منذ اللحظة الأولي للحياة وحتي نهايتها ليس للمواطن المصري وجود رسمي أو شرعية إلا من خلال الختم السحري " النسر" شعار الجمهورية وأهم شخص في أي مصلحة حكومية بعد رئيسها هو حامل هذا الختم الذي لايظهره للعامة وإنما يضعه داخل علبة المحبرة في مكان أمين وبهذا الختم الأزرق اللون تكتسب الحقوق أو تضيع ، لكن سره يكمن فيمن يذيل الأوراق بإمضائه الكريم ثم يعطي الإشارة باستخدامه لتكتمل معالم رسمية وشرعية وقانونية الأوراق وعندها تنفرج الأسارير سواء كان استخدام الختم علي حق أو باطل، وهذا الختم كان أحد وسائل إذلال المواطن المصري بحجج مايسمي باستيفاء الأوراق الجري" كعب داير" لكي يحصل علي حقه في الختم وحولته إلي مجرد رقم يستهان به ولايشكل شيئا في أي معادلة ، وكم من الجرائم ارتكبت به من نهب الأراضي والبنوك وسرقة موارد وممتلكات الشعب بواسطة الأيدي العابثة والملوثة بالمال الحرام التي خانت الأمانة بجرة قلم وبسر الختم السحري لتحقيق مصالح حيتان العهد السابق ومضت لأبعد مدي في استخدامه بينما ترك مايقرب من نصف هذا الشعب تحت خط الفقر !! وحتي لانقف عند مدلول الختم أوإساءة استخدامه نقول إن النظام السابق امتلك القدرة علي تمريرهيمنته علي مقدرات البلاد من موارد وبشرعبرأساليب أضفي عليها صفة القانونية والشرعية والرسمية لكنها أبعد ماتكون عن ذلك مستخدما كل السلطات من تشريعية وتنفيذية وحتي القضائية التي في داخلها يقبع الختم السحري وكذلك وسائل الإعلام التي باركت ممارسات النظام وأطلقت البخور ودقت الطبول والدفوف وأقامت حفلات الزار تمجيدا وتعظيما له ولإبعاد عين الحسود عن أقطابه ومريديه وتضليلا للجماهير من إذاعة وتليفزيون إلي صحافة قومية التي تحولت من كونها مملوكة للشعب لملكية الحزب الحاكم والولاء له ثم إلي لجنة داخله ثم لشخص الابن الوريث ، كان كل شيء يجري في الظلام والخفاء في البداية لكن مع تعمق وتجذر الفساد والطغيان جرت صفقات الفساد عبرالزواج غير المشروع بين السلطة والمال في العلن وكأنهم يخرجون ألسنتهم للجميع لأنهم لم يعودوا يأبهون للشعب الذي لايغضب ولا للمعارضة الكارتونية المستأنسة التي لاتملك رصيدا شعبيا وترعرعت في أحضان النظام ، كما أن السجون امتلأت بالكثير من الشرفاء الذين ضاعت أصواتهم وصرخاتهم في محيط الفساد والقهر لكن تضحياتهم لم تذهب سدي ، وبدلا من أن يكون النظام خادما للشعب تحولت قطاعات كثيرة لخدمة النظام والاستفادة منه وأطالت أمد وجوده وتسلطه وهكذا تمت سرقة مصر بسر الختم الأزرق وفي وضح النهار !! ولأننا كمصريين لانريد استنساخ عهد مبارك من جديد فلابد ألا يعمل أي فصيل سياسي علي هذه الأرض الطيبة بمنطق أنه يملك ختم النسر فيضفي علي نفسه الشرعية وينزعها عن الآخرين فلا التيار الليبرالي أو العلماني يملكان هذا الختم ولاباقي القوي لأن الشرعية ملك للشعب يمنحها لمن يختاره لإدارة شئون بلدهم من خلال صناديق الاقتراع ، لانريد أن نستنسخ ديكتاتورا جديدا يذيل القرارات بتوقيعه ثم تختم فتعطيه سلطة وحقا مطلقا لايلتفت فيه لهذا الشعب ويملي عليه مايشاء !! نريد قوي سياسية لاتتلاعب بفكر ووجدان الشعب بحجة جهل أبنائه خاصة في ريف مصر وعشوائياتها ممن يحملون أختاما بأسمائهم أو يوقعون بالبصمة اليد لأن الجهل بالقراءة والكتابة لايعني بالضرورة غياب الوعي والفهم ولايسوغ ذلك لأحد وصف الأغلبية الصامتة بأنهم مغرر بهم ويساقون كالقطيع أو"حزب الكنبة " كما يردد حاملو مشاعل التنوير بعد الاستفتاء الأخير!! لانريد موظفا فاسدا ولاعاملا مهملاً ولاضابط شرطة متعاليا علي الناس ولاإعلاميا يضلل الجماهير ولاسياسيا مخادعا ولاطبيبا ولامهندسا أومعلما لاتحكمهم قواعد وآداب مهنتهم ولاقيادة في أي موقع تستخدم نفوذها في تمرير الصفقات أوالتلاعب بالقانون واستخدام ختم النسر مقابل المال الحرام ، نريد خداما للشعب لا أسيادا عليه لديهم أياد نظيفة وضمائر يقظة ، وأن تصل الثورة إلي كل الذين يترجمون الثورة بأنها حرية فعل أي شيء في أي وقت فيحدثون الفوضي التي يموج بها الشارع المصري الآن ، نريد ألا تسرق أراضينا ومواردنا وثرواتنا وألا تنتهك حقوقنا ، نريد حاكما عادلا رشيدا يخدم الشعب لا أن يتسلط عليه ويسلط عليه زبانيته وجلاديه. هذه هي مصر التي يتمني كل إنسان أن يعيش علي أرضها بحرية وكرامة وأمان أما سوق عكاظ المفتحة أبوابه للمزايدات والتراشقات الكلامية والاتهامات والصراعات بين الأحزاب والتيارات والأيدلوجيات فيجب أن نغلقه ولتمتد الأيادي لبناء هذا البلد فأبناء مصر عانوا الكثير وحان الوقت لكي ينعموا بحقهم الطبيعي والمشروع في حياة حرة كريمة وآمنة وبناء دولة تقف في مصاف الدول المتقدمة كما كانت في عصور سابقة. كلمة أخيرة لاتكن عبدا لغيرك وقد خلقك الله حرا .. (الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه)