلم الذي يعتبره النقاد من أهم ماقدمته السينما الإيرانية في السنوات الأخيرة، وسبق له الحصول علي جائزة الدب الذهبي من مهرجان برلين الذي أقيم في فبراير الماضي، كما حصل أبطاله الأربعة علي جائزة الدب الفضي لأفضل ممثل وممثلة نالها كل من »ليلي حاتمي« وساره بيات مناصفة، و»بايمان موعادي«، و»شهاب حوسيني«. وفيلم "الانفصال" مرشح للجولدن جلوب بين خمسة أفلام تتنافس علي جائزة أفضل فيلم أجنبي بينها "الجسد الذي أعيش فيه "للمخرج الاسباني المودوفار، والفيلم البلجيكي الصبي والدراجة للأخوين "داردين" ، والفيلم الفرنسي الفنان، ويبدو أن فرص فوز فيلم الانفصال ترتفع عن غيره، وخاصة أنه حصد حتي الآن عدداً لايحصي من الجوائز، وينتظره ترشيح جديد للأوسكار، ليسجل انتصاراً جديدا للسينما الإيرانية التي لانعرفها جيدا، والتي نخطيء كثيرا عندما نستسلم لفكرة أنها سينما مغلقة علي نفسها، ولايميزها من"وجهة نظر البعض" سوي ظهور النساء وهن محجبات فقط، في تجاهل وجهل بماتقدمه من موضوعات تناقش قضايا شديدة التعقيد والتشابك من خلال سينما جميلة ممتعة، وشديدة الرقي والتطور استطاعت أن تصل وتتواصل مع الجماهير في كافة أنحاء العالم مع اختلافاتهم الثقافية، والمزاجية! الانفصال أو THE SEPARATION هو الترجمة الإنجليزية للعنوان الأصلي "انفصال نادر وسيمين "، وتدور أحداثه بين زوجين من الطبقة المتوسطة العليا، حيث تقرر الزوجة الشابة "سيمين" السفر خارج طهران بحثاً عن فرصة أفضل للحياه ، ولكن الزوج "نادر" يرفض أن يصطحبها نظرا لارتباطه الشديد بوالده العجوز الذي يعاني من الزهايمر ويحتاج لرعاية فائقة، ولايستطيع الزوج مقاومة رغبة زوجته وطموحها في السفر فيتركها تقرر ماتشاء بشرط أن تترك ابنتهما المراهقه تعيش معه، لتكمل دراستها في مدارس طهران، ويستعين الزوج بخادمة شابة هي "رازي" لرعاية والده المسن، أثناء غيابه في العمل، وتطلب "رازي" أجراً كبيراً مقابل تلك الخدمة، وتحرص علي ألا تخبر زوجها العاطل بأنها تعمل في منزل نادر، ويحدث أن يعود نادر يوما من عمله فيجد والده في حاله يرثي لها، وقد ربطته الخادمة في الفراش حتي تضمن عدم حركته، وخروجه من المنزل مما يمكن أن يعرض حياته للخطر، وتنتاب نادر حالة هائلة من الغضب بعد أن وجد والده ملقي علي الأرض ومقيد بفراشه، وعندما تعود الخادمة من الخارج ينهرها ويطردها ولكنه تصر علي أن تحصل علي أجرتها اليومية فيرفض ويدفعها خارج الشقة! وتبدأ المشاكل تنهال علي الزوج نادر عندما يكتشف أن الخادمة قد رفعت عليه قضية مطالبة إياه بتعويض ضخم للغاية، لأنه تسبب في إجهاضها بعد أن دفع بها للخارج وتسبب في سقوطها علي درجات السلم ومن ثم فقدانها لجنينها، وأمام القاضي يقسم الزوج "نادر" إنه لم يكن يعلم أن خادمته حامل، بينما ابنته المراهقة تدرك أنه يكذب، وتحاصره الفتاة بالأسئلة فيعترف لها أخيرا بإنه يضطر للكذب لأنه لا يستطيع بحال أن يدفع التعويض الضخم الذي تطلبه الخادمة، وإن عدم الدفع سوف يؤدي به الي السجن ومن ثم يفقد وظيفته، بالإضافة