كان ميدان التحرير يوم الجمعة الماضية أشبه بفيلم ل"يوسف شاهين".. المخرج العالمي الذي يتقن تحريك الجموع في أعماله السينمائية.. شكل وزي موحد لسلفيين أعطي من يتفرجون عليهم إحساسا بتفوق المشهد.. الظهور في ميدان التحرير اختيار موفق لصناعة حدث تسلط عليه كاميرات الدنيا.. عشوائية الأداء صنعت إحساسا فوضويا لدي المهتمين بالأمر، وهم يشاهدون سيناريو مختلفا لما تم الاتفاق عليه مع القوي السياسية.. كان من الواضح أن الملامح تحكي إحساسا جمعيا، يعتمد علي خبرات متراكمة للحركة الإسلامية.. إصابة "جو" بالموت منذ سنوات حجبت عنه اتهاما بقيادة هذه الجموع إلي صناعة الحدث الأكثر دراما منذ تخلي مبارك عن السلطة ، وعدم إلقاء اللوم عليه بسبب فشل عشرات الآلاف من الأقدام في اتباع الخطوات المرسومة علي المربعات ومن المفترض أن يكون قد تم التدريب عليها مسبقا. ارتفاع درجة الحرارة كان طقسا مناسبا، لمضاعفة الأجواء الساخنة، بينما توزيع التمر علي المتظاهرين بعد صلاة الجمعة كان لازما لتعبيق المكان بتقليد كلاسيكي يوحي بالدخول في بداية متأخرة للأحداث. أما زجاجات المياه المعدنية فضلا عن الأتوبيسات العملاقة ففرضت سؤالا حول تمويل التظاهرة.. وكان لابد من وجود حالات إغماء من أثر حرارة الجو والزحام لصنع إثارة ثانوية تصلح لتناولها من جانب المهتمين بالتفاصيل كأمثالنا.. وتتنقل الكاميرا إلي الدكتور علي العدوي مستشار وزير الصحة للشئون العلاجية وهو يعلن أن عدد المصابين في ميدان التحرير وصل إلي 462 حالة إغماء تم علاج 04 في الميدان ونقل 33 الي مستشفي المنيرة و61 إلي مستشفي الهلال وحالة واحدة في القصر العيني و571 في المستشفي الميداني لافتا إلي أن الإصابات تنوعت مابين ضربات الشمس وإغماءات وهبوط حاد في الضغط. الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كان الغائب الحاضر في جمعة "لم الشمل" وهو يطالب في بيان له المجلس العسكري بتحقيق الأهداف الأساسية للثورة، وفق جدول زمني واضح. ويقول في كلمته التي نقلتها منصة جماعة الإخوان المسلمين: في ظل ما تمر به حياتنا السياسية في مصرنا الحبيبة من تقلبات وتطورات أوجه هذه الرسائل، إلي أبنائي وبناتي وإخواني وأخواتي من أبناء مصر، الذين قدموا الكثير وحق لهم أن يجنوا ثمرة ما غرسوا، وأري من الواجب عليّ أن أضم صوتي إليكم مطالباً المجلس العسكري بتحقيق الأهداف الأساسية للثورة، وفق جدول زمني واضح، وألا يحيد عنها تحت أي ضغوط خارجية إقليمية كانت أو عالمية، وأن يظل منحازاً للثورة، وحامياً وراعياً لها. ودعا قوي الثورة لأن يكونوا يداً واحدة، وصفاً واحداً، كالبنيان المرصوص، وطالب الحكومة بالنزول عند إرادة الشعب، والانحياز إليه، وأن تكون معبراً عنه بطموحه وآماله، لتحقيق أهداف الثورة. وحث شباب الثورة علي أن يحافظوا علي روح ميدان التحرير وأخلاقه. أما حازم شومان الداعية السلفي فأكد علي منصة حزب النور علي أن الرسالة التي نزلوا من أجلها قد وصلت. وأضاف " شاء الله أن يكون هذا الميدان الذي أقف فيه هو نفسه الذي خلعت فيه هدي شعراوي النقاب وتبرجت عن زي أمهات المسلمين، وهو نفس الميدان الذي تقف فيه الملايين للمطالبة بتطبيق سنة الرسول.[ . وقال: لولا أننا نخشي علي نسائنا لحضر ملايين المنتقبات معنا..وأن أعدادنا اليوم سوف ترعب أعداء المسلمين في كل مكان. المهندس حمدي الفخراني صاحب قضية »مدينتي« ظهر في الميدان في جمعة »لم الشمل« وأكد علي أن قضية مدينتي كسبها في عهد مبارك إلا أن حكومة نظيف قامت بالطعن علي الحكم ومن ناحية أخري تحدث عن ضرورة إلغاء مولد أبو حصيرة في البحيرة وشدد علي عدم دخول اليهود مصر بعد الآن. ولفت إلي ضرورة الاستغناء عن الموظفين الحكوميين الذين تعدوا السن القانونية. ومن منصة الإخوان قال الدكتور زغلول النجار لجموع المتظاهرين: لقد تخلصنا من حكم فاسد وعلينا توحيد الصف وجمع الكلمة لمجابهة الأعداء وأضاف: هذه الجموع الموجودة الآن في الميدان تقضي علي مخطط المخابرات الأمريكية للقضاء علي الثورة. بينما وجه المستشار محمود الخضيري، نائب رئيس محكمة النقض السابق، رسالة إلي المستشار محمد عبدالعزيز الجندي، وزير العدل، قال فيها إنه إذا لم يستطع التخلص ممن ساهموا في تزوير انتخابات مجلس الشعب الماضية »سنتخلص منك أنت« لأن أسماءهم معروفة للمسئولين. ولفت »الخضيري« إلي أنه لا يصح مطالبة وزير العدل بالتخلص من عبدالسلام جمعة وحده، لأن »عندنا زيه تانيين يجب التخلص منهم جميعاً« وقال نائب رئيس محكمة النقض السابق: مطلب محاكمة »مبارك« في القاهرة تحقق، مشدداً علي ضرورة دخول مبارك وأسرته القفص »زي أي حد« علي أن يخرج منه إلي ليمان طرة. واعتبر أن خروج »مبارك« من القفص إلي شرم الشيخ معناه أنها »ستكون مهزلة وليست محكمة«. وطالب الشيخ مظهر شاهين، إمام مسجد عمر مكرم، خطيب ميدان التحرير، بضرورة وحدة الصف وتطبيق الإرادة الشعبية، مؤكداً أن أحداً »لن يستطيع فرض وصاية علي الشعب المصري«. وقال إنه يلوم المجلس العسكري بسبب عدم تحديد جدول زمني واضح لانتقال السلطة للمدنيين، إلا أنه عاد وقدم التحية للقوات المسلحة علي المناورة العسكرية التي قامت بها مؤخراً، والتي أرادت منها إرسال رسالة، علي حد قوله، للجميع حول قدرة الجيش المصري. وأكد أن هناك خطوطاً حمراء »لا يمكن لأحد أن يتعداها وهي الجيش والاستفتاء« منتقداً وضع مبادئ فوق دستورية، لأنها »ضد الإرادة الشعبية« وقال إن هناك مطالب لابد من تلبيتها بسرعة، أولها المحاكمات العلنية، وتفعيل قانون الغدر وتطهير وسائل الإعلام.