في ظل الارتفاع الجنوني في أسعار الدواء، ونقص العديد من الأصناف في الأسواق، فإن قطاعاً عريضاً من المصريين بدأ يلجأ إلي طب الأعشاب باعتبار الوصفات الطبيعية أقل كلفة من الأدوية الكيميائية التي تضاعفت أسعارها نتيجة ارتفاع سعر الدولار، كما يطالب البعض بإنشاء صيدليات متخصصة في طب الأعشاب، تعمل بضوابط من وزارة الصحة. في محاولة للخروج من أزمة الأدوية الناقصة بالأسواق التي أصبحت تؤرق المصريين، نظرًا لارتباطها بأسعار الصرف وعجز شركات الأدوية عن الوفاء باحتياجات المرضي وممارسة بعض الشركات الأخري أساليب احتكارية بهدف زيادة أسعار الدواء لجأ العديد من المواطنين إلي طب الأعشاب باعتباره أقل كُلفة وأكثر فاعلية من وجهة نظرهم، إلي جانب خلو الوصفات الطبيعية من الآثار الجانبية، مستندين في ذلك إلي أن هذه النوعية من الصيدليات معمول بها في دول عربية وأجنبية عديدة، بشرط خضوع هذه الصيدليات لرقابة من جانب وزارة الصحة وهيئة الرقابة علي الدواء، للتأكد من سلامة الأدوية ومطابقتها للمواصفات العالمية والتزامها بالنسب المقررة للمادة الفعالة، وأن يقوم عليها صيادلة يملكون العلم والقدرة علي استخلاص تلك المادة من الأعشاب والنباتات الطبية، لكن في الوقت ذاته يعارض بعض الأطباء وجود مثل هذه الصيدليات لافتقارها الضوابط اللازمة لسلامة الصحة وغياب المعامل القادرة علي تحديد نسب المادة الفعالة بدقة. يقول الدكتور صبري صلاح الدين، أستاذ كيمياء النبات في المركز القومي للبحوث: يستخدم البطيخ المر علي نطاق واسع في علاج مرض السكري، وقد ثبت من خلال التجارب العلمية والإكلينيكية أنه يقلل من نسبة السكر في الدم، ويقلل من ارتفاعات نسبة السكر في الدم بعد تناول الوجبات، كما أن أحد العناصر الكيميائية في النبات وهو polypeptid-p يقلل من سكر الدم لدي الأشخاص المصابين بالنوع الأول من مرض السكري, وبما أن polypeptid-p لا تحفِّز حركة الدهون للتخزين داخل الخلايا الدهنية علي عكس الأنسولين، فقد اعتبر بديلا عنه علي الأقل في بعض حقن الأنسولين التي يجب أن يحصل عليها مرضي النوع الأول من مرض السكري يوميا علي الرغم من أن العشب لا يمكن أن يحل محل الأنسولين بشكل كلي، فقد ثبتت فاعلية البطيخ المر في علاج هذا النوع من السكري كما يمكن استخدام عشب »الشارنتين» في علاج مرض السكر من النوع الثاني. ويقول الدكتور سامي مصطفي أستاذ طب النباتات الكيميائية بالمركز القومي للبحوث: تمتلك النباتات القدرة علي تصنيع مجموعة كبيرة من المركبات الكيميائية التي يمكن استخدامها من أجل تنفيذ وظائف بيولوجية هامة ومن أجل الدفاع ضد الهجمات التي تصدر من الكائنات المفترسة مثل الحشرات والفطريات والثدييات العاشبة. والكثير من هذه المواد الكيميائية النباتية لها تأثيرات مفيدة علي الصحة علي المدي البعيد عندما يتناولها البشر، ويمكن أن تستخدم لعلاج الأمراض التي يتعرض لها البشر بشكل فعّال, والجدير بالذكر أنه يتم استخدام أوراق »القراص» لوقف حالات النزيف الرحمي ونزيف البواسير وعلاج تصلب الشرايين وفقر الدم، بالإضافة إلي أنها مضادة للروماتيزم ومنشطة للجسم لتخفيض نسبة السكر في الدم كما أن للقراص فعالية كمضاد للأكسدة وللميكروبات والتقرحات ومسكن وهناك دراسة حديثة أثبتت أن لحبة البركة والقراص نتائج فعالة لعلاج سرطان البروستاتا ومرضي الكبد. فيما تقول الدكتورة ليلي رسلان أستاذة النباتات الطبية: في ظل أزمة الدواء الحالية علينا إيجاد بدائل طبيعية، حيث لابد أولا من نشر ثقافة العلاج بالأعشاب وتدريسها بكليات الطب حتي يكون لدينا أطباء يعالجون بالطرق العلمية الصحيحة، كما أنه إذا تم إنشاء صيدليات تعالج بالأعشاب فلابد أن تخضع جميع منتجاتها إلي الرقابة الدوائية، لأن بها المعامل والأجهزة التي تقوم بتحليل هذه الأعشاب مثلها مثل باقي الأدوية المصنعة محليا أو المستوردة والسماح ببيعها في حالة سلامتها وأمنها علي صحة المرضي أو إعدامها في حالة عدم صلاحيتها. علي الجانب الآخر، يقول الدكتور أشرف حسن بيومي أستاذ الصيدلة بجامعة الأزهر, إن إيجاد بدائل من الأعشاب لنواقص الدواء خطوة إيجابية، لكن لابد أن يتم ذلك بترخيص من وزارة الصحة لحماية صحة المرضي الذين يلجأون لتناول أي أعشاب للشفاء، حتي لا يقع المريض فريسة الوصفات التي قد تضر بصحته وقد تأتي بنتائج عكسية، لأن الترخيص لهذه الصيدليات سوف يخضعها للفحص والرقابة علي كل أدويتها وتحليلها وضمان سلامة إنتاجها أو تعبئتها من شركات أو مصانع مرخصة وليست منتجات تصنع تحت بئر السلم أو تباع علي الرصيف، ولابد أن تخضع محلات العطارة المشهورة التي تقوم بصرف الأعشاب العلاجية لإشراف وزارة الصحة وهيئة الرقابة الدوائية التي لديها المعامل والإمكانيات لتحليل هذه الأعشاب وتحديد الكميات والجرعات لكل مريض. فميا يرحب الدكتور صلاح مبروك (مدير بإحدي شركات الأدوية), بحل أزمة نواقص الأدوية عن طريق طب الأعشاب لكن بشرط خضوعه للرقابة، وأن يتولي صرف أدويتها صيدلاني متخصص وذو خبرة قادر علي وصف العشب المناسب لكل مريض لأن الأعشاب أساس صناعة الدواء وأن 80٪ من الأدوية مصنعة من الأعشاب والنباتات الطبية والطبيب الصيدلي لديه القدرة علي وصف العلاج المناسب بطريقة علمية وإذا كانت هناك تركيبات معينة فعليه استشارة الطبيب المعالج وذلك بعد تدريس الأعشاب والنباتات الطبية للأطباء بكليات الطب.