السؤال الآن.. في تركيا، ليس لماذا فشل الانقلاب الذي قام به بعض رجال الجيش ضد أردوغان؟ أو لماذا لم ينضم الشعب التركي إلي قادة الانقلاب الذين نزلوا للشوارع في أكثر من مدينة تركية من بينها العاصمة أنقرة، وسيطروا علي بعض مفاصل الدولة وعلي رأسها الإذاعة والتليفزيون؟ ولكن السؤال هو: وماذا بعد فشل الانقلاب الأول ضد أردوغان الجالس وهل سيأخذ مما حدث عبرة له لمراجعة سياساته، وقمعه لمعارضيه وللصحافة التركية؟ أم سيمضي. لماذا كان هذا الانقلاب؟ ولماذا فشل؟ سؤال كبير.. وإجابته تحتاج لعدة تساؤلات أحيانا، فأردوغان القابع في كرسي الحكم في تركيا منذ 01 سنوات سواء كان رئيسا للوزراء أو رئيسا للجمهورية، لديه أحلامه التي لا يخفيها في أحيان كثيرة، فهو يحلم بالتحول من النظام البرلماني للنظام الرئاسي، الذي يكفل له أن يكون الحاكم بأمره في طول البلاد وعرضها، ويعيد حلمه القديم في أن يكون سلطان الأتراك الجديد، ويحول تركيا العلمانية.. حسب الدستور.. لتركيا أخري حاملة للواء الخلافة في العالم الإسلامي كله رغم كل من يتربصون به وبحلمه من اليمين القومي المتطرف، للكردي الذي يحلم بتكوين دولة كردية في جنوب شرق البلاد، لمواطن تركي بسيط وضع كل آماله وأحلامه في يد أردوغان الذي باع كل شيء له، ولم يعطه إلا القليل. وفي العام الماضي.. وضع أردوغان.. كما تقول صحيفة جمهوريات التركية..أمله في الانتخابات البرلمانية.. والتي كانت إذا كفلت له الأغلبية المطلوبة، ستتيح له تحقيق هذا الحلم بتمريره من داخل البرلمان التركي، ولكن أظهرت النتائج عدم حصوله علي تلك النسبة التي تكفل له ذلك وبأن يكون رئيسا له كافة الصلاحيات. ثم قمع أردوغان المستمر للمعارضة ومحاربته للزعيم كولن الذي يقيم في الولايات المتحدةالأمريكية، وكان حليفه في السابق وانقلب عليه، ثم معاداته للأحزاب الأخري. وهناك.. كما تقول صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية.. مشكلة أكراد تركيا بجانبيها العسكري والسياسي، الذين يمثلون نحو 61مليون كردي تركي.. يعيشون بوجه خاص في جنوب شرق البلاد، ويرتبطون بعلاقات تاريخية مع كل من أكراد سوريا والعراق وإيران، ويحلمون بإقامة دولتهم المستقلة، ويمثلون صداعا دائما في رأس أردوغان عن طريق التفجيرات شبه اليومية. أسباب أخري.. تجعل أردوغان في موقف لا يحسد عليه، وهي تدخله وسياساته الإقليمية الفاشلة في نظر معارضيه، خاصة في سوريا والعراق، وجعله من تركيا ممرا وجسرا لمرور السلاح والممنوعات، والمتطوعين من الراغبين في الانضمام لتنظيم داعش في كل من سوريا والعراق. وقمع أردوغان للحريات، وبخاصة حرية الصحافة، وحسب الاتحاد الدولي للصحفيين فإن هناك ما يزيد عن 500 صحفي تركي تم وقفهم عن العمل أو طردهم منه نهائيا أو سجن بعضهم لقضايا تختص بحرية الرأي. نقطة أخري لا تقل أهمية وهي بذخ أردوغان نفسه، فهو كما.. يعد الثامن عالميا في قائمة أعلي الرؤساء راتبا، ووصل راتبه لما يعادل ال381 ألف دولار سنويا، ما أثير حول قصره الجديد، الذي تكلف أكثر من 650مليون دولار أمريكي، ويتسع لأكثر من ألف غرفة. ومن جهة أخري.. هناك من الأتراك، الذي وجد في فشل الانقلاب ضد أردوغان، فرصة أخيرة له، لمراجعة أخطائه، والعودة بالبلاد لحالة الازدهار الاقتصادي التي عاشتها ووصلت بها في وقت من الأوقات، لرفع دخل الفرد إلي نحو 10 آلاف دولار شهريا، وصنع أول طائرة تركية بدون طيار 100٪، وجعل بلاده باقتصادها المتنوع تحتل المرتبة ال21عالميا، متفوقة علي اقتصادات راسخة وقديمة حول العالم، إضافة لجذب ملايين السياح لتركيا سنويا، مما جعلها أحد المقاصد السياحية الرئيسية بالعالم، وجعل ديون بلاده عند مستوي الصفر. وهناك.. من تنفس الصعداء لفشل الانقلاب، لأن له ذكريات مؤلمة مع الحكم العسكري لتركيا قبل عودة الحلم المدني خاصة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.