يعود المخرج "بيدرو ألمودوفار" الي مهرجان كان للمرة الخامسة ليشارك في المسابقه الرسمية بفيلم الجلد الذي أعيش داخله، وهو من بطولة انتونيو باندرايس الذي يلعب دورا شديد التعقيد لجراح تجميل يعاني من اضطراب نفسي يدفعه لأن يحتجز فتاة ليجري عليها بعض التجارب لزرع جلد علي وجهها، وتكتمل بذلك عرض مجموعة من أهم أفلام المسابقة التي يقدمها أهم مخرجي العالم ويبقي أن يعرض الفيلم التركي حدث ذات يوم في الأناضول للمخرج نوري بيلج سيلان لتكتمل تحف الدورة ال64 ومنها"شجرة الحياة" للمخرج تيرانس مالك، وهو الفيلم الذي تأخر عرضه عاما كاملا، حيث كان من المقرر عرضه في دورة العام الماضي لمهرجان كان، ولكن المخرج الذي اعتاد أن يقدم فيلما كل خمس أو ست سنوات، فضل إجراء بعض التعديلات والإضافات حتي يخرج الفيلم أقرب للكمال، شجرة الحياة مأخوذ عن قصة كتبها المخرج نفسه، وهو يجمع لأول مرة بين اثنين من أهم نجوم السينما الأمريكية "براد بيت" و"شون بين"، ومعهما الممثلة جيسيكا كاستين، وتدور أحداث الفيلم في سنوات الخمسينيات من القرن العشرين، حيث نتعرف علي عائلة أمريكية مكونة من الأب براد بيت، وزوجته المخلصة جيسيكا كاستين وأطفالهما الثلاثة، يحاول الأب أن يزرع في أطفاله القيم النبيلة وحب الحياة، وإن كان أسلوبه يتسم أحيانا بالديكتاتورية، وتمر الأسرة الصغيرة بأزمة طاحنة عندما يمرض الأب ثم يتوفي تاركاً أطفاله في معترك الحياة، أما أكبر الأبناء فهو يشب بعيدا عن مباديء والده، ويتخلي عن البراءة التي كان عليها في سنوات الطفوله، وتصبح أزمة الابن الذي اصبح رجلاً يافعا"شون بين" كيف يتغلب علي صراعه بين ما تعلمه من والده، وما علمته إياه الحياة! وقبل وصول براد بيت وفريق العمل بفيلم شجرة الحياة كانت مدينة كان تقف علي قدميها ترحيبا بالنجم الأمريكي الكبير "جوني ديب" الذي حضر في الايام الاولي من المهرجان حيث عرض له خارج المسابقه الجزء الرابع من فيلمه "قراصنه الكاريبي – المد والجزر"، من إخراج روب مارشال وبطوله بينلوب كروز، جيفري راش، وكان وجوده باعثا علي البهجة والسعادة فالناس في كان مثل كل مكان في العالم يعشقون نجوم السينما الأمريكية وينتظرون قدومهم بفارغ الصبر، وربما تجد الآلاف يقفون من الصباح الباكر علي الارصفة ليحجزوا أماكنهم وسط الحشود حتي موعد عر ض السوارية في السابعه مساء الذي يحضره نجوم الافلام عادة، ولايجد هذا الجمهور غضاضة من القفز فوق الاشجار والنخيل حتي تكون الرؤية أكثر وضوحا!! وتدور أحداث فيلم "قراصنة الكاريبي – المد والجزر" في أجواء تجمع بين المغامرات والإثارة والكوميديا حول البحث عن نافورة، للشباب الدائم، وإهتمت الصحف الفرنسية والعالمية بوجود جوني ديب في كان، وإحتلت صورته أغلفة أكثر من ثلاثين مطبوعه يومية، بالإضافة الي نشرات المهرجان، وتؤكد شركة والت ديزني أن الارباح المتوقعة للفيلم ربما تفوق البليون دولار خلال الأسابيع