لأنه غير متأكد أن دفعه للخادمة هو السبب في فقدها لجنينها، وعلي هذا فهو يدفع عن نفسه خطراً كبيراً بعدم ذكر الحقيقة، ولكن الإبنة المراهقة تشعر بخيبة أمل في والدها لأنها ببراءة شديدة لم تكن تظن أنه يمكن أن يكذب، وعلي الجانب الآخر تعترف الخادمة "رازي" لزوجها الذي كان أكثر منها حرصا علي المضي في القضية، أنها تعرضت لحادث سير في اليوم السابق لإجهاضها، وأن سيارة مسرعة ضربتها وقد يكون هذا هو السبب الحقيقي لفقدها لجنينها، ولكن الزوج العاطل يفضل عدم ذكر تلك الحقيقة ليحصل علي تعويض من نادر! وتتأزم الأمور ويتورط الجميع في شبكة من الأكاذيب ليدفع عن نفسه خطراً أو يحقق مكسباً لايتسحقه! ولكن تلك الأكاذيب تؤدي الي سقوط دعائم الحياة وتتهاوي العلاقات الإنسانية مثل قطع الدومينو. وفي النهاية يسأل القاضي الإبنة المراهقة هل تفضل الحياة مع والدها أم مع والدتها، وتقع الفتاة في حيرة بالغة، فهي تشعر أن طموح أمها ورغبتها في السفر والتخلي عن والدها قد يكون سببا لتعرض العائلة لتلك التجربة الصعبة، وفي نفس الوقت تشعر ان والدها ليس الشخصية المثالية التي كانت تعتقدها، ويظل الزوجان خارج قاعة المداولة في انتظار قرار ابنتهما! قد تبدو قصة الفيلم التي كتبها المخرج "أصغار فرهادي" شديدة البساطة، ولكن روعة الفيلم في جمال تفاصيله، وأداء أبطاله، ومن خلاله تستطيع أن تتفهم طبيعة الحياة في المجتمع الإيراني والقيم والمعايير التي تحكم تلك الحياة، ولو كانت تلك الأحداث تدور في المجتمع المصري لانتهي الأمر في قسم الشرطة، بضرب الخادمة ونفخها هي وزوجها وكل أفراد عائلتها كي تتراجع في أقوالها وذلك انحيازا للطرف الأقوي، ولكن الأمر ليس كذلك في المجتمعات التي يقف فيها الجميع أمام القانون علي قدم المساواه ويصبح فيها الكذب خطيئة أكبر من القتل أحياناً، بغض النظر علي أن هذا المجتمع"الإيراني" قد يلجأ للقمع عندما يتعلق الأمر بمعارضة النظام السياسي !! ويبقي أن تعرف قيمة نجوم العمل وعلي رأسهم "ليلي حاتامي" التي لعبت دور الزوجة "سيمين"، وهي ابنة للمخرج الإيراني الكبير"علي حاتامي"ويلقبونه بأسطورة السينما الإيرانية، ولكن ليلي لم تحترف التمثيل من خلال والدها، ولكنها درست الهندسة الإلكترونية في جامعة لوزان بسويسرا، ثم غيرت مسار حياتها وقررت أن تدرس الأدب الفرنسي، وبعد أن عادت الي طهران جذبتها أضواء السينما وعملت مع المخرج درويش مهرروجي في فيلم بعنوان" ليلي"، وتزوجت من زميلها في الفيلم "علي مصطفي " في عام 9991 وأنجبت منه طفلتيها، وأصبحت خلال عشر سنوات من أهم نجمات السينما الإيرانية، أما بطل الفيلم "بايمان موعادي" الذي لعب شخصية نادر ، فهو من مواليد نيويورك ، وقد عاد مع أسرته الي طهران وهو في الخامسة من عمره ، وعاش بها سنوات طفولته وشبابه ودرس الهندسة قبل أن يقع في حب السينما ويعمل بها، كتب مجموعة من الأفلام، ثم أصبح ممثلاً ذائع الشهرة وسبق له الحصول علي عدة جوائز في عام 9002 عن دوره في فيلم "حول إيلي" الذي أخرجه أيضاً أصغار فارهادي.