يعاني الاقتصاد المصري خلال الفترة الحإلية من وضع متردٍ في ظل ارتفاع معدلات التضخم التي وصلت إلي أعلي مستوي لها في تاريخ الاقتصاد المصري، نتيجة الارتفاع المستمر في الأسعار، فضلا عن تراكم الديون الداخلية والخارجية التي وصلت إلي حدها الأقصي، ما أثر سلباً علي أداء الاقتصاد المصري، ودفع البنك المركزي مؤخراً لاتخاذ قراره برفع أسعار الفائدة - خلال اجتماع للجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزي - علي الودائع لأجل ليلة واحدة إلي 16.75٪ من 14.75٪ ورفع سعر فائدة الإقراض لليلة واحدة إلي 17.75٪ من 15.75٪ ليكون البنك المركزي قد رفع أسعار الفائدة 500 نقطة أساس منذ نوفمبر الماضي. وعلي الرغم من إعلان البنك المركزي أن قراره جاء لمحاولة السيطرة علي التضخم السنوي والوصول به إلي مستوي في حدود 13٪ في الربع الأخير من 2018 ، إلا أن الاقتصاديين اعتبروا هذا القرار خاطئا لأن التضخم الذي يعاني منه الاقتصاد المصري منذ فترة جاء بعد قرار تحرير سعر الصرف، بالإضافة إلي عدم القدرة علي السيطرة علي ارتفاع الأسعار، فضلا عن ارتفاع تكلفة الاستيراد، مما أدي إلي التأثير سلبا علي معدلات التضخم وتسبب في زيادتها بشكل كبير، مشيرين إلي أن قرار المركزي برفع أسعار الفائدة لن يحل الأزمة الحالية ولن يؤدي إلي انخفاض معدلات التضخم ولكن سيزيد الوضع سوءاً. وأكدوا ل»آخرساعة» أن علي البنك المركزي إعادة النظر في السياسات النقدية مرة أخري، ووضع خطة عاجلة لاحتواء الأزمة بدلاً من اتخاذ قرارات تؤدي إلي تفاقم الأزمة وعدم القدرة علي السيطرة عليها، معتبرين أن رفع أسعار الفائدة من شأنه أن يصيب الاقتصاد بالضرر، وأشاروا إلي أن معدلات التضخم السنوي في المدن وصلت إلي أعلي مستوي له في ثلاثة عقود بعد قرار تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي، وسجل 31.5٪ في أبريل الماضي . يقول الخبير الاقتصادي الدكتور مختار الشريف إن قرار البنك المركزي الأخير سيضر بالاقتصاد المصري أكثر من نفعه، لأنه سيؤثر سلبا علي عجز الموازنة العامة بالدولة . وأشار إلي أن القرار سيؤدي إلي زيادة في تكلفة الاقتراض وبالتالي ستؤثر سلبا علي الموازنة القادمة وستحملها مزيداً من الأعباء التي لا تستطيع تحملها في ظل الوضع الاقتصادي المتردي مما سيؤثر سلبا علي الاقتصاد المصري بأكمله . وأكد أن مستويات العجز في الموازنة ستزداد خلال الفترة القادمة نتيجة زيادة بند خدمة الدين مما سيحمل الموازنة العامة مزيدا من الأعباء يصاحبه ارتفاع في مستويات العجز خلال الفترة القادمة . وأضاف : أن القرار سيؤثر سلبا علي الاستثمار المحلي لأنه سيكون عاملا طاردا للمستثمرين المحليين الراغبين في الاستثمار، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة مما سيفقدهم الرغبة في الاستثمار في الاقتصاد مما يعني مزيدا من الركود الاقتصادي ومزيدا من المشاكل التي يواجهها الاقتصاد مما يعد مؤشرا هاما علي مزيد من التضخم ومزيد من ارتفاع الأسعار خلال الفترة القادمة. ووفقا لما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء فإن هناك ارتفاعا في معدل التضخم السنوي في أسعار السلع الاستهلاكية خلال شهر أبريل الماضي 2017، ليصل إلي 32.9٪ مقارنة بشهر أبريل 2016 ، فيما بلغ الرقم القياسي لأسعار السلع الاستهلاكية لإجمالي الجمهورية (معدل التضخم الشهري) 242.7 نقطة لشهر أبريل الماضي، مسجلا ارتفاعا عن الشهر السابق له مباشرة بنسبة 1.8٪، والذي بلغت نسبة التغير في الأسعار خلاله 2.7٪. كان التضخم السنوي قد سجل لشهر مارس الماضي 32.5٪، في حين بلغت نسبة التغير في أسعار السلع الاستهلاكية »معدل التضخم» علي المستوي الشهري، 2ّ.1٪ لشهر مارس، و2.7٪ فبراير، و4.3٪ لشهر يناير 2017. وأرجع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع معدل التضخم ووصوله إلي مستوي 32.9 ٪ في أبريل الماضي إلي ارتفاع أسعار عدد من المأكولات والخضراوات. وقال إن أسعار الخضراوات ارتفعت بنسبة 7.2٪، ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 2.5٪، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 7.9٪، بالإضافة إلي ارتفاع أسعار مجموعة الفاكهة بنسبة 4.6٪، والوجبات الجاهزة بنسبة 0.7٪. بينما يري الخبير الاقتصادي - محمود عبدالشافي أن قرار البنك المركزي الأخير سيؤثر سلبا علي الأداء الاقتصادي للبلاد وسيزيد من معدلات التضخم بدلا من السيطرة عليها ، فضلا عن أنه سيشعل الأسعار أكثر خلال الفترة القادمة . وأضاف : أنه علي الرغم مما تتخذه الحكومة المصرية من إجراءات من أجل مواجهة ارتفاع الأسعار مثل تعزيز شاحنات الجيش ووزارة التموين في توزيع المواد الغذائية بأسعار مدعمة علي الفقراء، والعمل علي زيادة عدد المتاجر التي يقدمها الجيش، وتحديث جميع المتاجر التابعة لوزارة التموين، إلا أن كل ما تتخذه الحكومة من إجراءات لا يجد صدي كبيرا في أروقة الاقتصاد المصري ، بل إن الوضع يزداد سوءا نتيجة الارتفاع المستمر في الأسعار وعدم القدرة علي السيطرة علي الغلاء المستمر . وأضاف : أن ارتفاع الأسعار غير المبرر جاء منذ قرار البنك المركزي بتحرير سعر الصرف الذي جعل الاقتصاد يدخل في دوامة غير قادر علي الخروج منها حتي الآن يدفع ثمنها البسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة والذين أثقل كاهلهم ارتفاع الأسعار المتفشي والذي فشلت كل السياسات في السيطرة عليه . وأوضح أن الأفضل كان علي المركزي اتخاذ قراره بخفض أسعار الفائدة بدلا من زيادتها لتشجيع المستثمرين المحليين علي مزيد من الاقتراض بدلا من العزوف عن الاقتراض مع ارتفاع أسعار الفائدة، مما سيؤثر سلبا علي معدلات الإنتاج وسيؤدي إلي ارتفاع معدلات البطالة خلال الفترة القادمة نتيجة تباطؤ الاستثمار المتوقع حدوثه خلال الفترة القادمة في ظل السياسات النقدية الخاطئة . ونصح البنك المركزي بإعادة النظر في سياساته النقدية مرة أخري وتشكيل لجنة من الاقتصاديين لاحتواء الأزمة الحالية ومحاولة السيطرة علي أزمة ارتفاع الأسعار . وأشار إلي أن تحمل الموازنة العامة مزيدا من الأعباء سيصاحبه مزيد من ارتفاع أسعار الطاقة خلال الفترة القادمة ومزيد من ارتفاع أسعار الغذاء والاحتياجات الأساسية للمواطن. علي صعيد آخر ، وصف الخبير الاقتصادي - محمد سعيد القرار الأخير بأنه غير مدروس وأنه لن يحقق نفعا للاقتصاد، وإنما سيؤثر بالسلب علي الاقتصاد ، موضحا أن الهدف من القرار هو تقليل الاقتراض للاستيراد من الخارج، ولكن للأسف القرار لن يصب في مصلحة الاقتصاد وإنما سيكون له توابع سلبية وسيؤدي إلي مزيد من ارتفاع الأسعار ومزيد من الركود الاقتصادي. ووفقا لما كشفه مشروع موازنة العام المالي الجديد 2017/ 2018 فإن هناك ارتفاعا بقيمة 71 مليار جنيه في فوائد الدين المحلي لتسجل 355.2 مليار جنيه بمشروع الموازنة الجديدة، مقابل 284.7 مليار جنيه في الموازنة الحالية 2016/ 2017. وتسببت فوائد أذون الخزانة التي بلغت 127.9 مليار جنيه، في ارتفاع فوائد الديون المحلية، وكذلك فوائد سندات الخزانة التي بلغت 121.2 مليار جنيه، فيما بلغت فوائد سندات البنك المركزي نحو 52.3 مليار جنيه. وتستهدف مصر اقتراض 9 مليارات دولار من الأسواق الخارجية خلال العام المالي المقبل 2018/2017، وفقا لأحمد كوجك نائب وزير المالية المصري في تصريحات سابقة. وارتفع الدين الخارجي في مصر ليصل إلي نحو 67.3 مليار دولار في نهاية 2016، مقابل نحو 47.7 مليار دولار في 2015، وفقا للبنك المركزي المصري.. وأضاف سعيد أن الاقتصاد المصري يعاني من حالة من التخبط خلال الفترة الحالية نتيجة إقدام الحكومة علي تنفيذ شروط بعثة صندوق النقد الدولي والتي لا تتناسب مع الأوضاع الاقتصادية في مصر مما يعني مزيدا من التخبط في القرارات وسياسات نقدية غير رشيدة أضرت بمصلحة الاقتصاد.. وأشار إلي أن علي الحكومة محاولة إيجاد حلول جادة لضبط ارتفاع الأسعار في السوق، ووضع حلول جذرية لحل أزمة التضخم التي تتفاقم يوما بعد يوم والتي يجب علي الحكومة بذل جهود كبيرة للسيطرة علي الأزمة الحالية.