لجان ترشيح المتقدمين لمنصب العميد بكليات ومعاهد جامعة القاهرة تنهي أعمالها    أسبوع الحسم، آخر مستجدات قانون الإيجار القديم    مدير الإغاثة الطبية بغزة: 17 ألف طفل يعانون من سوء تغذية شديد    تشكيل ليفربول المتوقع أمام ميلان    تجديد حبس سائق بتهمة سرقة 6 ملايين جنيه من مالك شركة يعمل بها بالعمرانية    الأرصاد تحذر من ذروة موجة حارة تضرب القاهرة    مطار مرسى علم يستقبل 184 رحلة من 15 دولة أوروبية الأسبوع الجاري    «موعد أذان المغرب».. مواقيت الصلاة اليوم السبت 26 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    كيم جونج أون لجيشه: يجب الإستعداد ل«حرب حقيقية في أي وقت»    الكونجرس الأمريكي: 75% من سكان غزة يواجهون مجاعة عقب الحصار الذي فرضه نتنياهو    قائمة الجامعات الأهلية المعتمدة في تنسيق 2025.. دليل شامل للطلاب الجدد    تنسيق 2025.. موعد المرحلة الأولى لطلاب الثانوية العامة وأسماء الكليات المتاحة لكل شعبة (تصريحات خاصة)    أسعار الخضروات اليوم السبت 26 يوليو في سوق العبور للجملة    حالة المرور اليوم، سيولة مرورية نسبية وأحجام محدودة في محاور القاهرة الكبرى    تعرف شخصية ليلى زاهر في مسلسل وادي وبنت وشايب    تعرف على موعد عرض أولى حلقات مسلسل « قهوة 2» ل أحمد فهمي    توفيق الحكيم، كره المرأة بسبب هدى شعراوي وعبد الناصر كان يعتبره "الأب الروحي"    «لو ابنك بلع مياه من حمام السباحة؟».. خطوات فورية تحميه من التسمم والأمراض    «خبراء يحذرون»: لا تغلي «الشاي مع الحليب» لهذا السبب    «لماذا ينصح بتناول لحم الديك الرومي؟»... فوائد مذهلة لهذه الفئات    الدفاع الألمانية تستعين بأسراب «صراصير» للتجسس والإستطلاع    رابطة الأندية توجه الدعوة لأبو ريدة لحضور قرعة الدوري    أجندة البورصة بنهاية يوليو.. عمومية ل"دايس" لسداد 135 مليون جنيه لناجى توما    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    "الحشيش حرام" الأوقاف والإفتاء تحسمان الجدل بعد موجة لغط على السوشيال ميديا    أسفار الحج (9).. زمزم والنيل    سعر الذهب اليوم السبت 26 يوليو 2025.. الجنيه الذهب ب37040 جنيها    الأهلى يزاحم الهلال على ضم نونيز من ليفربول    خدمة جوجل فوتو تضيف أدوات لتحويل الصور القديمة إلى مقاطع فيديو متحركة    أبو حلاوة يا تين.. عم محمود أقدم بائع تين شوكى فى مصر عمره 65 سنة.. فيديو    3 مكاسب الأهلي من معسكر تونس    بالأسماء.. مصرع طفلة وإصابة 23 شخصًا في انقلاب ميكروباص بطريق "قفط – القصير"    بعد أزمات فينيسيوس جونيور، هل يتحقق حلم رئيس ريال مدريد بالتعاقد مع هالاند؟    «سبوتيفاي وأنغامي» يكشفان عن صاحب المركز الأول.. عمرو دياب أم تامر حسني؟    2 مليار جنيه دعم للطيران وعوائد بالدولار.. مصر تستثمر في السياحة    رحيل نجم بيراميدز بسبب صفقة إيفرتون دا سيلفا (تفاصيل)    موعد مباراة ليفربول وميلان الودية اليوم والقنوات الناقلة    «هيسجل إمتى بعيدًا عن ضربات الجزاء؟».. تعليق مثير من الغندور بشأن زيزو مع الأهلي    إعلام فلسطيني: 4 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية غرب غزة    إيطاليا: الاعتراف بدولة فلسطين ليس ممكنا إلا باعترافها بإسرائيل    برج الحوت.. حظك اليوم السبت 26 يوليو: رسائل غير مباشرة    بالصور.. تشييع