"اشتري راجل".. فيلم يعرض الآن في أكثر من 50 دار عرض.. ومن المنتظر أن يخلف عاصفة من الجدل، لا سيما أنه يناقش حرية النساء في الغرب، وهو ما يُعد أمرا غير مألوف في المجتمعات الشرقية، ولن يتمكن من هم دون 16 عاما من دخول الفيلم وفقا لقرار جهاز الرقابة بسبب الفكرة الجريئة التي يناقشها. نيللي كريم تخرج من حالة الكآبة في البحث عن "زوج إيجار" - في العرض الخاص أشاد معظم النقاد بالفيلم، دون الانتباه إلي أنه مقتبس من الفيلم الهوليوودي "كيف تكون عازبا" وهو فيلم كوميدي تم إنتاجه في الولاياتالمتحدة وصدر في سنة 2016. - كيف تكون عازبا؟ How to Be Single يسلط الضوء علي إشكالية الحب وسط كآبة مدينة نيويوركالأمريكية، وتدور أحداث الفيلم حول الطريقة المثلي لعيش حياة ما قبل الزواج ليتمكن من خلالها العزاب من التصدي لتعقيدات الحياة الاجتماعية، في نيويورك، المليئة بوحيدي القلوب الذين يسعون للوصول إلي شريك ملائم. -أما فيلم "اشتري راجل" الذي تقوم ببطولته نيللي كريم، ومحمد ممدوح، ومن إخراج محمد علي، وتأليف إيناس لطفي، صاحبته دعاية من نوع غريب قبل عرضه بشهر كامل.. الفيديو الدعائي للفيلم أثار جدلا في أوساط الشباب علي مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن ظهرت فيه فتاة مجهولة اتضح فيما بعد أنها تدعي شريهان نور الدين، لتعلن فيه رغبتها في شراء حيوانات منوية خاصة بأي رجل لإنجاب طفل, وعرضت الفتاة الصفقة التي تريد عقدها مع أي رجل علي النحو التالي: الحصول علي حيواناته المنوية ولو بعقد زواج عند مأذون، ولكن بدون زواج فعلي، ثم تنجب أطفالا, ومن خلال الفيديو قالت الفتاة إنها تريد أن تصبح "سينجل ماذر"، وعرضت مبلغا خياليا من الدولارات نظير ذلك، وقالت: "أحلي حاجة في الدنيا الأطفال.. لو أقدر كنت جبت دستة، بس أنا ماتجوزتش قبل كده، ولا عايزة أتجوز، أنا ناجحة جداً في حياتي العملية، عايشة عيشة مريحة ومش محتاجة حد يسندني ماديا, بس بخاف قوي من الوحدة الحل الوحيد اللي قدامي إني أبقي أم" , لنكتشف في النهاية أن هذا الفيديو ليس حقيقياً لكنه قصة فيلم "بشتري راجل" تقوم ببطولته الفنانة نيللي كريم، وأن هذا الفيديو المنتشر ليس إلا دعاية من نوع جديد، وهو ما أثار حفيظة كثيرين ضد هذا الشذوذ الفكري المخالف للشرع والأعراف الاجتماعية. - نيللي كريم التي ساهمت في إنتاج الفيلم لن تكون بائسة حزينة نكدية كما تعودنا أن نشاهدها سواء في الأعمال الدرامية او السينما وآخر فيلم لها كان "يوم للستات" من إنتاج إلهام شاهين. لكن في هذا الفيلم نكتفي أن نيللي كريم تتمتع بأداء كوميدي رائع وتحرر من حالة الحزن والكآبة التي اعتادت علي الظهور بها, حيث تجسد شخصية فتاة تدعي "شمس"، وتعمل موظفة في أحد البنوك وهي امرأة ذات شخصية عملية صارمة وحادة الطباع، وأيضا معقدة من الرجال نتيجة تجارب سابقة، لكنها ترغب في الإنجاب, وتفكر "شمس" في طريقة شرعية تنجب بها غير الطريقة التقليدية، فتتوصل إلي فكرة استئجار زوج من خلال