ما أعظم جلال الله سبحانه وتعالي.. وما أعظم نعمه وإذا كان آخر رُسل السماء كان يقول: »تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق« فلأن التفكير في الخلق يقود إلي الإيمان بالله.. فالله فوق الزمان وفوق المكان وفوق العقل، ومن هنا قال العارف بالله ابن عبدالجبار النّفري في كتابه »المواقف والمخاطبات«: أنا يستدل بي.. أنا لا يستدل عليَّ«. ولأن عظمة الله بلا حدود، فيكفي أن نعرف أن أسرار أقل مخلوق فيه من المعجزات الدالة علي قدرة الخالق مافي أكبر المجرات.. يقول علماء الفلك مثلا: إن مجموعتنا الشمسية تدور حول درب التبانة بسرعة 1.912 ميل في الثانية ومع ذلك تستغرق الدورة الواحدة 052 مليون سنة!! والإنسان جزء ضئيل في هذا الكون، ومن هنا فلا يستطيع مهما أوتي من العلم أن يخرج من مُلك الله، ومن هنا قال الشاعر الفيلسوف أبو العلاء المعري: وهل يأبق الإنسان من مُلك ربه فنخرج من أرض له وسماء ورسولنا الأعظم في رحلته المقدسة »الإسراء والمعراج« عندما أسري به من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي، وصلي بالأنبياء إماما، ثم عرج به إلي السموات العلي حيث رأي مارأي من معجزات، ووصل إلي سدرة المنتهي، ثم جاوزها إلي مكانة لم يصلها من قبل رسول أو ملك مقرب، عندما سئل هل رأيت ربك؟ أجاب: نور أنَّي أراه. فالله أعلي وأجل وأعظم من أن يُري ومن هنا قرأنا أجمل ماقيل علي لسان الصوفية في حبهم لله، مثل قول إبن الفارض: فقت أهل الجمال حُسنا وحسا فيهم فاقة إلي معْناكا يحشر العاشقون تحت لوائي وجميع الملاح تحت لواكا علَّم الشوق مقلتي سهر الليل فصارت من غير نوم تراكا وهذه الأبيات كما يشرحها الدكتور شوقي ضيف: إنه الجمال الرباني الذي لا يشبهه جمال، جمال الذات الإلهية الذي ظل يرنو إلي شهوده، والذي ظل يجاهد جهادا عنيفا من أجله، وظل يتغني به غناء حارا، حتي أصبح بحق يحمل لواء العاشقين، وحتي أصبحت حياته كلها غناء به، أناء الليل وأطراف النهار، فدائما يصدح بأناشيد حبه، ودائما يتجه إلي ربه بمحبته، وأنه ليعلن في البيت الأخير نعيمه بشهوده. و..ماأعظم جلال الله.. جل علاه.