جثمان والد «أطفال دلجا الستة» في ليلة حزينة عنوانها: «لقاء الأحبة»    «مش عارف ليه بيعمل كده؟».. تامر حسني يهاجم فنانا بسبب صدارة يوتيوب .. والجمهور: قصده عمرو دياب    هآرتس: ميليشيات المستوطنين تقطع المياه عن 32 قرية فلسطينية    "مستقبل وطن دولة مش حزب".. أمين الحزب يوضح التصريحات المثيرة للجدل    رد ساخر من كريم فؤاد على إصابته بالرباط الصليبي    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق كابينة كهرباء بشبرا| صور    فلسطين.. شهيدة وعدة إصابات في قصف إسرائيلي على منزل وسط غزة    بيان من المستشار القانوني لنقابة الموسيقيين للرد على الناقد طارق الشناوي بعد أزمة راغب علامة    مستشفى الناس تطلق خدمة القسطرة القلبية الطارئة بالتعاون مع وزارة الصحة    حماس: لم نُبلغ بوجود أي إشكال بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة ونستغرب تصريحات ترامب    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    سعر الذهب اليوم السبت 26 يوليو محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    قفزة في أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 26 يوليو 2025    رفعت فياض يكتب: نصيحتي لكل الناجحين في الثانوية العامة.. لا تلتحق بأي كلية استخسارًا للمجموع أو على غير رغبتك    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحلام الحضارات القديمة ..
مدارس وجداول وخوف من الآلهة
نشر في آخر ساعة يوم 06 - 09 - 2011

قدماء المصريين اهتموا بالأحلام وأنشأوا لأجلها »مدرسة«
تفسير الأحلام في
»معبد النوم« مهنة مربحة في العصر البطلمي
أحلام الحضارات القديمة ..
تحتمس الرابع تحايل علي إخوته برؤيا مزيفة للاستيلاء علي العرش
سورة يوسف
تناولت أبرز حلم
في القصص القرآني
أقدم تفاسير الأحلام الهندية يعود لكتاب »الفيدا« المقدس
ارتبطت الأحلام بالإنسان أينما حل وأينما كان، فالحلم خلق يوم خلق الإنسان، لذلك اختلفت رؤية كل أمة في تفسيرها لهذا الزائر الغريب الذي يزور الإنسان في نومه يحمل أحيانا خيرا يتحقق وشرا يتخوف منه، لذا لم يكن غريبا أن تهول الشعوب البدائية من أمر الأحلام وما يتراءي فيها، إذ كانوا يعتقدون أنهم يرون في منامهم صورا تأتي من عالم ينتمي إلي ما فوق الإدارك البشري، بل واعتبروها رسائل من الآلهة تحذر من غضبتها وتمني بنعمتها في وقت كان الإنسان يعبد الطبيعة في مظاهرها المختلفة. ومع الاهتمام لدي الشعوب الهمجية بالأحلام بدأت تظهر وظيفة الساحر والعراف التي تهتم بتفسير الأحلام وتوضيح أوامر الآلهة وما يجب فعله لتجنب غضبها واستدرار عطفها.
عندما بدأ الإنسان يصعد سلم الحضارة بدأت رؤيته للأحلام تتغير ففي مصر القديمة كانت "مدرسة إهناسيا" متخصصة في تفسير الأحلام. وحظي فن تفسير الأحلام باحترام بالغ، و كان الخبراء في هذا الفن محل إقبال شديد ويتلقون مكآفات سخية من الراعي والرعية علي حد سواء، وبحلول العصر البطلمي صار تفسير الأحلام مهنة مربحة فكان يتم استئجار المتخصصين ليحلموا لصالح زبائنهم بالإضافة إلي تفسير الأحلام التي تراودهم. عندما يبحث شخص عن إجابة لأمر مقلق أو شفاء من علة، يوظف كاهن لينام داخل (معبد النوم) أو مركز للعرافة ويمكن للسائل أن يدفع أجرا ليمضي ليله داخل معبد النوم بنفسه حتي يتلقي عونا إلهياً في أُمور الصحة.
أما كتب تفسير الأحلام فقد خضعت لحراسة مشددة في زمن الفراعنة باعتبارها سراً من أسرار رجال الكهانة فلم يكن يرجع إليها إلا كبار الكهنة. ولم يبق من هذه الكتب سوي واحد فقط كتب خلال عصر الاسرة التاسعة عشرة، وهو يخص كاتب اسمه "كين خر خو بشف "كان شغوفا بجمع نصوص من السحر و الشعر و الطب و تفسير الأحلام .و احتوي هذا الكتيب علي أكثر من مائتين من تفسيرات الأحلام التي فسرت علي أنها كلام الآلهة.
أما أشهر الأحلام في تاريخ مصر القديمة فكان حلما لتحتمس الرابع (حكم مصر في الفترة 1401- 1391 ق.م) فقد كان لوالد تحتمس، أمنحتب الثاني خمسة أبناء يتسابقون علي خلافة أبيهم، حتي ادعي تحتمس الرابع أن أبو الهول تحدث إليه في الحلم وأخبره أنه إذا قام بإزالة الرمال المتراكمة عن تمثاله وحافظ عليه فإنه سيمنحه تاج مصر. وقد وجدت هذه الرؤيا مسجلة علي لوحة بين يدي تمثال أبوالهول، وتُعد هذه اللوحة دليلا علي أن تحتمس لم يكن الوريث الحقيقي لعرش مصر وأن إخوته كانوا عقبة في سبيل توليه العرش مما جعله يختلق قصة الرؤيا كنوع من التحايل للاستيلاء علي عرش البلاد بدون حق شرعي، وقد أزال تحتمس الرابع بالفعل الرمال عن تمثال أبو الهول وأقام حوله سورا بناه من الطوب اللبن.
وفي نهاية العصور الفرعونية وتحديدا الأسرة الثلاثين عندما بدأت الدولة في التفكك وبدأت المدن اليونانية في التدخل في شئون مصر أشيع أن الفرعون نختنبو الثاني أرسل حلما إلي أوليمبيا ملكة مقدونيا، عبر تمثال شمعي. حيث أعد دواءً باستخدام أعشاب مسببة للأحلام، وصنع تمثالا شمعيا و نقش عليه اسمها .و دهن التمثال بالخلطة العشبية واستحضر حلما معينا لها. وفي تلك الليلة حلمت أن آمون جاء إلي فراشها وأبلغها أنها ستلد طفلا عظيما وبعد تسعة شهور أنجبت ابنا هو الإسكندر الأكبر، الذي جاء إلي مصر مطالبا بحقه في حكم مصر بناء علي بنوته للإله آمون، فدخل مصر قائد جيش وخرج منها إلها.
إذا تركنا مصر وانتقلنا إلي العراق وجدنا أن البابليين اهتموا بعالم الأحلام فبحسب المنظور الديني البابلي تُعدّ كل تجربة في عالم الأحلام خطرة. ولذا، كان هناك اهتمام بالغ منذ أقدم العصور السومرية "لتحرير" الطاقة السحرية المركزة في الحلم. و يُعبَّر عن هذا التحرير في الطقوس البابلية بفعل "شارو" الذي يعني حرر (من الشر أو الخطيئة) فكان سرد حلم علي أحدهم هو الطريقة الأكمل للتحرر ذاتيًا و لإبعاد الآثار السلبية للتجربة الحلمية.
أما التفسير البابلي للأحلام فكان يتم بواسطة جداول خاصة. و كان واضع هذه الجداول لايتردد باختراع المزيد منها ليستنفد كل الاحتمالات الممكنة. ولذا كانت قائمته تصويرًا للواقعين الحسي و التحليلي معًا. ومع ذلك فإن هذا المسرد ما كان ليكفي دون وجود العراف القادر علي فهم الرسالة الإلهية. و تثبت المفردات المستخدمة صلة الحلم البابلي بالعالم السفلي، الأمر الذي يتوافق مع كون الإله المرسل للأحلام هو إله الشمس قائد نفوس الموتي في الليل. ومثلما كان الأمر بالنسبة للمصريين، فإن جداول الأحلام تصف اهتمامات و حاجات البابليين، وتُظهر اهتمامًا خاصًا بالحصول علي الأطفال وعلي المناصب والثروة، و هي تعكس أيضًا الخوف من المرض و المصائب.