إعلان "اشتري راجل" فتقابل أكثر من شخص حتي تصل إلي مواصفات الرجل المناسب بمعاونة خالها لطفي لبيب طبيب نساء وتوليد، ليكون الممثل الموهوب محمد ممدوح فيقع حظها مع "بهجت"، الطبيب البيطري المتعثر ماديا، وهو في أواخر الثلاثينيات من عمره، وذو شخصية عفوية وتلقائية، وطمعا منه في مقابل مادي لزواجه الصوري منها، يتجاوز "بهجت" مضطرا عن صرامة شمس، وحدة طباعها. - وباختيار محمد ممدوح للدور الرئيسي لبطولة الفيلم، فهو يكسر كل الصور الشكلية النمطية عن الشريك الرومانسي أو فتي الشاشة الأول الوسيم, حيث استطاع أن يبهرنا بأداء رائع وكوميدي بعيداً عن الصورة النمطية لفتي الأحلام الذي تتنظره الفتيات ليخطفهن علي حصان أبيض.. يبدأ الفيلم ببرنامج إذاعي تقدمه نيفين دنيا ماهر عن علاقات الحب، وسرعان ما تهدم شمس هذا الكلام الجميل عن الحب برسالة ساخرة لصديقتها التي تقدم البرنامج, ويصنع الفيلم مواجهة رائعة بين إيجابيات وسلبيات العلاقات الغرامية فتتكرر لهذا السبب الفواصل الخطابية الخاصة ببرنامج نيفين الإذاعي لتكون بمثابة مقدمات لكل مرحلة جديدة في علاقة شمس وبهجت، لكن بعض مشاهد فيلم "اشتري راجل" أعادتني الي حقبة سينما الأبيض والأسود فهناك بعض المشاهد المأخوذة من فيلم" آه من حواء" الذي تم إنتاجه عام 1962? من إخراج فطين عبد الوهاب وبطولة لبني عبد العزيز ورشدي أباظة، حيث أحداث الفيلم تدور في المزرعة , وحتي وظيفة بهجت أبو السعد (محمد ممدوح) كطبيب بيطري هي نفس وظيفة حسن (رشدي أباظة) في فيلم "آه من حواء "وحتي مشهد طلب العريس ليد شمس وسخريتها اللاذعة منه يتشابه مع المشهد الشهير الذي تستهزئ فيه أميرة (لبني عبدالعزيز) بالعريس الذي تقدم لها, الأمر لا ينتهي إلي هذا الحد فمشهد نجوي "ليلي عز العرب" من أجل التقريب بين ابنتها شمس "نيللي كريم" وزوجها "بهجت "بعد اكتشافها لزواجهما الصوري هو نفس المشهد في فيلم "ليلة الزفاف"، بل إن أول مشهد يضطر فيه الزوجان للنوم معاً في نفس الغرفة بسبب تواجد الأم يتشابه جداً مع مشهد مجدي وسلوي "أحمد مظهر وسعاد حسني "في غرفة نومهما في نفس الفيلم, وبعد أن تطلق شمس "نيللي كريم" سخريتها عن علاقات الرجال بالنساء, في الوقت الذي يسخر فيه الفيلم من التصريحات النسائية وتصوراتهن عن مسئولية الرجل عما تعانيه المرأة؛ مثلما حدث لشمس عندما بدأت التفكير في خوض علاقة جنسية للمرة الأولي منذ زواجها مع بهجت واضطرارها للتخلي عن فكرة أطفال الأنابيب بسبب فشلها مرة تلو مرة، وفي نهاية الفيلم تتنازل شمس عن فكرتها التي دار حولها الفيلم في أن تكون أمًّا عزباء بدون رجل, وفي النهاية بسبب فشلها المستمر تتزوج لتنجب الأطفال. الفيلم حالة كوميدية رائعة الجمال, رغم طبيعة الفكرة كمشروع علمي منتشر في الأوساط الطبية في العالم ويعتد به في كثير من دول العالم المتقدم، بل تجاوز بيع " الحيوانات المنوية" إلي استئجار الأرحام وهي القضية التي تمت مناقشتها في جميع وسائل الإعلام وتم رفضها من الأزهر بشكل قاطع.