د. على عبدالعال منصب رئيس البرلمان - الذي يتولاه حاليا الدكتور علي عبد العال - مهم لأنه الرجل الثاني في الدولة، ويحل محل رئيس الجمهورية في حالة خلو منصب الأخير، ورغم تلك الأهمية خلت دساتير مصر (ومن بينها دستور 2014 الحالي) من الإشارة إلي كيفية اختيار رئيس البرلمان حال خلو المنصب بالعجز أو الاستقالة أو الوفاة، كما فات علي اللوائح الداخلية المتعاقبة للبرلمان ومن بينها اللائحة الحالية للمجلس - والمنتظر تغييرها اتساقا مع الدستور - من أي إشارة إلي آلية اختيار رئيس المجلس. اللائحة الداخلية المعمول بها حالياً لا يوجد بها مادة تهتم بحالات خلو منصب رئيس مجلس النواب في حالات الوفاة أو العجز التام أو الاستقالة أو إذا كان هناك مانع مؤقت يحول دون ممارسة مهام عمله، ومن المعروف أن هناك وكيلين للبرلمان وهما لهما الحق في إدارة جلسات المجلس إذا طلب منهم رئيس المجلس، لكن لا توجد نصوص صريحة في حالة خلو منصب رئيس مجلس النواب، ولا يوجد مواد لائحية تنظم عملية اختيار رئيس للمجلس في حالة خلو منصبه أثناء انعقاد المجلس، أي خلال الفصل التشريعي خاصة أن رئيس المجلس الآن أصبح رئيسا لمده 5 سنوات متواصلة حسب دستور 2014، علي عكس ما كان يحدث من قبل، فكانت مده رئيس المجلس دور انعقاد واحدا ويُنتخب رئيس المجلس والوكيلان كل عام في بداية كل دور انعقاد أي كل عام. "آخرساعة" طرحت تساؤلاً مهماً: لماذا لا يلجأ المشرِّع أو مجلس النواب للنظر في حالات خلو منصب رئيس البرلمان؟ هل لأن السلطة التشريعية هنا مجلس النواب وبالتالي فهو يعتبرها "فال سيئ علي رئيسه". الدستور جعل من رئيس البرلمان الرجل الثاني في الدولة ومن الممكن أن يبقي الرجل الأول ففي دستور 1971 المادة (84) تنص علي أنه في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل يتولي الرئاسة مؤقتا رئيس مجلس الشعب، وإذا كان المجلس منحلا حل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا، وذلك بشرط ألا يُرشح أيهما للرئاسة. ويعلن مجلس الشعب خلو منصب رئيس الجمهورية. ويتم اختيار رئيس الجمهورية خلال مدة لا تجاوز ستين يوما من تاريخ خلو منصب الرئاسة. أما الماده (160) من الدستور الحالي فنصت علي أنه "إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته، حل محله رئيس مجلس الوزراء. وعند خلو منصب رئيس الجمهورية للاستقالة، أو الوفاة، أو العجز الدائم عن العمل، يعلن مجلس النواب خلو المنصب. ويكون إعلان خلو المنصب بأغلبية ثلثي الأعضاء علي الأقل، إذا كان ذلك لأي سبب آخر. ويخطر مجلس النواب الهيئة الوطنية للانتخابات، ويباشر رئيس مجلس النواب مؤقتًا سلطات رئيس الجمهورية. وإذا كان مجلس النواب غير قائم، تحل الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا ورئيسها، محل المجلس ورئيسه، فيما تقدم. وفي جميع الأحوال، يجب أن يُنتخب الرئيس الجديد في مدة لا تجاوز تسعين يومًا من تاريخ خلو المنصب، وتبدأ مدة الرئاسة في هذه الحالة من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب. ولا يجوز لرئيس الجمهورية