أما في الهند، فقد مرّت التفاسير بعدة مراحل تبين بوضوح تطور مفهوم الحلم و تفسيره خلالها، و يرجع أقدم تفاسير الأحلام الهندية إلي كتاب "الفيدا" المقدس ونجد فيه وصفا لنفسانيات الأفراد بحسب طبائعهم. فمثلاً: يري أصحاب الطبع الدموي في أحلامهم مشاهد جبال و أراضي وغابات تعصف فيها الرياح، و عددًا من الكواكب والنجوم المعتمة، والقمر وقد فقد نوره. في حين أن أصحاب الطبع الأكثر برودة يرون مشاهد أكثر اعتدالاً. ونلحظ في هذه الرمزية إشارات تعليمية حول طبيعة النفس أكثر منها تفاسيرا للأحلام.
والحق أن الحضارة الهندية تميزت بهذه التعاليم المهذبة للنفس فانعكست علي مجمل الحياة الإنسانية. و مع ذلك، نجد أن الأحلام خلال مرحلة أحدث استقلت عن طبائع البشر وأفسحت مجالاً للأحلام القادمة من أعماق النفس وذلك عبر رسائل الآلهة. ويتواتر ذكر الأحلام في الأدب الهندي، كما في ملحمتي المهابهاراتا والرامايانا وتتكرر في بعض القصص الشعبية الشبيهة بألف ليلة و ليلة، الأحلام التي يري فيها أمير فتاة في نومه فيغرم بها فيبحث عنها حتي يصل إليها. و تحفظ هذه الأحلام الأدبية المعاني التي تعبر عن مراحل بحث الإنسان الهندي عن المعرفة ويُعدّ الحديث عن الأحلام الهندية مدخلاً إلي دراسة أحلام الرؤي و التحقق وتفاسيرها و بخاصة في البوذية الهندية و الصينية، و سنعود إلي هذه النقطة لاحقًا.
و ينطبق ما ذكرناه عن التفسير الهندي علي الأحلام الصينية إلي حد كبير.
فقد كانت الأحلام الصينية تُصنَّف قديمًا وفق ثلاث مراتب. لكن هذا التصنيف غامض جدًا بالنسبة لنا اليوم وفي مرحلة تالية صُنّفت وفق ستة صنوف تعكس حالات نفسانية واضحة. و هي حلم الرعب و سببه حالة رعب، وحلم الفكرة و سببه ما كنا نفكر فيه قبل النوم، وحلم الأمس وسببه ما جري الحديث حوله أو ما حدث في اليوم السابق، وحلم الفرح وسببه حالة فرح، وحلم الخشية وسببه خوف من شيء ما. و يتم تفسير الأحلام وفق هذه التصانيف التي تشكل بالأحري تحليلاً لنفسية الحالم، إضافة إلي ما تشير إليه طاقة الحالم من توازن و تناغم مع العالم. فكل شيء في بنية وآلية الجسم بكليته، بما فيه الأحلام، يتوافق مع حدي الأرض والسماء (الين واليانج).
الحالم وفهمها
في اليونان لم يكن أرطميدوروس الوحيد الذي ترك لنا كتابًا في "تعبير الرؤيا" لكنه كان أول من عالج مفهوم الحلم وتفسيره بطريقة منهجية صحيحة. و قد عاش في القرن الميلادي الثاني في أفسس، لكن شهرته انتسبت إلي قرية والدته فلقب بالدالديائي، وقد اشتهر بتواضعه و اعترافه بخطئه إذا لم يحسن التفسير. وهو لم يعرف بالطبع مصطلح اللاوعي الحديث، لكنه كان يتعامل معه ويشعر به كمفهوم.
أما في بلاد اليونان فقد لعبت الأحلام دورا في تطور الحياة العقلية لدي تلك الأمة عاشقة الفسلفة، فقد ذكر هوميروس في إلياذته الكثير من الأحلام التي تدخل في الأحداث وتغير مصير ومسيرة ابطال عمله الخالد، وهو ما استلهمه منه كتاب المسرح اليوناني في تناولهم للأساطير ومعالجتها دراميا وتقف أسطورة الملك أوديب كنموذج صارخ علي مدي اعتناق اليونان لفكرة الأحلام وتأثيرها في حياة المرء.
