تواجه مصر تحديات تتعلق بنقص المياه، بينما يتحدث خبراء في الوقت ذاته عن احتمالية دخول مصر مرحلة فقر مائي بسبب سد النهضة الإثيوبي الذي يجري تشييده حالياً، ويهدد بتقليص حصة مصر المائية من نهر النيل. »آخرساعة» التقت المهندس جمعة طوغان صاحب براءات الاختراع العديدة، الذي تقدم بمشروع لوزارة الري لزراعة أشجار البامبو علي ضفاف الترع والمصارف، للاستفادة من قدرة هذا النبات الفائقة علي معالجة مياه الصرف الصحي، وإعادة استخدامها مُجدداً وبالتالي ضمان مستقبلنا المائي، إلي جانب فوائد أخري عديدة نتعرف عليها من خلال الحوار التالي. • ما الذي دفعك لتقديم مثل هذا المشروع؟ - أزمات المياه المتكررة جعلت أكثر الباحثين والمهتمين بمجال المياه يفكرون في البحث عن وسائل وحلول لتوفير المياه الصالحة للري خاصة أن حصتنا من المياه ستتقلص بعد بناء سد النهضة وبداية تشغيله العام المقبل ففكرت في مشروع أشجار البامبو علي جوانب المصارف الزراعية لمعالجة مياهه علي غرار الصين والمكسيك اللذين أنشآ وحدة لمعالجة المياه من خلاله، فمياه المصارف الزراعية والمجاري تعاني من التلوث الشديد بفعل إلقاء الملوثات المتنوعة بها من حيوانات نافقة ومخلفات المصانع وغيرها مما يجعل مياهها شديدة الخطورة بالنسبة لاستخدامها بالزراعة فتعمل جذور البامبو علي إعادة فلترة تلك المياه وتنقيتها من الشوائب الخطرة، والمساحة التي يمكن الاستفادة منها تقدر ب17مليون متر طولا في عرض متوسط 4 أمتار من الجانبين هي ميل الجسر وبداية القاع أي مساحة تقدر ب أكثر من 16 ألف فدان. ما أخطار تلوث المجاري والمصارف الزراعية؟ - تعتبر ملوثات الترع والمصارف أكثر الأنواع خطورة، فهي أهم أسباب الإصابة بالفشل الكلوي وأمراض السرطانات المختلفة حيث يستخدمها الفلاحون في ري أراضيهم دون وعي بمدي مخاطرها الجمة، وقد صدرت إحصائية من وزارة البيئة مؤخرا عن حجم مخلفات تطهير الترع فوصلت إلي 20 مليون طن وأكثر كما وَجَدَت الدراسة أن متوسط تركيزات الأمونيا في معظم نقاط الرصد في قنوات الدلتا قد تجاوز الحدود المسموح بها إضافة إلي ورد النيل الذي يمتص آلاف المكعبات من المياه العذبة ويحتضن بداخله قواقع البلهارسيا ويبلغ طول شبكة المصارف في شبكة الري والصرف المصرية حوالي 17 ألف كيلومتر تتلقي مياه الصرف الناتج عن عمليات الري وتتم عمليات تطهير سنوية لتلك المصارف لنزع الحشائش المائية بمبالغ طائلة، فذلك المشروع يساهم في خفض نسب التكلفة. حدثني عن ميزات شجر البامبو التي تجعله مفلتِرا جيدا لمياه الصرف الصحي؟ - البامبو من الأشجار سريعة النمو وتلتهم الطحالب وكل الملوثات من الماء أثناء نموها السريع جدا، بما يضمن جودة عالية لمياه الصرف قبل رجوعها للنيل مرة أخري وتمثل شجرة البامبو حاجزا ومصدا طبيعيا للرياح وستارة من الأتربة العالقة في الجو، مما يحسن من حالة البيئة، وليست الشجرة وحدها الكفيلة بالقضاء علي المشكلة، فنبات الجوجوبا وطحلب عدس البحر لهما نفس المميزات وإذا توسعنا في تطبيق تلك المشروعات سوف نقضي علي بطالة الشباب كما أن عليها إقبالا كبيرا في الأسواق الخليجية والأسواق الأوربية. هل لهذا النبات دور في القضاء علي ورد النيل؟ - البامبو له قدرة عجيبة علي تثبيت نمو ورد النيل، فمن المعروف أن هذا النبات يتكاثر تلقائيا وبصورة مرعبة حتي أنه يغطي مساحات شاسعة من الترع والمصارف فتعمل نبتة البامبو في امتصاص العناصر المعدنية اللازمة لنمو ورد النيل مما يؤدي لتقويض أركانه وإعاقة نموه مما يجعلنا نتخلص من تلك النبتة الضارة واستخدامها كعلف للحيوانات، وهذا من شأنه أيضا أن يعمل علي حماية نهر النيل والمجاري المائية وخزان المياه الجوفية السطحي والعميق من التلوث البكتريولوجي والفيروسي والكيماوي للمياه وتدهور حالة الثروة السمكية النهرية والبحرية، كما أن كثيرا من الدول الأفريقية توسعت في زراعة الغاب علي حواف الترع بهدف معالجة مياه الصرف الصحي، وكطريقة فعّالة ورخيصة. إلي أي مدي هناك أوجه مختلفة أخري للاستفادة من المشروع؟ - تعتبر تلك الشجرة مصدرا للحياة في دول شرق آسيا كالفلبين والهند حيث يطلقون عليها »الذهب الأخضر» فأوراقها دائمة الخضرة ومقاومة للحشرات والآفات، فيدخل عنصر »السليكا» في تكوينها ويفرز رائحة نفاذة تنفر منها الحشرات الطائرة والهوام، كما أن أوراقه تطحن وتستخدم كبديل لعلف الدواجن والأسماك، ولاننسي أخشابه التي تعد ثاني أجود أخشاب علي مستوي العالم فتستخدم في صناعة أجود الأثاث وتنقسم إلي عدة أنواع منها المالكان والأكليس والفرنساوي وأمويل وتتراوح مدة ظهوره خلال ثلاث أو خمس سنوات علي عكس باقي الأشجار الخشبية التي تستهلك عشر سنوات لنموها، كما يعمل علي توفير ملايين الجنيهات من ميزانية الدولة التي تنفق سنويا علي عمليات نزع الحشائش من قبل وزارة الري بعقود سنوية ثابتة بملايين الجنيهات سنويا من خزينة الدولة التي تعاني أصلا من العجز في الموارد، وليس هذا فقط بل إن تلك الحشائش تنمو سريعا جدا مما يجعل الوزارة تزيلها في العام نفسه وبتكلفة أكبر ويترتب عليها ميل الجسور فيتغير شكل المجري المائي. وما فكرة ستائر البامبو بالمدارس؟ - تقوم فكرة المشروع علي أساس الربط بين البيئة المدرسية والمجتمع في إطار هدف مشترك وهو خدمة البيئة المحلية التي يعيش ويتفاعل بها التلميذ، بالاعتماد علي زراعة نبات البامبو كستائر خضراء لتحسين البيئة المدرسية ومحصول صناعي عالي القيمة الاقتصادية وذلك بتعظيم الاستفادة من الأراضي والطاقات البشرية في المدارس لكي تكون مركزا لنقل تكنولوجيا التصنيع ومنطلقا لبيئة نقية ونظيفة وجميلة، ولكِ أن تعلمي أن الفراعنة هم أول من استخدم النباتات في تنقية الماء فاستخدموا زهور اللوتس لذلك الغرض وكانت شعار دولتهم في مرحلة ما، وتم الكشف مؤخرا أن هذه الزهرة يمكنها امتصاص الملوثات داخلها بنسبة عالية جدًّا تصل إلي 16%. هل تقدمت بالمشروع لوزارة الري؟ - بالفعل عرضت المشروع علي قيادات الوزارة، كما اقترحت إنشاء شركة تابعة للوزارة تقوم مهمتها علي الزراعة والحصاد وإنشاء مصانع للأخشاب والورق وورش صغيرة بالقري للحرف اليدوية التي تقوم علي البامبو كمادة خام كذلك إنشاء مصنع لإنتاج الإيثانول كمصدر مستدام ونظيف للطاقة فتلك النباتات تتكيّف مع البيئة لدرجة كبيرة والاستفادة من المصارف الزراعية كمزارع إنتاجية للبامبو وعدس الماء ونباتات أخري حسب نوع الملوث السائد بالمنطقة.