الدكتور محمود حمدي زقزوق واحد من قلة في العالم العربي والإسلامي يمثلون الفكر الرشيد والوعي الديني المستنير، فهو يمثل التجسيد الحي للمعادلة الصعبة بين الأصالة والمعاصرة في عصر امتلأت ساحته بالمتشددين والمغالين.. وعلي مدي 15 عاما عرفته كوزير للأوقاف أستطيع أن أحدد سماته الشخصية بكل صدق: هو رجل زاهد في المقام الأول،لايبهره المال، ولا تحركه المناصب، عفيف النفس واللسان، نزيه إلي أقصي درجة فقد كان يتبرع بعائد مؤلفاته عندما تطبع بالمجلس الأعلي للشئون الإسلامية، حريص علي المال العام، يكره الفاسدين، ويحارب الأفاقين، ويخرس المنافقين. وكانت هذه النزاهة وساما علي صدره تضاف لجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، ونوط الاستحقاق الأعظم من جمهورية ألمانيا الاتحادية، والعديد من الأوسمة وشهادات التقدير والجوائز العالمية من كل الدنيا.. ولا ينكر أحد جهوده لتصحيح صورة الإسلام في أوروبا من خلال مشاركاته الفعالة في الحوار الإسلامي والمسيحي، وهو بالمناسبة يحظي بشهرة في أوروبا قد تعادل شهرته في العالم الإسلامي، وقد حصل علي الدكتوراه في الفلسفة من جامعة »ميونيخ« وكان موضوعها (فلسفة الغزالي ومقارنتها بفلسفة »ديكارت«) خاصة بعد أن نشر أكثر من ثلاثين كتابا في الفلسفة والأخلاق والدراسات الاستشراقية والفكر الإسلامي وترجمت للغات الألمانية والانجليزية والفرنسية.. وحتي الروسية والتركية والبوسنية!!!. إن الاحتفاء بالفكر الإسلامي الكبير الدكتور محمود حمدي زقزوق بعد تركه الأوقاف يجب أن يكون مضاعفا خاصة إذا تجاوز قدره من كرسي الوزارة إلي العالمية ، فقد تخطي المعروف من مصر إلي خارجها في مصاف أهل النخبة والصفوة والفلاسفة ولتكن المرحلة القادمة بداية انطلاقة جديدة للتحرر من أعباء المنصب المملة والتي طالما عاني منها ، ليتفرغ للتأليف والنشاط العلمي والثقافي الذي عشقه ونبغ فيه منذ نعومة أظافره، وليسجل لنا خبراته ومعارفه وسعة أفقه، ذخيرة فكرية متجددة يستفيد منها الجيل الحالي تحدد لهم معالم الطريق، كما استفاد من قبل تلاميذه وأصدقاؤه ومحبيه..