أحلام الانبياء
اما في الكتب المقدسة التوراة والانجيل والقرآن فقد شغل تفسير الأحلام جزءاً لا بأس به في تلك الكتب وتعد قصة سيدنا يوسف أبرز القصص القرآني في الدلالة علي ما لعالم الأحلام من أهمية فقصة سيدنا يوسف عليه السلام التي ذكرها القرآن كاملة تلخص مفهوم الرؤيا منذ بداية القصة برؤيا سيدنا يوسف لأحد عشر كوكبا والشمس والقمر وتفسير والده سيدنا يعقوب (عليه السلام) مرورا بتفسير يوسف (عليه السلام) لرؤيا صاحبيه في السجن انتهاء بحلم ملك مصر بالسبع بقرات العجاف وأخري السمان.
وأشار القرآن الكريم إلي واقعة ترتبط برسولنا ([) حيث رأي النبي في عالم المنام الكفار قليلين فشد ذلك من معنوياته قبل حرب الكفار في موقعة بدر فقال تعالي "إذا يريكهم الله في منامك قليلا" (الأنفال:(43
وفي رؤيا منامية أخري لنبي الإسلام جاءت بشارة فتح مكة،حيث رأي رسول الله في منامه ليلا أن المسلمين قد دخلوا المسجد الحرام و هم يؤدون المناسك آمنين فحكي ذلك لأصحابه وعبر لهم رؤياه بأنهم سيدخلون المسجد الحرام في القريب العاجل ثم أمر أصحابه بعد فترة وجيزة بالتوجه نحو مكة المكرمة للحج.
عندما بدأ الإنسان يصعد سلم الحضارة بدأت رؤيته للأحلام تتغير ففي مصر القديمة كانت "مدرسة إهناسيا" متخصصة في تفسير الأحلام. وحظي فن تفسير الأحلام باحترام بالغ، و كان الخبراء في هذا الفن محل إقبال شديد ويتلقون مكآفات سخية من الراعي والرعية علي حد سواء، وبحلول العصر البطلمي صار تفسير الأحلام مهنة مربحة فكان يتم استئجار المتخصصين ليحلموا لصالح زبائنهم بالإضافة إلي تفسير الأحلام التي تراودهم. عندما يبحث شخص عن إجابة لأمر مقلق أو شفاء من علة، يوظف كاهن لينام داخل (معبد النوم) أو مركز للعرافة ويمكن للسائل أن يدفع أجرا ليمضي ليله داخل معبد النوم بنفسه حتي يتلقي عونا إلهياً في أُمور الصحة.
أما كتب تفسير الأحلام فقد خضعت لحراسة مشددة في زمن الفراعنة باعتبارها سراً من أسرار رجال الكهانة فلم يكن يرجع إليها إلا كبار الكهنة. ولم يبق من هذه الكتب سوي واحد فقط كتب خلال عصر الاسرة التاسعة عشرة، وهو يخص كاتب اسمه "كين خر خو بشف "كان شغوفا بجمع نصوص من السحر و الشعر و الطب و تفسير الأحلام .و احتوي هذا الكتيب علي أكثر من مائتين من تفسيرات الأحلام التي فسرت علي أنها كلام الآلهة.
أما أشهر الأحلام في تاريخ مصر القديمة فكان حلما لتحتمس الرابع (حكم مصر في الفترة 1401- 1391 ق.م) فقد كان لوالد تحتمس، أمنحتب الثاني خمسة أبناء يتسابقون علي خلافة أبيهم، حتي ادعي تحتمس الرابع أن أبو الهول تحدث إليه في الحلم وأخبره أنه إذا قام بإزالة الرمال المتراكمة عن تمثاله وحافظ عليه فإنه سيمنحه تاج مصر. وقد وجدت هذه الرؤيا مسجلة علي لوحة بين يدي تمثال أبوالهول، وتُعد هذه اللوحة دليلا علي أن تحتمس لم يكن الوريث الحقيقي لعرش مصر وأن إخوته كانوا عقبة في سبيل توليه العرش مما جعله يختلق قصة الرؤيا كنوع من التحايل للاستيلاء علي عرش البلاد بدون حق شرعي، وقد أزال تحتمس الرابع بالفعل الرمال عن تمثال أبو الهول وأقام حوله سورا بناه من الطوب اللبن.
