كان عام2005 نقطة انطلاق لوسائل الإعلام والحركات السياسية في الشارع لكي تحقق خطوة واسعة في مجال الحرية والديمقراطية، لكنها في نفس الوقت كانت نقطة تكثيف للهجوم علي الحزب الوطني وحكومته وكل ما يتعلق به، فأصبح أي تصرف يصدر عن عضو عادي بالحزب ينسب علي الفور للحزب ككيان معنوي، ويلصق به كل ما هو باطل حتي لو استنكر الحزب علي لسان قياداته هذا التصرف . أصبح كل ما يتعلق بالحزب سلبيا هو الموضوع الرئيسي في وسائل الإعلام الخاصة والقنوات الفضائية، التي صارت تضخم الأشياء وتصنع من الحبة قبة، كل هذا بغرض الترويج والتسويق في هذه الوسائل، حتي أصبح المبدأ أن المذيع يرتفع سعره في القنوات الفضائية كلما كان صوته زاعقا أكثر من أقرانه في القنوات الأخري، وهكذا صار المبدأ والعرف في سوق القنوات الفضائية وفي الصحف الخاصة، مما جعل الصورة تصل مشوهة إلي المواطن الذي أصيب بحالة مزمنة من اليأس والإحباط ولم يعد يري أي بصيص من الأمل في الغد . قيادات الحزب الوطني تدرك هذه السياسة الإعلامية التي تستهدف ضرب أي إنجازات للحزب وللحكومة . كما يدرك قادة الحزب الذين يعيشون نبض الشارع أن الصورة ليست وردية وأن تحسين الأحوال يتطلب جهدا كبيرا ويتطلب وقتا أطول، لكن الصورة أيضا ليست سوداوية، فهناك العديد من الإنجازات في كافة المجالات. هذا الموضوع وغيره كان حديث اجتماع المجلس الأعلي للسياسات ولجانه المتخصصة الذي عقد الأسبوع الماضي . لفت انتباهي انتفاضة الحزب تجاه هذه الممارسات الإعلامية التي تضرب كل إيجابية في مقتل، ووصفها صفوت الشريف الأمين العام للحزب بأنها مصطبة الإعلام، ووصف الحالة التي نعيشها بأنها حالة من الشوشرة الإعلامية، شوشرة علي كل شئ،. فلم تترك وسائل الإعلام أي وردة متفتحة إلا وحولتها إلي وردة ذابلة، لا رائحة لها. لم تترك نموذجا بشريا من أعضاء الحزب إلا وضربته في الصميم. قيادات الحزب الوطني تدرك أنها تواجه أشباحا، فالذين يقومون بذلك هم أفراد يسوقون أنفسهم ولا يعبرون عن جهة ما أو حزب ما، وإلا كان من السهل تفنيد كلامهم ودحض كذبهم، وكل ما يهمهم مصلحتهم وأن يزيدوا من سعرهم في سوق الفضائيات أو الصحف الخاصة، وتبريرهم الوحيد أن الجمهور عاوز كده. نبرة الثقة في مواجهة ادعاءات وسائل الإعلام المشوشرة والتي تمارس عملها علي غرار إعلام المصطبة، علت في اجتماع أمانة السياسات، جمال مبارك أمين السياسات أكد أن الحزب لن يكون في موقف الدفاع، بل سيجعل خصومه في موقف الدفاع لكي يحددوا أمام المواطن مغزي رسالتهم الإعلامية بالتحديد . إذا كانوا يريدون التغيير، فأي تغيير يرغبون ؟ . إن الحزب الوطني هو الذي قاد التغيير منذ أن بدأ مرحلة الفكر الجديد، وقد جاء التغيير بجهد، والمحك بالنسبة لنا هو الهدف من التغيير، وهل من ينادون بالتغيير قادرون علي أن يحدثوا التغيير، إن المجتمع المصري يتغير بالفعل ويتطور، والحزب الوطني في قلب هذا التغيير لأنه الذي يقود التغيير. جمال مبارك بث الثقة في أعضاء الحزب وأكد لهم أن الإنجازات التي قدمها الحزب ضمن البرنامج الانتخابي الرئاسي فاقت النسبة المحددة في البرنامج، كما أن البرنامج الانتخابي للحزب في التجديد النصفي للشوري والشعب سيتضمن ما حققه الحزب وحكومته، وقال أمين السياسات إن ما يثار في وسائل الإعلام إنما هو ضجيج في القاهرة، بينما أهلنا في الأقاليم والمحافظات يعرفون جيدا ما قدمه لهم الحزب والحكومة ويدركون أن مشروعاتنا التي نسعي حثيثا لتنفيذها تمس عصب حياتهم ومصدر رزقهم، فنحن عندما ننفذ مشروع تطوير الألف قرية الأكثر فقرا إنما لا نهدف إلي تقديم المساعدات الوقتية لأهلها، إنما نطور الإنسان لكي يصل إلي مرحلة القدرة علي اكتساب عيشه بصورة كريمة. جمال مبارك طالب أعضاء الحزب بألا يحبطوا بسبب السلوك الإعلامي، مطمئنا إياهم بأن المواطنين يعلمون ويدركون من في صفهم ومن لا يهمه إلا تسويق نفسه .
يحيرني أن العلاقة بين المهندس أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني وجريدة المصري اليوم متغيرة، لكن في الغالب الأعم فإن لعز موقفا من الجريدة كما أن للجريدة رأيا فيه، ومع ذلك لاحظت أن المهندس عز كتب بنفسه مقالا للمصري اليوم الأسبوع الماضي، ولا أعرف كيف تكون العلاقة بين الطرفين بهذا الشكل، وينشر عز مقالا بالجريدة، فلو كان عز هو الذي طلب نشر المقال لكان هذا تراجعا في موقفه من الجريدة. الذي صرح به أكثر من مرة، ولو كانت الجريدة هي التي طلبت منه نشر مقال لديها فلماذا وافق عز علي النشر بينما كان يمكنه أن يرفض وينشر مقاله في جريدة أخري تكون علاقته بها سوية.. مجرد تساؤلات.
الدكتور حسام بدراوي عضو الحزب الوطني البارز يصنف لدي وسائل الإعلام والرأي العام علي أنه شخصية معتدلة وأنه غريب بين صفوف الحزب، رغم أن بدراوي عضو الأمانة العامة وعضو مكتب أمانة السياسات ورئيس لجنة التعليم بأمانة السياسات وعضو مجلس الشوري المعين . د.بدراوي أعجيته فكرة أنه شخصية معتدلة بين صفوف الحزب _ وكأن الحزب ليس معتدلا _ فنظم اجتماعا لطرح وشرح فكرة استثمارية تقام من خلالها مشروعات علي ضفتي قناة السويس تجني من خلالها مصر مليارات الدولارات . فضل د.بدراوي أن يحضر الاجتماع عدد من رموز المعارضين للحزب الوطني، منهم محمد فائق وزير الإعلام الأسبق ود. ممدوح حمزة وضياء رشوان ولميس الحديدي وجمال فهمي ود. عمرو الشوبكي وآخرون ولم يكن من الحاضرين من ينتمي للحزب الوطني . خلال الاجتماع سمع د.بدراوي ما لذ وطاب من الخائضين في سيرة الحزب، ويبدو أنه وهو الرجل الكريم لم يستطع أن يرد بشكل كاف علي أناس دعاهم علي مائدته وهم ضيوف عليه . لكن في كل الأحوال لم أفهم تصرف د. بدراوي : هل عرض مثل هذه الأفكار النيرة علي أعضاء الحزب يعتبر عيبا؟ أو أن الشيخ البعيد سره باتع؟ أو أن الحزب لا يوافق علي مثل هذه الفكرة؟ أو كما قال ضيوف د. بدراوي : إنهم يتخوفون من أن يقفز أعضاء الحزب الوطني علي هذه البقعة الغالية ويستولون عليها؟ .