لا أصدق ولا أثق في أن الإيرادات هي المعيار الوحيد لنجاح الأفلام، وخاصة عندما يتم عرض الأفلام في مواسم صاخبة مثل الأعياد حيث يظهر نوع مختلف من الجمهور ليس هو الذي يعتاد الذهاب للسينما بشكل منتظم ولكن عندما فقط يحصل علي عيدية ويمكن تصنيفه عمرياً بأنه يقع في المنطقة الأقل من عشرين عاما! تابعت فيلم أحمد حلمي »لف ودوران» في سينما تمتلك ثماني شاشات عرض، خصصت منها اثنتين للفيلم علي اعتبار أنه أهم أفلام الموسم، وخاصة أن حلمي غاب بعض الوقت بعد فيلمه »صنع في مصر» الذي لم ينل أي قدر من النجاح، والواقع أن الجمهور يحب أحمد حلمي ويغفر له كثيرا من الأخطاء السينمائية، التي لا نعرف كيف تورط فيها رغم ذكائه، المهم أن معظم رواد السينما كان مقصدهم منذ البداية فيلم لف ودوران، وهنا لابد أن نضع في الاعتبار ولا نغفل وجود دنيا سمير غانم، التي استطاعت في السنوات الأخيره، أن تثبت أن لديها قدرات فنية متعددة ومتنوعة تمكنها لو صدقت النوايا من أن تتصدر أفيش أحد الأفلام، ولا تكتفي بأن تكون الشيء لزوم الشيء! ولكن أعتقد أن بنات هذا الجيل يفتقدن الشجاعة والمغامرة الفنية، ويكتفين بالاستناد علي ظل رجل! التجربة الأولي التي جمعت حلمي ودنيا كانت مثمرة ومشجعة وناجحة مع فيلم إكس لارج الذي حقق نجاحا كبيرا علي المستويين الفني والتجاري، ولكن التجربة الثانية تفتقد لهذا الألق! المشاهد الأولي من الفيلم الذي كتبت قصته منة فوزي وأخرجه خالد مرعي، لاتتفق مع ما جاء بعدها، وخاصة بالنسبة لرسم شخصية أحمد حلمي، وأناقته المبالغ فيها، وإصراره علي شرب السيجار الكوبي، وارتداء أفخر ماركات الثياب العالمية، هذا من حيث الشكل، ومع ذلك فهو يلهث ويحارب كي يحصل علي فرصة الذهاب في رحلة مجانية لشرم الشيخ! أما من حيث الموضوع فإنه يعيش مع أربع نساء هن جدته »إنعام سالوسة»، والدته »ميمي جمال»، خالته العانس »صابرين»، وشقيقته »جميلة عوض»، والمفروض أنه رجلهن الوحيد، الذي يتولي أمورهن، ويشعرن في وجوده بالأمان، ولذك يصيبهن الهلع عندما تلوح في الأفق فتاه إيطالية جميلة، يفكر في الزواج منها والسفر معها، وترك هذا الحمل الحريمي، وهو ماسبق وفعله والده، ولكن تلك معلومات نعرفها من خلال الحوار فقط، ولم نشاهد له مشهدا واحدا نشعر فيه بأنه فعلا السند والملاذ لتلك النسوة، ويحدث أن يدعو حلمي فتاته الإيطالية لرحلة لشرم الشيخ، ويدعي أنه عريس في شهر العسل وقد فاز بتذكرة إقامة بفندق فاخر، وهو نفس ماحدث مع دنيا سمير غانم، التي اضطرتها الظروف للادعاء أنها العروس، ويحدث أن تصر عائلة »حلمي» علي اصطحابه في الرحلة لشرم الشيخ، وتفاجأ بوجود الفتاة الإيطالية والفتاة المصرية أيضا، المهم أن الأحداث تتشابك ولكن في افتعال شديد، لاينتج عنه أي نوع من الكوميديا، ولكن بعض إفيهات تلقي علي القاعد، وتعتمد علي خفة ظل أحمد حلمي فقط، التي تصيب أحياناً وتخيب أحيانا أخري، المهم أن العائلة الحريمي تحاول التخلص من اهتمام ابنهن بالفتاة الإيطالية، عملا بالمأثور الشعبي القديم أن الزواج من بنت البلد هو النعيم والأمل وخير البلد »رجالتها» مش لازم يخرج برة، تتآمر النسوة مع دنيا سمير غانم، علي ان تجذب اهتمامه وتطفش الخوجاية اللعينة اللي عايزة تخطف الواد، أما الجزء الأهم الذي لم يتم استغلاله جيدا، نظرا لفقر خيال كاتب السيناريو، فهو ذهاب حلمي ودنيا إلي جزيرة بعيدة، ليس فيها صريخ ابن يومين، وبقاؤهما عدة أيام بمفردهما تماما، بحيث يتعرف كل منهما علي الآخر أو يعيد اكتشافه، وطبعا كان المفروض أن تكون تلك المنطقة مليئة بالأحداث والمواقف والطرائف المضحكة ولكن للأسف تحولت