وفي نهاية العصور الفرعونية وتحديدا الأسرة الثلاثين عندما بدأت الدولة في التفكك وبدأت المدن اليونانية في التدخل في شئون مصر أشيع أن الفرعون نختنبو الثاني أرسل حلما إلي أوليمبيا ملكة مقدونيا، عبر تمثال شمعي. حيث أعد دواءً باستخدام أعشاب مسببة للأحلام، وصنع تمثالا شمعيا و نقش عليه اسمها .و دهن التمثال بالخلطة العشبية واستحضر حلما معينا لها. وفي تلك الليلة حلمت أن آمون جاء إلي فراشها وأبلغها أنها ستلد طفلا عظيما وبعد تسعة شهور أنجبت ابنا هو الإسكندر الأكبر، الذي جاء إلي مصر مطالبا بحقه في حكم مصر بناء علي بنوته للإله آمون، فدخل مصر قائد جيش وخرج منها إلها.
إذا تركنا مصر وانتقلنا إلي العراق وجدنا أن البابليين اهتموا بعالم الأحلام فبحسب المنظور الديني البابلي تُعدّ كل تجربة في عالم الأحلام خطرة. ولذا، كان هناك اهتمام بالغ منذ أقدم العصور السومرية "لتحرير" الطاقة السحرية المركزة في الحلم. و يُعبَّر عن هذا التحرير في الطقوس البابلية بفعل "شارو" الذي يعني حرر (من الشر أو الخطيئة) فكان سرد حلم علي أحدهم هو الطريقة الأكمل للتحرر ذاتيًا و لإبعاد الآثار السلبية للتجربة الحلمية.
أما التفسير البابلي للأحلام فكان يتم بواسطة جداول خاصة. و كان واضع هذه الجداول لايتردد باختراع المزيد منها ليستنفد كل الاحتمالات الممكنة. ولذا كانت قائمته تصويرًا للواقعين الحسي و التحليلي معًا. ومع ذلك فإن هذا المسرد ما كان ليكفي دون وجود العراف القادر علي فهم الرسالة الإلهية. و تثبت المفردات المستخدمة صلة الحلم البابلي بالعالم السفلي، الأمر الذي يتوافق مع كون الإله المرسل للأحلام هو إله الشمس قائد نفوس الموتي في الليل. ومثلما كان الأمر بالنسبة للمصريين، فإن جداول الأحلام تصف اهتمامات و حاجات البابليين، وتُظهر اهتمامًا خاصًا بالحصول علي الأطفال وعلي المناصب والثروة، و هي تعكس أيضًا الخوف من المرض و المصائب.
أما في الهند، فقد مرّت التفاسير بعدة مراحل تبين بوضوح تطور مفهوم الحلم و تفسيره خلالها، و يرجع أقدم تفاسير الأحلام الهندية إلي كتاب "الفيدا" المقدس ونجد فيه وصفا لنفسانيات الأفراد بحسب طبائعهم. فمثلاً: يري أصحاب الطبع الدموي في أحلامهم مشاهد جبال و أراضي وغابات تعصف فيها الرياح، و عددًا من الكواكب والنجوم المعتمة، والقمر وقد فقد نوره. في حين أن أصحاب الطبع الأكثر برودة يرون مشاهد أكثر اعتدالاً. ونلحظ في هذه الرمزية إشارات تعليمية حول طبيعة النفس أكثر منها تفاسيرا للأحلام.
والحق أن الحضارة الهندية تميزت بهذه التعاليم المهذبة للنفس فانعكست علي مجمل الحياة الإنسانية. و مع ذلك، نجد أن الأحلام خلال مرحلة أحدث استقلت عن طبائع البشر وأفسحت مجالاً للأحلام القادمة من أعماق النفس وذلك عبر رسائل الآلهة. ويتواتر ذكر الأحلام في الأدب الهندي، كما في ملحمتي المهابهاراتا والرامايانا وتتكرر في بعض القصص الشعبية الشبيهة بألف ليلة و ليلة، الأحلام التي يري فيها أمير فتاة في نومه فيغرم بها فيبحث عنها حتي يصل إليها. و تحفظ هذه الأحلام الأدبية المعاني التي تعبر عن مراحل بحث الإنسان الهندي عن المعرفة ويُعدّ الحديث عن الأحلام الهندية مدخلاً إلي دراسة أحلام الرؤي و التحقق وتفاسيرها و بخاصة في البوذية الهندية و الصينية، و سنعود إلي هذه النقطة لاحقًا.
