مقدم البرنامج رجل تجاوز مرحلة الشباب بشعره الأبيض، يحاول أن يبتسم ليخفي قسوة أسئلته السيدة ضيفة البرنامج جميلة ابتسامتها حلوة في منتصف العمر. زوجها أحد ثلاثة في لجنة التحكيم. والمطلوب من ضيفة البرنامج أن تقول الحقيقة وحدها وهي متصلة بجهاز كشف الكذب الذي يكشف عما إذا كانت قد قالت الحقيقة أم لا. ويبدأ البرنامج السؤال الأول: هل مازال زوجك هو رجل أحلامك تنظر الزوجة إلي زوجها وهي تبتسم أما هو فالتكشيرة علي وجهه تتردد الزوجة قليلا ثم تقول: نعم يقول الجهاز إنها لا تكذب ويعلن مقدم البرنامج عن فوزها بمئات الدولارات مادامت تقول الصدق ويجئ السؤال الثاني: هل تفتشين جيوب زوجك لا تنظر الزوجة إلي زوجها وهي تجيب: نعم وتتابع الأسئلة وكلها عن العلاقات الزوجية وفيها إحراج للزوجة مع زوجها وعقب كل سؤال صحيح تحصل الزوجة علي مئات الجنيهات. وفي حلقة تالية يجئ زوج آخر وفي لجنة التحكيم زوجته ويسأله نفس المذيع: هل أخطأت في ليلة الزفاف؟ وكل الأسئلة علي هذا المنوال مع هذه الزوجة ومع الأزواج. ويمضي البرنامج يحاول أن يفسد العلاقة بين كل زوجين مقابل آلاف الجنيهات التي تتجمع من أسئلة وأجوبة ليست فيها كلمة كذب واحدة بسبب الجهاز اللعين. والبرنامج ناجح من وجهة نظر قناة التليفزيون لأن المشاهدين عددهم يتزايد باستمرار والمعجبين بالبرنامج كثيرون كثيرون. ولا تهتم القناة بما يحدث في البيوت بعد البرنامج عندما ينفرد الزوج بالزوجة وتنفرد الزوجة برجلها وتبدأ رحلة العتاب القاسي. ولا تنظر القناة إلي أن آلاف الدولارات التي يكسبها المتسابقون لا تساوي الجروح النفسية التي تستقر في نفوس الأزواج والزوجات عندما تعرف الزوجة أن أخطاء رجلها في ليلة الزفاف قد أصبحت ملكا لجماهير الشاشة أويعرف الزوج أو يشك أنه لم يعد فتي أحلام زوجته مهما قالت الزوجة عكس ذلك. والسؤال هو: هل رواج البرنامج وألوفه تعوض هموم البيوت. وهل مهمة التليفزيون أن يكسب متفرجين فحسب مهما كانت التكاليف والخسائر الاجتماعية وهدم البيوت الزوجية. وماذا يفعل التليفزيون ليجذب المتفرجين بطرق نبيلة مع عدم إحداث الشقوق والشروخ في أسر هانئة مستقرة. تقول محطات التليفزيون: نحن نريد أن تعيش الأسر في ظل الصدق والصراحة وهو ما تحاول أن تصل إليه هذه البرامج. رفضنا: لا نريد أن تعيش الأسر علي الكذب يرد الباحثون الاجتماعيون. أي الحالتين أفضل أن تستمر الحياة الزوجية مع الكذب أم تهدم لإحياء مبدأ الصراحة والصدق. والمطلوب إعادة النظر في برامج التليفزيون العربي في كل المحطات. نريد أن نحافظ علي جاذبية البرامج. ولكننا نريد أيضا المحافظة علي المجتمع وعلي هذا الأساس ينبغي إعادة النظر في كل البرامج ومستواها وأهدافها وقيمها. وإلا فإن التليفزيون يقدم برامج العري باعتبارها الأكثر إغراء. ويقدم البرامج التي لا تحث علي الشرف باعتبار أن الرذيلة أكثر إغواء وإغراء. وهنا ندق جرس الإنذار للقنوات الفضائية العربية لأنها تخترق كل السموات العربية والبيوت العربية في عالمنا العربي.