مجرد جولة صغيرة في مستشفيات القصر العيني وأحمد ماهر ومعهد ناصر تكتشف معها فورا حجم الضريبة الباهظة التي دفعها المصريون لتنجح ثورتهم .. فمائتان وخمس وثمانون شهيدا ليسوا وحدهم ، فهناك أكثر من 2685 شخصا أصيبوا خلال الثورة 60٪ منهم أصيبوا بعاهات مستديمة مابين فقد عين أو بتر ساق أو موت للأعصاب .. ضريبة كبيرة دفعها شباب وشيوخ تساقطوا أمام رصاصات الغدر التي انطلقت لتخرس ألسنتهم المنادية بالتغيير وتصيبهم بعاهات مستديمة، يطلقون معها صرخة ألم بعد أن أصبحوا غير قادرين علي العمل مرة أخري نتيجه إصاباتهم المزمنة، مطالبين الدكتور أحمد شفيق رئيس الوزراء بتوفير أعمال تناسبهم ومساواتهم بتعويضات الشهداء وتوفير معاش لغير القادرين منهم علي العمل. أيمن حنفي بكالوريوس تجارة ويعمل حرا متزوج ولديه ثلاثة أولاد ، يروي لحظات الثورة منذ إصابته حتي اليوم، قائلاً: مساء يوم الجمعة 28 فبراير أثناء توجهي إلي ميدان التحرير مع أحد أصدقائي ضمن مجموعة كبيرة من الشباب ونهتف جميعا »سلمية سلمية« لنحمي بلدنا من التخريب، حتي وصلنا أمام وزارة الخارجية من ناحية النيل ففوجئنا بعدد من البلطجية يهاجمون مسيرتنا وضربونا بالعصي إلا أن جموع المتظاهرين صمدت حتي انسحب البلطجية. وأثناء ذلك بعد مغادرة المعتدين علينا للمكان فوجئنا بسيارة أمن مركزي بها أحد الضباط يمسك بيده رشاشاً يطلق منه الرصاص الحي علي المارة والمتظاهرين في الشارع وجراء ذلك أصبت في جنبي الأيسر لأسقط علي الأرض. وأضاف أيمن وهو يتألم: تم نقلي في سيارة ملاكي إلي معهد ناصر، وهناك تم عمل أشعة مقطعية وسونار، إلا أن طبيب الجراحة العامة طمأنني في البدايه ثم كلف الممرضة بإعطائي مسكنا لأكتشف بعد ذلك أن الطبيب أراد ألا يفزعني بالحقيقة وأن هذه الرصاصة لايمكن إخراجها من جسدي لخطورة ذلك علي حياتي . وطالب بتوفير معاش استثنائي لمصابي الثورة أسوة بالشهداء خاصة أن هناك عددا كبيرا أصيب بعاهات مستديمة وغير قادرين علي العمل مرة أخري. أما الطفل صابر ابراهيم الذي يرقد في القصر العيني دون حراك فيقول والده: ابني لم يسر في مظاهرات حتي يتم إصابته ولكنه يوم 26 يناير خرج ليشتري طلبات من أسفل البيت فتلقي رصاصات من ضابط داخل قسم أبوالنمرس كان يطلق رصاصات في الهوا فأصيب ابني بطلق مطاطي في الرقبة نتج عنها خرم في المريء وشلل في الذراع الأيمن وتم نقله إلي مستشفي أم المصريين وحجزه عشرة أيام ، خلال العشرة أيام كنت أتحمل تكاليف كل شيء من حقن والتي تصل ثمنها إلي 180جنيها للواحدة و8 أكياس دم يتكلف الواحد منها 280 جنيها وبعد مرور عشرة أيام تم نقله إلي مستشفي القصر العيني لإجراء العملية الثانية وعلي الرغم من إجراء أخري ثالثة إلا أنه لم يتحسن وكل يوم بيضيع مني . رأفت محمد 30سنة والذي كان يعمل في أحد محلات بيع قطع غيار السيارات بوسط البلد طالب بمحاسبة جهاز الشرطة الوحشي بأكمله بعد أن ضيعوا مستقبله فقد أصيب ب 8 رصاصات مطاطي وحي تم إزالتها ماعدا رصاصتين سوف يعيش بهما واحدة في الرئة اليسري أما الرصاصة الأخري فكانت في الحجاب الحاجز فضلا عن أنه أجري عملية لإزالة الطحال وعملية أخري ترقيع المعدة. وطالب بمحاسبة كل من قام بالاعتداء علي المتظاهرين وإعدامهم في ميدان عام جزاء علي مافعلوه بالشعب المصري ومحاولاتهم الفاشلة لكبح جماح الثورة. تقاريرمصابي الثورة في مستشفي القصر العيني القديم تؤكد أن 144 حالة قد فقدت أبصارها بإحدي العينين إثر إصابتهم برصاص من ضباط الشرطه أثناء المظاهرات بينما الوحيد الذي فقد بصره بالكامل هو مواطن من بورسعيد يدعي أحمد فوزي زكريا "25سنة" وكان يعمل سائقا فقد عينيه الاثنتين إثر إصابته برصاص أثناء دفاعه عن مرضي مستشفي الزهور ببورسعيد حين اقتحم بعض البلطجية المستشفي لإيذاء مريض بها فتصدي لهم وأصيب برصاص في عينيه الاثنتين أدت إلي انفجار بهما وفقد بصره مدي الحياة فضلا عن أنه يحتاج إلي عملية لإزالة الأجسام الغريبة بداخل العين بالإضافة إلي70 شخصا أصيبوا بإعاقة في الساق و الذراع. أما عبد الرحمن حمدي الذي أصيب في رأسه بضربة عصي غليظة من أحد البلطجية تسببت بكسر مضاعف في عظام جمجمته وشلل في يده اليمني ولم يستطع الحديث معنا، تقول زوجته إنه خرج في المظاهرات يوم 28 يناير ووصل إلي ميدان التحرير ليتصادم مع أحد البلطجية وهو يدافع عن إحدي الفتيات ليتلقي علي إثر ذلك ضربة في رأسه أفقدته الوعي وخرجنا في اليوم التالي نبحث عنه بين المصابين لنجده في حالة غيبوبة بمستشفي معهد ناصر. وأضافت أن أسرتها المكونة من 5 أفراد فقدت عائلها الوحيد بعد إصابة الزوج ولاتدري ماذا يحمل لهم المستقبل المجهول وكيف سيواصلون حياتهم خاصة أن الزوج كان يعمل باليومية في أعمال المعمار وأصبح غير قادر علي هذا العمل مرة أخري . ويري أن عزاءها الوحيد في إصابة زوجها هو نجاح الثورة وحصول الشعب علي حريته من نظام فاسد جثم علي قلبه أكثر من30 عاما. وطالبت رئيس الوزراء بالنظر إلي حقوق المصابين وتوفير أعمال تناسبهم بعد أن فقدنا أعمالنا ولم نعد قادرين علي الاستمرار فيها نتيجة إصاباتنا المزمنة فالتعويض المادي لايكفي للاستمرار في حياتنا.