و ينطبق ما ذكرناه عن التفسير الهندي علي الأحلام الصينية إلي حد كبير.
فقد كانت الأحلام الصينية تُصنَّف قديمًا وفق ثلاث مراتب. لكن هذا التصنيف غامض جدًا بالنسبة لنا اليوم وفي مرحلة تالية صُنّفت وفق ستة صنوف تعكس حالات نفسانية واضحة. و هي حلم الرعب و سببه حالة رعب، وحلم الفكرة و سببه ما كنا نفكر فيه قبل النوم، وحلم الأمس وسببه ما جري الحديث حوله أو ما حدث في اليوم السابق، وحلم الفرح وسببه حالة فرح، وحلم الخشية وسببه خوف من شيء ما. و يتم تفسير الأحلام وفق هذه التصانيف التي تشكل بالأحري تحليلاً لنفسية الحالم، إضافة إلي ما تشير إليه طاقة الحالم من توازن و تناغم مع العالم. فكل شيء في بنية وآلية الجسم بكليته، بما فيه الأحلام، يتوافق مع حدي الأرض والسماء (الين واليانج).
الحالم وفهمها
في اليونان لم يكن أرطميدوروس الوحيد الذي ترك لنا كتابًا في "تعبير الرؤيا" لكنه كان أول من عالج مفهوم الحلم وتفسيره بطريقة منهجية صحيحة. و قد عاش في القرن الميلادي الثاني في أفسس، لكن شهرته انتسبت إلي قرية والدته فلقب بالدالديائي، وقد اشتهر بتواضعه و اعترافه بخطئه إذا لم يحسن التفسير. وهو لم يعرف بالطبع مصطلح اللاوعي الحديث، لكنه كان يتعامل معه ويشعر به كمفهوم.
أما في بلاد اليونان فقد لعبت الأحلام دورا في تطور الحياة العقلية لدي تلك الأمة عاشقة الفسلفة، فقد ذكر هوميروس في إلياذته الكثير من الأحلام التي تدخل في الأحداث وتغير مصير ومسيرة ابطال عمله الخالد، وهو ما استلهمه منه كتاب المسرح اليوناني في تناولهم للأساطير ومعالجتها دراميا وتقف أسطورة الملك أوديب كنموذج صارخ علي مدي اعتناق اليونان لفكرة الأحلام وتأثيرها في حياة المرء.
أحلام الانبياء
اما في الكتب المقدسة التوراة والانجيل والقرآن فقد شغل تفسير الأحلام جزءاً لا بأس به في تلك الكتب وتعد قصة سيدنا يوسف أبرز القصص القرآني في الدلالة علي ما لعالم الأحلام من أهمية فقصة سيدنا يوسف عليه السلام التي ذكرها القرآن كاملة تلخص مفهوم الرؤيا منذ بداية القصة برؤيا سيدنا يوسف لأحد عشر كوكبا والشمس والقمر وتفسير والده سيدنا يعقوب (عليه السلام) مرورا بتفسير يوسف (عليه السلام) لرؤيا صاحبيه في السجن انتهاء بحلم ملك مصر بالسبع بقرات العجاف وأخري السمان.
وأشار القرآن الكريم إلي واقعة ترتبط برسولنا ([) حيث رأي النبي في عالم المنام الكفار قليلين فشد ذلك من معنوياته قبل حرب الكفار في موقعة بدر فقال تعالي "إذا يريكهم الله في منامك قليلا" (الأنفال:(43
وفي رؤيا منامية أخري لنبي الإسلام جاءت بشارة فتح مكة،حيث رأي رسول الله في منامه ليلا أن المسلمين قد دخلوا المسجد الحرام و هم يؤدون المناسك آمنين فحكي ذلك لأصحابه وعبر لهم رؤياه بأنهم سيدخلون المسجد الحرام في القريب العاجل ثم أمر أصحابه بعد فترة وجيزة بالتوجه نحو مكة المكرمة للحج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.