الله ليلة القدر بنزول القرآن الكريم فيها، ففضلها علي غيرها من الليالي، وجعلها خير من ألف شهر، ويحرص المسلمون علي العبادة في هذه الليلة التي تأتي في العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم، ولم يعلن الله سبحانه عن موعد ليلة القدر لكي يحث المؤمنين علي إخلاص العبادة في العشر الأواخر من شهر رمضان فيتضاعف لهم الأجر، حول فضل ليلة القدر وسبب اسمها وكيفية العبادة فيها، دار حوار "دين ودنيا" مع عضو مجمع البحوث الإسلامية، وأستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، الدكتور محمد الشحات الجندي، الذي شرح لنا فضائل هذه الليلة، وأكد الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلي للشؤون الإسلامية، أن الملائكة يتنزلون في هذه الليلة المباركة لأداء مهام خاصة لإسعاد المؤمنين، وفيما يلي نص الحوار: • لماذا سميت ليلة القدر بهذا الاسم؟ - سميت بليلة القدر لأن لها قدراً عظيماً عند الله، ويستقر فيها مصائر البلاد والعباد، والقضاء والقدر أحد أصول الإيمان بالله، وفي هذه الليلة يقضي الله بقدرته علي العباد، لأن الله جعل الإيمان بالقضاء والقدر مكونا أساسيا من مكونات الإيمان، فقد قدر الله مصيرنا منذ الأزل لكننا علمنا بذلك من خلال نزول القرآن الكريم، وفي ليلة القدر نزل القرآن الكريم علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، ومن عظمة ليلة القدر أن تنزل فيها الملائكة محملين بمهمات خاصة من قبل الرحمن الرحيم لأهل الأرض وتتنزل فيها الروح الأمين ويتجلي الله سبحانه علي عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، ففي هذه الليلة من التجليات ونسايم الرحمات ما ليس في غيرها من الليالي. • ماذا يفعل المسلم في هذه الليلة؟ - كان حريا بالمسلم أن يقوم هذه الليلة، ويذكر الله بكل أنواع الشكر والدعاء والصلاة والصوم من أوجه القربات لله تعالي، وموعد ليلة القدر قال رسول الله إن علينا أن نتحراها في العشر الأواخر من شهر رمضان، وعلي المؤمن الصائم أن يكثر من التقرب إلي الله ليكن من الفائزين بنعمة ليلة القدر. • وما هو فضل ليلة القدر؟ - هي ليلة فضلها الله سبحانه علي جميع الليالي، لأن فيها نزل القرآن الكريم، ويكفيها فضلا بذلك، كما أن ليلة القدر فيها جائزة من الرحمن للصائمين بعد شهر من الطاعة والصوم عن الأكل والشراب والشهوات، وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها: "هذه الليلة هي سر بين العبد وربه"، وكيف نحيط بفضل ليلة القدر والله سبحانه يقول عنها: }وما أدراك ما ليلة القدر{، أي أننا لن نصل إلي جميع فضائل ومكانة هذه الليلة التي هي خير من ألف شهر. • ما فضل من ينال ليله القدر؟ - المسلم الذي ينال شرف الإجابة في ليلة القدر، فقد فاز فوزا عظيما، لقد حاز الدنيا وما عليها، فليلة القدر هي ليلة الفضل الكبير والخير الجزيل من رب العالمين، وعلي المسلم العابد القوام أن يتفرغ في هذه الليلة للعبادة والدعاء والتقرب إلي رب العالمين، وعلي الإنسان المسلم الصائم أن يكثر من صلاة الجماعة في آخر شهر رمضان، لكي ينال المغفرة، إذ يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: "شهر رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار"، فعلي المرء أن يحافظ علي قراءة القرآن الكريم والإكثار من الذكر والشكر وصلاة الجماعة، والتقرب إلي الله لا يكون بمجرد الحركات البدنية بل يكون بتزكية الروح وتصفية النفس وتخلية القلب من شواغل الدنيا، وهي كلها شروط الوصول إلي رضا الله كي ينعم علي العبد ببلوغ ليلة القدر. • كيف نستفيد من ليلة القدر؟ - فائدة ليلة القدر أن يستعيد المسلم نفسه ويجدد دينه وأن يكون في معية الله، وليس أفضل ميزة من الوقوف بين يدي الله في ليلة القدر، فالإنسان الذي يتجلي الله عليه بها يشعر بالأمان والطمأنينة والزاد الروحي والسكينة، فيتجرد من زخارف الدنيا، ويري ما لا يراه الكثير من البشر ويشعر بأطياف الملائكة والنور ونسائم الرحمات، وعند مطلع الفجر تصعد الملائكة إلي السماء بعد أن أنهت مهمتها علي الأرض، لذا تطلع الشمس صبيحة اليوم التالي ولونها أبيض من قوة أنوار الملائكة، فعلي كل مسلم ومسلمة أن يتحري هذه الليلة وأن يتوجه إلي خالقه ليحظي بفضل هذه الليلة. • مع اقتراب عيد الفطر المبارك، هل صلاة العيد سنة؟ وكيف نحتفل به بما يتوافق مع التقاليد الإسلامية؟ - صلاة العيد سنة مؤكدة عند بعض الفقهاء وواجبة عند جمهور آخر من الفقهاء، استنادا لقوله تعالي (فصل لربك وانحر) أي أن هناك أمرا إلهيا لصلاة العيد، وقد ثبت وجوبها بالسنة الفعلية عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، إذ كان يصلي عليه وسلم صلاة العيد في الفضاء، فعلينا أن نصليها الآن في الساحات والميادين، وتنظيمها أمر هام في ظل الظروف الحالية، لأن البعض من ذوي الاتجاهات الخاطئة يستغل صلاة العيد بشكل خاطئ. وفي عيد الفطر كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يظهر الفرحة في العيد وهي مناسبة للابتهاج الروحي والتضامن الإنساني لذلك يحرص المسلمون علي أدائها بشكل جماعي في المساجد ورغم كونها لا تتطلب الأذان والإقامة ينصح المسلمون بالخروج إليها والمحافظة عليها. • ماذا عن خطبة العيد؟ - خطبة العيد تبدأ بالتكبير، ولا تبدأ بالحمد الذي يكون في خطبة الجمعة العادية، وتكون خطبة العيد مليئة بالفرح والسرور بالعيد بعد صيام شهر رمضان الكريم وتدعو إلي التكافل والحب والإخاء بين الناس والعودة للود المفقود في حياة الناس، كما تدعو إلي التقوي فهناك حديث من عصي الله في يوم العيد فكإنما عصاه في يوم الوعيد، فعلينا أن نحتفل في العيد بعد صيام شهر رمضان لكن بما لا يغضب الله سبحانه وبما لا يضايق الناس من إزعاج أو غيره من ظواهر سلبية نراها في التجمعات في الأعياد، أما عن زيارة القبور في الأعياد مستحبة، لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم "كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزورها"، أي أنه علينا زيارة القبور في اليوم الأول من العيد للعظة والتذكرة وأن نزور أهالينا الأموات.