يحكي أن .. كان هناك إمبراطور صيني يعيش في عصر بعيد، كانت إمبراطوريته في أوج ازدهارها، عرف السعادة بعد أن وقع في حب فتاة أصبحت زوجته، عاش معها أجمل أيام حياته، وفي يوم حزين فقدها بعد أن ماتت بين ذراعيه بسبب مرض غامض، دخل الإمبراطور بعدها في نوبة حزن شديد، اعتزل العالم في غرفة قصية من قصره الفخم، شعر مستشاروه بالهلع بعد أن أهمل تدبير أمور مملكته، فشلوا في إيجاد حل لإخراجه من عزلته وحزنه حتي توصلوا لطبيب مشهور بغرابة أطواره يعالج بنظريه "العناصر الخمسة"، بعد أن أستمع لمشكلتهم غمغم قائلا: الغضب فوق الحزن والحزن فوق الفرح والفرح فوق لوم الذات. لم يستوعب أحد مقولة الطبيب وأصروا علي اصطحابه معهم. دخل الطبيب علي الإمبراطور فلم يشعر به من فرط حزنه، اقترب منه وانهال عليه بالسباب واللعنات، انتفض الإمبراطور غاضبا ناويا الفتك بالطبيب الذي فر هاربا من أمامه بعد أن شعر بالغضب الشديد، خرج من عزلته وجمع قادة دولته وطالبهم بالقبض علي الطبيب لقطع رقبته، قبل أن يهوي السيف علي رقبة الطبيب طلب أن يستمع الإمبراطور لخطة علاجه الغريبة من إخراجه من الحزن إلي الغضب لتتحرر طاقات جسده وتفرز الهرمونات ويعود قلبه الذي هو مركز العواطف والانفعالات لينبض بقوه. عفا الإمبراطور عن الطبيب بعد أن نجح في إعادته إلي عرشه من جديد وترك لنا الطبيب نظرية في العلاج تسمي »العناصر الخمسة» يمارسها الأطباء في العصر الحديث ويحققون بها نتائج مبهرة في علاج أمراض عديدة، لا نحتاج لأن نذهب إلي الصين لمعرفة طرق العلاج بتلك النظرية القديمة، فالتقينا بالدكتور هاني ناجي أحمد استشاري الروماتيزم وأمراض المناعة بجامعة القاهرة والمتخصص في علاج الألم بالطب الصيني ليشرح لنا كيف يستخدم تلك النظرية في علاج الكثير من الأمراض الشائعة. قبل أن نتحدث عن الأمراض وعلاجها، أردت أن نعرف بعض المعلومات عن نظرية العناصر الخمسة التي يعتمد عليها الطب الصيني بشكل كبير. قال الدكتور هاني : ببساطة في الوقت الذي أعتقد فيه الفلاسفة والعلماء أن العالم يتكون من أربعة عناصر هي التراب، والهواء، والماء، والنار زاد عليهم العلماء في الصين العنصر الخامس وهو الخشب وبرع العلماء في الصين في تكوين علاقات مابين العناصر الخمسة وأعضاء الجسم وتأثيراتها علي الأمراض وأصبح الطب الصيني الذي أخذ كثيرا من علومه من الفراعنة وأضاف إليه من الطب النبوي أيضا وخاصة الحجامة، علما مكملا حتي أننا نستطيع من خلال ممارسته الاستغناء عن المسكنات في علاج كثير من الأمراض التي تحقق نتائج جيدة جدا عن طريق استخدام الإبر الصينية التي يدخل معها أيضا الأعشاب والأحجار . • ما الأمراض التي يحقق فيها العلاج الصيني نجاحا ملحوظا؟ - هناك الكثير من الأمراض ينجح في الوصول فيها إلي مرحلة الشفاء وأمراض أخري يتمكن فيها من جعل الجسم يبدو في وضع أفضل للتعامل مع أمراض شديدة الخطورة وأقصد هنا تقوية جهاز المناعة بشكل عام، ومن الأمراض الشائعة التي يحقق فيها نجاحا ملحوظا الآلام المزمنة المتعلقة بخشونة الرقبة والركبة والظهر، والصداع النصفي، والعصب السابع، وآلام الدورة الشهرية، والبدانة وتحسين جهاز المناعة. إذا كان هناك مريض يعاني من آلام مزمنة في الرقبة وتم تشخيصها علي أنها خشونة، كيف يتم علاجها باستخدام الطب الصيني؟ - العلاج بالإبر الصينية يعتمد علي خريطة للجسم موزع عليها نقاط، كل نقطة أو مجموعة نقاط مسئولة عن عضو في الجسم بالضغط علي النقطة المقابلة للعضو يتم إعادة تحفيزها وتخليصها من الألم والمرض وإعادة مسارات الطاقة داخل الجسم إلي مسارها الصحيح فيختفي الألم الذي يكون السبب في ظهوره هو تعطل مسار الطاقة الخاص بهذه المنطقة. وفي الحالة التي ذكرتيها يمكن استخدام الإبر الصينية مع عشب »الموكسا» وهو عشب صيني نادر ومن خواصه أنه ناقل للحرارة، فإذا استخدم مع الإبر الصينية في موقع النقاط الخاصة بالرقبة فيقوم بعمل إشعاع حراري تعادل قيام المريض بإجراء جلسة بالموجات فوق الصوتية. ذكرت أنه يمكن أن يتم علاج السمنة عن طريق الطب الصيني؟ لابد أن نعرف كيف تحدث السمنة، طبقا لنظريات العلاج بالطب الصيني يحدث عطل في أربعة مسارات للطاقة مهمة مرتبطة بأربعة أعضاء هي الكبد، والطحال، والرئة، والقلب. لنبدأ بشرح العلاقة بين الرئة والسمنة، قدماء الصينين قالوا إن الجسد البشري هو وعاء مغلق، له أربعة فتحات، اثنتان علويتان هما الفم والأنف واثنتان سفليتان هما فتحة إخراج البول والبراز، والرئة هنا هي المسئولة عن مرور الهواء والتنفس ، ومرض الإمساك هو أحد الأمراض التي تتسبب في السمنة، فإذا تم تنشيط مسارات طاقة الرئة عن طريق استخدام الإبر الصينية فتنتهي مشكلة الإمساك أو صعوبة الإخراج فنتخلص من أحد الأسباب. أما بالنسبة للطحال له دور مرتبط بالمناعة وعملية الهضم، فإذا تعثرت عملية الهضم فهي تسمح بتراكم الدهون وهنا إذا قمنا بتنشيط مسارات الطاقة المرتبطة بالطحال والموجودة نقاطها في منطقتي البطن والساق فسيتم الهضم بشكل جيد يسمح بعدم تراكم الدهون. ونحن لانعتمد في العلاج بالطب الصيني علي النظريات القديمة وحدها، لكن هناك طرق حديثة في علاج السمنة مثلا حدث بها تطور هائل، فهناك أبحاث طبية لاحظت أن المرضي الذين أجروا عمليات جراحية تم استخدام فيها خيوط جراحية من مواد عضوية وخاصة المصنعة من أمعاء القطط يفقدون نسبة من أوزانهم وبعد تجارب كثيرة أصبحنا نستخدم الآن قطعا من الخيوط الجراحية مقطعة بحجم 2 سم تغرس تحت الجلد في منطقة البطن وهي نقاط مرتبطة بالطب الصيني، ويتم الغرس بسن رفيع مخصوص يستخدم لمرة واحدة وتحتاج تلك الخيوط لمدة تتراوح مابين أسبوعين وثلاثة حتي تذوب ويفقد الشخص بعدها من ثلاثة إلي خمس كيلو جرامات بعد الجلسة، ويمكن أن يكرر الشخص هذه الجلسات عدة مرات حتي يصل إلي الوزن الذي يرغب فيه بدون اتباع نظام غذائي قاسٍ، وأكثر المناطق التي تزول منها السمنة هي منطقتي البطن والأرداف. هذه الطريقة الجديدة وفرت الكثير من الجهد علي من يرغب في إنقاص وزنه، فقبلها كنا نستخدم الإبر الصينية بغرسها في المناطق المسئولة عن السمنة لمدة أربعين دقيقة يوميا. قلت لي إن العلاج بالإبر الصينية يحقق نجاحا كبيرا في علاج »العصب السابع» هل يتم استخدام مواد أخري في العلاج؟ نستخدم »حجراً صينياً» جبلياً لونه أسود وشديد الندرة، قبل جلسة العلاج بعشر دقائق يوضع الحجر في ماء ساخن، ويتم تدليك الوجه به في نفس موضع نقاط الإبر الصينية وفي اتجاهات مسار الطاقة. للحجر قدرة علي الاحتفاظ بالحرارة وإعادة نقلها في مسار النقاط المرتبطة بالعصب. وماذا عن علاج حب الشباب؟ وفقا للطب الصيني يحدث حب الشباب نتيجة اختلال مسارات الطاقة المرتبطة بالقلب والطحال، فتظهر حبوب الشباب وخاصة في مرحلة عمرية معينة تتم فيها تغيرات كبيرة في الجسم وتموج بانفعالات متعددة، وتعالج بالإبر الصينية في مناطقها بالرأس والذراعين وعلي نفس موضع ظهور الحبوب. ما العلاقة التي تربط بين الحالات التي تعاني من التبول اللاإرادي ونظرية الخمس عناصر في الطب الصيني؟ المياه هي أحد العناصر الخمسة في النظرية وهي ترتبط »بالكلي» وإحساس »الخوف» ولونها »الأسود»، فعندما يشعر الإنسان بخوف شديد نتيجة ذعر، أو يتعرض لمفاجأة فمن الممكن أن يحدث له تبول لا إرادي، لأن طاقة »الكلي» في تلك اللحظة تستهلك تماما وتفقد السيطرة علي وظيفتها، فيحدث التبول نتيجة تعطل مسار الطاقة، والعلاج هنا يعيد مسار الطاقة إلي مكانه السليم فيختفي المرض علي الفور. هل نجد في الطب الصيني علاجات للحالات النفسية المرتبطة بالجهاز العصبي؟ النار، واحدة من الخمس عناصر وهي مرتبطة »بالقلب» وحالتها »الفرح» وعكسه »الحزن» بالطبع ولونها »الأحمر» ، فإذا عاني الشخص من حالة فرح شديدة يمكن أن تصيبه بصدمه أو حالة »حزن» تتسبب في ظهور آلام أو حالة توتر نفسي وعصبي نتيجة أي معاناة يحدث هنا حرارة زائدة داخل الجسد قد تسبب ضررا للقلب نتيجة اختلال مسار الطاقة الخاص بالقلب، فتعديل المسار هنا وإعادته لطريقه الصحيح والتخلص من الحرارة الزائدة نتيجة الانفعالات باستخدام الإبر الصينية فتنجح من تخليصه من مثل هذه الأعراض وتعيده إلي حالته الطبيعية. يبقي أن نذكر أن الدكتور هاني أكد أن العلاج بالطب الصيني لا يمكن أن يمارسه سوي الطبيب المؤهل ولايمكن أن يتم قبل الخضوع لكافة التحاليل الطبية وأن المانع الوحيد في استخدام الإبر الصينية مرتبط بالسيدة الحامل فقط إذا ما تعرضت للوخز بالإبر فيمكن أن تتسبب لها بانقباضات في الرحم.