الحكاية بينهما إلي جلسه حوار طويلة، لدرجة أن أي منهما لم يتحرك من مكانه إلا في أضيق الحدود ولم يحاول اكتشاف الجزيرة، حتي أن حلمي لم يلحظ وجود آيس بوكس ضخم، وضعت فيه دنيا سمير غانم مجموعة من المأكولات والعصائر وكافة الاحتياجات التي تكفيهما للبقاء في الجزيره عدة أسابيع، وهذا مايؤكد أنها تآمرت مع عائلته لاصطحابه بعيدا عن البنت الإيطالية الأمر الذي كان يجهله فقد كان يظن أن وجودهما علي الجزيرة مجرد حادث غير مقصود!! المهم أن الإفيه الوحيد الذي أضحكني شخصيا، قاله حلمي رداً علي خوف دنيا من وجودها معه في الجزيرة، فكان رده ماتخافيش أنا سايب باب الجزيرة مفتوح! أما فيلم »عشان خارجين» الذي كتب له الفكرة والسيناريو شيكو وماجد هشام وكتب له الحوار فادي أبو السعود وأخرجه خالد الحلفاوي فهو أكثر الأفلام الست المعروضة في العيد طرافة، واتساقاً مع نفسه، والأهم من ذلك أنه لايخدع جمهوره ولايعدهم بالكثير، فهو لايحمل أفكاراً طموحة، وخيال علمي وبتاع، ولكن كل توقعاتك وأنت تقف أمام شباك التذاكر أن تشاهد فيلماً مستواه شبه ما سبق وقدمه الرداد وإيمي في فيلمهما السابق زنقة ستات، والحقيقة أنه لايزيد كثيرا عن هذا وهذا ليس سيئاً، في حد ذاته فالحفاظ علي المستوي أفضل كثيرا من التراجع الذي أصاب بعض أبطال الكوميديا، وأطاح بهم وبأفلامهم إلي ذيل القائمة ، حكايه فيلم »عشان خارجين» تعتمد علي تشابك الأحداث، ووضع الأبطال في مواقف صعبة ينتج عنها مواقف أكثر صعوبة، وارتباكا، وهي أفلام تحتاج إلي مهارة في الكتابة، بحيث تكون تلك المواقف منطقية حتي لو كان الغرض منها الإضحاك فقط، »حسن الرداد» بيركب بهذا الفيلم »قطار قشاش» خلعوا قضبانه، وأخشي أن يجرفه النجاح التجاري للفيلم بتقديم المزيد من تلك النوعية التي لاتقوم علي أعمدة متينة، وأرجو أن يلحظ أن كريم عبد العزيز يقف في مرحلة خطرة يبحث عن صيغة مختلفة يظهر بها لجمهوره، لأن النمط الواحد الذي كان يقدمه قد استنفد أغراضه، والكوميديا لها أوجه كثيره وأنماط متنوعة ومتعددة، طبعا أنت ملاحظ أني لم أتحدث عن فكرة الفيلم، وهي علي أي حال فكرة لطيفة، تبدأ بشاب مستهتر يفرض عليه رئيسه أن يتزوج من ابنته وفي لقائه الأول معها يدرك أنها بعيدة تماما عن أحلامه ولايستلطف أي منهما الآخر ولكنهما يتعرضان لموقف غريب عندما يضع شخصا ما أمامهما حقيبة ويختفي ويفاجآن أنها حقيبة مليئة برزم من الأوراق المالية فيقرران اقتسام المبلغ ولكن الفتاة تتبرع بنصيبها وقيمته نصف مليون جنيه إلي جمعية لرعايه الحيوان وتجبر الفتي أن يتبرع هو الآخر بنصيبه لإحدي الجمعيات الخيرية، ولكنهما بعد ذلك يفاجآن بأصحاب النقود يطالبون باستعادة المبلغ الذي وصل إليهما عن طريق الخطأ أو تنفيذ مهمة اختطاف طفل! وتبدأ سلسلة من المواقف والطرائف والمطاردات التي تنتج عن كوميديا ولابد طبعا أن تقودهما الأحداث إلي حفل للأطفال يسمح لهما بالتنكر والغناء والرقص، ولا مانع من الاختباء من العصابة في غرفه يحرسها أسد!! مش مهم المنطق فنحن في فيلم كوميدي كل شيء فيه مباح، المهم ان تنفجر الضحكات، وكانت قليلة! إيمي سمير غانم تتمتع بروح مرحة وقدرة علي الانطلاق والإضحاك وتحبها الكاميرا رغم زيادة وزنها، وحسن الرداد يمنح الدور ما يحتاجه وما يفيض عن هذا الاحتياج من قدرات حركية وتمثيلية ولديه قبول وكاريزما رغم أنه يحتاج فعلا للاهتمام بلياقته لأن لديه استعداداً للامتلاء، والمشكلة أنه يستطيع أن يؤدي أدواراً متنوعة ومختلفة ولكن نجاحه في تلك النوعية قد يؤدي به إلي التوقف وعدم التطور، وهي نوعية النجاح فيها خداع بالإضافة لأنها لاتستمر طويلا.