غريب أمر البرلمان الأوروبي، يتبني مشروع قرار تفوح في بنوده الإثني عشر رائحة الإملاءات ومحاولة فرض الوصاية علي مصر، بدعوي حماية المسيحيين من الاضطهاد والتمييز، تشير بنوده لهدم الكنائس وهجرة عشرات الآلاف من الأقباط، ويطالب بحذف أي مراجع للدين في الوثائق الرسمية، وخطف الفتيات المسيحيات لإجبارهن علي اعتناق الإسلام، واتهام المتطرفين الإسلاميين بالهجوم علي الكنائس، أما الأغرب أنه بعد إصدار القرار يقوم وفد من البرلمان الأوروبي بزيارة لمصر هذا الأسبوع، ولا ندري ما هي الآليات التي يتعامل بها وأولوياته، ولماذا لم يستمع لشهادات موثقة من الإدارة المصرية وليس مجموعة محدودة من أقباط المهجر قبل إصدار قراره. في نهاية الأسبوع الماضي تبني البرلمان الأوروبي مشروع قرار اتسم بعدم التوازن أو النزاهة بعد جلسة مغلقة لخمسة من أعضائه مع بعض الناشطين المسيحيين المصريين بأوروبا بمشاركة قنصل مصر في بلجيكا وعلي مايبدو كان الحاضر الغائب في الجلسة ، القرار يدين بشدة قتل المتظاهرين المسيحيين في مصر وسوريا ويدعو سلطات البلدين لحمايتهم ، وأن هناك عشرات الآلاف من المسيحيين تركوا مصر منذ مارس الماضي لكن القرار لم يذكر سبب ترك هؤلاء البلاد وهل كان هربا من الاضطهاد؟! وإذا كان كذلك فلماذا لم يوثق ببيانات لحالات لجوء سياسي سجلتها السفارات الأوروبية أم أنهم تركوا البلاد بمحض إرادتهم نتيجة للظروف الأمنية أو الاقتصادية هذا ما أغفله القرار ولم يحدد أسبابه وتركه للتكهنات ، البرلمان أدان أيضا قتل المتظاهرين في حادث ماسبيرو والإفراط في استخدام القوة مستبقا نتائج التحقيقات والمحاكمة ومصدرا حكمه ومتغافلا عن الضحايا الذين سقطوا من الشرطة العسكرية وحرق السيارات والمدرعات وهوية الأطراف المتورطة في الحادث والغريب دعوة القرار لتحقيقات نزيهة وشفافة !! فهل لم يشاهد الأعضاء الموقرون أشرطة الفيديو علي اليوتيوب لوقائع الحادث أم أنه اكتفي بروايات وفد أقباط المهجر قبل أيام من إصداره القرار وحسم أمره بعدها ودعوته الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات ضد مصر حال انتهكت حقوق الإنسان! البرلمان دعا السلطات المصرية لإنهاء حالة الطوارئ وإقرار قانون دور العبادة ومكافحة التمييز والإفراج عن المتهمين في حادث ماسبيرو وضمان عدم وقوع هجمات عنيفة علي الأقباط وحماية الكنائس من المتطرفين المسلمين، ألم يصل لعلم الأعضاء الحقيقة التي شهد بها الجميع أنه خلال الثورة لم تمس كنيسة واحدة بسوء رغم غياب الأمن في شوارع ومدن مصر، ألم يعرفوا أن الانفجار الذي حدث أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية أعيد فتح التحقيق بالقضية بعد الثورة وأن هناك شبهات قوية بتورط حبيب العادلي فيه وهناك ضحية من السلفيين (سيد بلال) اتهم أمن الدولة بقتله في محاولة ضباطه إلصاق التهمة به!. ثم يعبر البرلمان في مسودة القرار عن شعوره بالقلق تجاه ماأسماه خطف الفتيات المسيحيات وإجبارهن علي اعتناق الإسلام وأتساءل هنا هل استند أعضاء البرلمان الموقر علي حالات موثقة وصدرت بها أحكام قضائية أم أنه استمرار لمسلسل الأكاذيب التي بثها غرباء المهجر طوال ثلاث ساعات خلف الأبواب المغلقة دون أن يبذل البرلمان بعض الجهد لاستبيان الحقيقة من الحكومة المصرية ، وبالطبع لم يذكروا حالات الاحتجاز علي الجانب الآخر أو حالات من قتلوا بعد تحولهم للإسلام علي أيدي أسرهم ولاعدم تعرض من تحولوا للمسيحية لأي أذي ، ويدعو القرار لوقف عمليات هدم الكنائس ولم يذكر هذه الحالات أو عدد الكنائس التي بنيت فقط خلال عهد مبارك (أكثر من 3 آلاف حسب أرقام رسمية) ولامساحات الأديرة أو ضيق مساحات المساجد عن استيعاب المصلين لتكتمل معالم الصورة ، وفي الحالة السورية استهل القرار بطرح مسألة اضطهاد المسيحيين وخاصة المهاجرين من العراق ثم تناقص نسبتهم من 01 إلي 8٪ ولتجميل القرار دعا لوقف دوامة العنف وقتل المتظاهرين بشكل عام! قرار البرلمان الأوروبي المتسرع اعتمد علي شهادات وأقوال مرسلة لم يتحر خلفيات مقدميها وهل فوضهم أحد للحديث باسمه ، الكنائس المصرية أعلنت رفضها للقرار باعتباره تدخلا في الشأن الداخلي وكذلك الاستقواء بالخارج ، وهو يأتي ضمن سلسلة من التحركات لأقباط المهجر مع عدة برلمانات بدعوي اضطهاد الأقباط (كندا وهولندا واستراليا وأمريكا) والتلويح بقطع المساعدات لمصر ثم الجلسة المغلقة للجنة الحريات بالكونجرس مع ناشطي حركة 6 أبريل ، وهكذا نعيش مرحلة الجلسات السرية والقرارات المفاجئة لفرض حصار علي المنطقة وخاصة دول ثورات الربيع العربي واستمرار استخدام فزاعة الإسلاميين وفي نفس يوم قرار البرلمان الأوروبي أصدرت محكمة مارسيليا قرارا بإلغاء رخصة البناء لمسجد المدينة الكبير بحجة تهديده للحياة المحلية (يوجد 6ملايين مسلم بفرنسا من 03 مليونا في أوروبا) ! الذين يزيفون الحقائق في الخارج عن أوضاع مصر وطلب الحماية الدولية هم نتاج ثقافة غير متسامحة وعدائية تخالف تعاليم الدين المسيحي ويدعون للاستقواء بالغرب الغارق في أزماته للإضرار بالجميع في مصر وأعتقد أن هناك الكثيرمن العقلاء من شركاء الوطن يدركون مايفعله فلول المهجر من تسميم الأجواء بين أبناء مصر الذين تعايشوا في محبة وسلام طوال قرون من الزمن وسيظلون كذلك وهم قادرون علي حل مشاكلهم بأنفسهم وداخل وطنهم. كلمة أخيرة الديمقراطية عملية تمكن الناس من اختيار الرجل الذي ينال اللوم ! (برتراند راسل)