المؤقت أن يترشح لهذا المنصب، ولا أن يطلب تعديل الدستور، ولا أن يحل مجلس النواب، ولا أن يقيل الحكومة". وبالتالي فإن رئيس البرلمان منصب مهم ومن الممكن أن يحل محل رئيس الجمهورية إذا تطلب الأمر. وهناك حالة واحده تاريخياً لخلو منصب رئيس مجلس الشعب، عندما تم اغتيال الدكتور رفعت المحجوب في 12 أكتوبر 1990 لكن يشاء القدر أن هذا المجلس قد أوقف جلساته الرئيس الأسبق حسني مبارك في 26 سبتمبر 1990 أي قبل وفاة المحجوب ب16 يوما نظرا لإصدار الدستورية العليا حكما بحله قبل هذا الموعد ب 4 أشهر. واستخدم مبارك صلاحياته في دستور 1971 المعمول به آنذاك، ودعا الشعب للاستفتاء علي حل مجلس الشعب في 11 أكتوبر 1990 بقرار سياسي منه وليس تنفيذاً لحكم المحكمة أي قبل اغتيال المحجوب ب 24 ساعة، وبالتالي فإن رئيس مجلس الشعب الأسبق الدكتور رفعت المحجوب مات أثناء توقف جلسات المجلس وبعد الاستفتاء علي حل المجلس ب 24 ساعة. من ناحية أخري مرت اللائحة الداخلية للبرلمان بمراحل تطور مهمة عبر تاريخ العمل النيابي وشهد البرلمان المصري 14 لائحة برلمانية داخلية بدءًا من اللائحة الداخلية لمجلس الشيوخ عام 1924 وانتهاء باللائحة الداخلية لمجلس الشعب (مجلس النواب حاليا) الصادرة عام 1979 التي ما يزال العمل بها قائما حتي الآن مع انتظار تعديلها أو تقديم لائحة جديدة تتوافق مع مواد دستور 2014. اللائحة الداخلية القديمة التي يتم العمل ببعض نصوصها الآن يوجد بها المادة (8) التي تنص علي :لرئيس المجلس أن يفوِّض أحد الوكيلين أو كليهما في بعض اختصاصاته ، وله أن ينيب أحد الوكيلين لرئاسة بعض جلسات المجلس. وإذا غاب الرئيس تولي رئاسة الجلسات أحد الوكيلين بالتناوب، وفي حالة غيابهما معا عن إحدي الجلسات بعد افتتاحها، يتولي رئاستها أكبر الأعضاء الحاضرين سنا. وتكون لرئيس الجلسة الاختصاصات المقررة في هذه اللائحة لرئيس المجلس في إدارة الجلسة، وبالتالي لم يتم تحديد موعد لإجراء انتخابات، وبالتالي فإن هذه الماده لم تتحدث عن الوفاة أو الاستقالة أو العجز التام مثلما تم التعامل مع رئيس الجمهورية، ولم يتم تحديد موعد لإجراء انتخابات رئيس للمجلس حال خلو منصبه. وتحدثت المادة عن تولي الوكيلين بالتناوب رئاسة الجلسات في حالة غياب رئيس المجلس وكلمة "غاب" هنا كما فسرها قانونيون من الممكن أن تعني سفر أو مرض أو وفاة. وفي سابقة هي الأولي من نوعها فإنه وفقا لنصوص الدستور الحالي 2014 في مادته (118) التي تنص علي أن "يضع مجلس النواب لائحته الداخلية لتنظيم العمل فيه، وكيفية ممارسته لاختصاصاته، والمحافظة علي النظام داخله، وتصدر بقانون"، فإن اللائحة المنظمة لعمل مجلس النواب المزمع إعدادها ستخضع للرقابة اللاحقة للمحكمة الدستورية، في سابقة هي الأولي من نوعها منذ نشأة المجلس التشريعي في مصر، حيث أكد قانونيون أن إدراج لجنة الخمسين لوضع الدستور النص الخاص باللائحة الداخلية لمجلس النواب، ملحقة بأن تصدر بقانون يترتب عليه معاملة اللائحة الداخلية معاملة أي قانون صادر من المجلس، وعليه فإنها تخضع للرقابة اللاحقة.