الاولي فقط لعرض الفيلم في أمريكا واوروبا، وخاصة وان جوني ديب سبق أن أعلن أنه لن يعود لتقديم شخصية جاك سبارو في أجزاء مجددة، وفي رأيه أن الشخصية قد استنفدت أغراضها، وهو يريد أن يستمتع بأداء أدوار مختلفة في المستقبل. -أما المخرج الإيطالي "ناني مورتي" صاحب فيلم "عندنا البابا"فقد عرض فيلمه داخل المسابقة في ثالث أيام مهرجان كان، وصاحب الفيلم حالة من الجدل وقيل إن الفاتيكان أبدت تحفظها علي الفيلم، لأنه أي "موريتي"قدم نقدا ساخرا لأسلوب اختيار البابا، وأكد بعض النقاد أن فيلم" ناني موريتي" الذي يشارك في بطولته الممثل الفرنسي ميشيل بيكولي، يمكن مقارنته بفيلم خطاب الملك، الذي حصد عدة جوائز أوسكار، فالشخصية الرئيسية في الفيلمين لها قداسة خاصة وألق ومكانة مميزة، وتعاني في نفس الوقت من أزمة نفسية تجعل علاقتها بالآخرين مضطربة مما تحتاج معه لمحلل نفسي أو مدرب خاص كما في خطاب الملك، أما في فيلم "عندنا البابا "فتدور أحداثه حول عملية اقتراع تدور حول اختيار البابا ، وبين أكثر من مائة كاردينال مرشح للمهمة، يقع الاختيار علي" ميشيل بيكولي" الذي كان أبعد شخص يناسب تلك المهمة، مما يدفعه لمحاولة الهرب، ويضطر الفاتيكان للاستعانة سراً بطبيب أمراض نفسية"موريتي"، ليساعد البابا علي التأقلم مع حياته الجديدة ومهامه الشاقة، ويقدم المخرج وبطل الفيلم مشاهد ساخرة لمحاولة السيطرة علي مخاوف البابا الجديد، الذي يهرب من الفاتيكان أكثر من مرة، ليمارس حياته بعيدا عن القيود المفروضة عليه، أما المخرجة اللبنانية نادين لبكي فهي تشارك في قسم "نظرة خاصة" بفيلم "والآن إلي أين ؟؟" وهو ميلودراما موسيقيه عن بلد ما تقع فيها حرب أهلية، بين المسلمين والاقباط ، ويقع القتلي بالمئات من الطرفين، وتذهب نساء البلدة الي دفن ازواجهن وأبنائهم، فتتجه المسلمات الي المقابر حاملات المصاحف وتتجه المسيحيات الي مقابر أخري حاملات الصلبان، وبعد ذلك يجتمعن في جلسات مشتركة للبحث عن حل للأزمة ويتفقن علي منع رجالهن من الحرب بأي وسيلة، الفيلم لايخلو من لمحات كوميدية لتخفيف حدة الموقف، وتقول المخرجة نادين لبكي التي تلعب دور البطولة أيضا، عندما كنت حاملا في ابني من سنتين وقعت بعض الاحداث المؤسفة في لبنان بين المسيحيين والمسلمين، وحصد الموت أرواح الآلاف بدون تفرقة، وكنت أسأل نفسي، ماهو المصير الذي ينتظر ابني القادم؟ وإلي أين تأخذنا تلك الحرب الملعونه؟ وهذا ما جعلني أفكر في كتابة هذا الفيلم، وقد اخترت مجموعة من الممثلين غير المحترفين، لأني أردت أداء طازجا بعيدا عن الافتعال، ولم أقصد أن تدور الأحداث في بلد بعينه، فالفتنة الطائفية تحدث في لبنان بين المسيحي والمسلم كما تحدث في مصر، وفي بلدان اخري هناك حالة من الاحتقان بين السنة والشيعه، واعتقد أن التعصب الديني هو آفة هذا العصر، وهو العامل الذي يمكن أن يهدم الوطن العربي ويؤدي الي انقسامة وتشرذمة!