ذهبوا جميعا إلي مصيرهم المحتوم غير مأسوف عليهم إنهم الطغاة في كل عصر وزمان مصحوبون بلعنات شعوبهم وأنات ضحاياهم لأنهم جاوزوا بطغيانهم المدي حدا وقدرا ، لم يتعلموا من دروس الماضي شيئا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا تخبرنا صفحات التاريخ أن الحاكم عندما يستخدم لغة النار والحديد في الحوار مع شعبه يضع المسمار الأخير في نعش حكمه وتتمزق كل الخيوط في العلاقة بين الطرفين والأمثلة لاتعد ولاتحصي في الماضي البعيد والقريب من فرعون إلي نيرون وكاليجولا إلي هولاكو وجنكيز خان وأبو العباس السفاح وروبسبير ومن ستالين إلي موسوليني وهتلر وفرانكو وباتيستا وشاه إيران وتشاوشيسكو وعيدي أمين وغيرهم وصولا لطغاة زماننا الحالي كل هؤلاء قتلوا وأحرقوا شعوبهم ودمروا بلادهم التي لم يعرفوا معني الانتماء إليها في أيام وسنوات حكمهم حتي زالوا وإلي الأبد! هؤلاء جميعا اتسموا بصفات لاتجعلهم محسوبين علي البشر والإنسانية من سادية ودموية وشذوذ نفسي وسلوكي لكن نهاياتهم تشابهت بين المرض العقلي والانتحار أوالعيش كالطريد وهو مايستحقونه جزاء طغيانهم وقهرهم لشعوبهم والضحايا الذين تساقطوا في عهودهم. وفي عالمنا العربي وفي هذا العام تحديدا الذي يستحق أن يطلق عليه عام الشعوب العربية بدأت ملاحم الغضب علي الحكام للمطالبة بالإصلاح لكن الرد جاء سريعا بالرصاص الحي ومعها بدأت مسيرات وقوافل الشهداء وسالت من الدماء أبحر فتغيرت معادلة غضبة الشعب من الإصلاح إلي إسقاط النظام ورحيل الحاكم بلارجعة حدث هذا في تونس أولا وتبعتها مصر ثم مايجري الآن علي الأرض في كل من ليبيا واليمن وسوريا والبقية علي الطريق، والغريب أنهم كلما رأوا ثورة في الجوار قالوا: إن نموذجها لاينطبق علي ظروف وأحوال البلد الذي يحكمونه لأن غضبة الشعوب علي الطغيان غير واردة في حساباتهم فهم الزعماء والحكماء والملهمون وظل الله علي الأرض! لا أحد من الحكام تعلم الدرس ممن سبقه أوعلي مقربة منه زمانا ومكانا نفس الممارسات والأخطاء ونفس نوعية الفساد المادي والفكري لتقود إلي نفس النهاية المحتومة، في تونس أشعل إحراق الشاب محمد البوعزيزي نفسه شرارة الثورة فامتدت نارا في كل المدن فسقط النظام من حيث لايحتسب ، وفي مصر جاءت الضربة (البرية) من أضعف النقاط التي لم ينتبه لها النظام من شباب الفيس بوك الذين سخر منهم مبارك الإبن وكان الأب ورجال نظامه الحديدي الذي أصابه الصدأ يراهم مجرد (شوية عيال) لكنهم أسقطوه من كرسي الحكم لأنهم لم يفكروا بالطرق القديمة التي عفا عليها الزمن وحيروا هذا النظام بوسائلهم الحديثة وامتلكوا جرأة وجسارة المواجهة بالصدور العارية والقلوب الشجاعة ، هذه الأنظمة لم تفكرإلا بمنطق القوة الباطشة وماتملكه من أدوات قمع بوليسية ولها سوابقها الدموية مسلحة بأدوات التنكيل والقتل في أيدي القناصة والبلطجية والشبيحة وجيوش الأمن وكلها أثبتت هشاشتها وعجزها عن وقف تيار الثورة الجارف ، الطاغية يغتر بقوته بدلا من أن يستمدها من شعبه الذي غالبا لم يفوضه ولايصغي لصوت العقل لكنه ينصت لمن يزين له سوء عمله فيراه حسنا! ذهب بن علي ومن ورائه مبارك وعلي طريقهم وفي اتجاه واحد إجباري وبتذكرة ذهاب دون عودة سيذهب القذافي وصالح والأسد وغيرهم ممن أذلوا شعوبهم وجعلوهم مجرد أرقام وخيالات مآتة لأن من أسوأ صفات الطغاة الذين غالبا ليس لديهم حسنات أنهم لايرون شعوبهم وكأنهم في إجازة خارج الديار ويستخفون بهم، ينفرون منهم فتلفظهم في النهاية !! لقد هدمت الشعوب العربية أسوار الخوف وجدران الصمت واختارت أن تكون حرة ، هبت لتزيح الظالمين ومن حولهم لأن سنة الله في الظالمين لم ولن تتبدل .