فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا، فذلك الجند خير أجناد الأرض، لأنهم في رباط إلي يوم القيامة"، هكذا ذكر رسولنا الكريم ([)، جنود جيش مصر العظيم، الذي يحاول الآن بعض الخونة والمتآمرين علي مصر، وهؤلاء الذين ينفذون أجندات خارجية، تشويه صورته، والتقليل من حجم إنجازاته، ووصل بهم الأمر للتشكيك في أصل هذا الحديث. الدكتور عبدالفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، قال إن مصر ذكرت في القرآن الكريم أكثر من 25 مرة لكن لفظ مصر المسمي من هذه الأحرف ذكر في القرآن 6 مرات، مضيفاً أن ما ورد في القرآن وخاصة في سورة يوسف وسورة البقرة من لفظ الأرض فإنما يراد بها مصر، وفي ذلك قول الله تعالي علي لسان يوسف عليه السلام حين قال لعزيز مصر "اجعلني علي خزائن الأرض" فالمقصود بالأرض هنا مصر، وحين قال الله سبحانه وتعالي لبني إسرائيل أدخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم" فالمراد بها مصر، والآيات التي ورد فيها لفظ الأرض في القرآن الكريم مثل "وكذلك مكنا ليوسف في الأرض"، كان يوسف عليه السلام في مصر. ويؤكد إدريس، إن الأهم أن الله أعلي من شأن هذا البلد لدرجة ذكرها في القرآن أكثر من ذكر مكة بلد الله الحرام، وهذا يدل علي عظم شأنها، ويقول إن الله ذكر مصر بأنها ذات خير، وأن فيها نعما كثيرة حين قال الله تعالي لبني إسرائيل "أهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم"، ولفظ ما تدل علي جميع النعم التي كان بنو إسرائيل يتمنون نيلها، لذلك قال الله أهبطوا مصرا باعتبارها البلد الذي يمتلئ بالخيرات التي يبتغيها بنو إسرائيل إلي غير ذلك من مظاهر الحياة والمدنية التي كانت تنعم بها مصر منذ فجر التاريخ. أضاف، لهذا فإن رسول الله([) أرسل إلي حاكمها رسولا يأمره باتباعه ولأن أهل مصر لهم دماثة خلق وسلوك طيب استقبل حاكم مصر مبعوث النبي محمد([) بالحفاوة التي تليق به، ثم لما أراد الرسول([) أن يرجع إلي المدينة حمله بالهدايا، ومن بين هذه الهدايا السيدة ماريا القبطية وأختها سيرين وطبيب، والتي كانت لها أعظم الأثر في نفس الرسول([)، وكانت ترد من مصر هدايا من الثياب يطلق عليها القباطي نسبة إلي القبط الذين يصنعونها وهم أهل مصر في ذلك الوقت، وكان له أثره الطيب علي النبي لذلك أوصي أصحابه قبل موته، وقال لهم "إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا منها جندا كثيفا، فإن جندها خير أجناد الأرض"، كما أوصي بأهل مصر فقال "استوصوا بأهل مصر خيرا، فإن لهم نسبا وصهرا"، كل هذا يدل علي حب رسول الله([) لمصر، وحب أصحابه لها، ولهذا فلما فتحوها كان لفتحهم أثر عظيم علي من آمن بالدعوة الإسلامية وعلي غير المسلمين الذين كانوا مضطهدين من الرومان والذين كانوا يخشون من ظلم أبناء دينهم في الأديرة والصحراء والكهوف، فلما فتح عمرو بن العاص مصر آمن الجميع وصار غير المسلمين يمارسون شعائر دينهم بدون خوف، وقد صدقت مقولة الرسول([) بالرغم من تشكيك المشككين في صحة الحديث، فإن جيش مصر هو أقوي الجيوش العربية والإسلامية وهو مصنف من أقوي عشرين جيشا في العالم. تابع "لهذا فإن الواقع يؤكد صدق هذا الحديث الذي قال فيه رسول الله([) عن جند مصر إنهم خير أجناد الأرض، وإنهم في رباط إلي يوم القيامة، وبالفعل فإن جيش مصر في رباط، أما جيوش العالم فتسرح وتفعل كما يحلو لها وتتمتع بأوقات فيها لهو ولعب وراحة واستجمام، إلا جند مصر فإنهم دائما رافعون درجة الاستعداد القصوي للقتال ليدافع عن حدود هذا البلد المستهدف ويرد كيد الكائدين عنه". من جانبه، قال الدكتور عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوي الأسبق بالأزهر، إن مصر هي البلد الوحيد الذي ذكر في القرآن الكريم بعد مكة بيت الله الحرام، ومصر محفوظة بحفظ الله لها، ولقد أوصي النبي ([) بأهل مصر فقال إن لهم نسباً وصهراً، وحين أرسل النبي([) إلي المقوقس عظيم مصر يدعوه للإسلام، كان المقوقس يحب الإسلام ورسول الإسلام، ولكنه خشي أن يغير عليه ويأخذ دولته، فأرسل المقوقس له هدية هذه الهدية منها حرير وياقوت ومرجان وأشياء كثيرة، وأيضا فيها طبيب حاذق فاهم، ومعها ماريا القبطية، فتزوجها النبي([) وأنجب منها إبراهيم من أجل ذلك قال فإن لهم نسبا وصهرا. أضاف، شعب مصر من الشعوب التي امتازت بالمروءة والشهامة، وجند مصر ماهو إلا فرد من أفراد هذا الشعب، وجيش مصر ماهو إلا من أفراد مصر فلا يوجد شاب استوفت فيه الشروط المطلوبة للجندية إلا وتم تجنيده، وبيّن النبي ([) أن أهل مصر في رباط إلي يوم القيامة، ومعني رباط أي جهاد ووقوف علي الحصون والحراسة، وما إلي ذلك، وإذا كان النبي([) بيّن أن جند مصر خير أجناد الأرض، فلا غرابة في ذلك لما يتمتع به الجندي المصري من كرم ومروءة وغيرة وأدب وأخلاق كل هذه الصفات تجعل وتبين أن المصري هو من أقوي الشباب وأقدر الرجال علي تحمل المسئولية فلا غرابة في ذلك وإن كان بعض المغرضين الذين يشككون في قدرة المصري بل وصل الأمر إلي التشكيك في ثوابت ديننا الحنيف وليعلم كل مصري أن مصر مستهدفة داخليا وخارجيا والمستهدف الداخلي ما هو إلا عميل للمستهدف الخارجي، ودبروا لمصر المكائد كلها ولعلنا نري ونشاهد أن مصر منذ وجودها تنهب وتسرق، وما زالت حتي الآن واقفة شامخة ضد أي معتد، وحفظ الله مصر بلد الأزهر راعية الإسلام وناشرة العلم في بقاع المعمورة. أيضا نشر موقع دار الإفتاء منذ أشهر قليلة بحثا حول الأحاديث الواردة في فضل الجيش المصري، حيث أكدت دار الإفتاء في بحثها صحة جميع الأحاديث الواردة عن النبي([)، مؤكدة أن تلك الأحاديث لم يطعن فيها بالإنكار أو التضعيف ولا عبرة بمن يردها أو يطعن فيها في هذه الأزمان هوًي أو جهلا. وجاء البحث نتيجة ورود سؤال إلي دار الإفتاء حول الأحاديث التي وردت في فضل الجيش المصري كان نصها: "برجاء التكرم بإفادتنا رسميًّا وكتابيًّا عن مدي صحة هذه الأحاديث الشريفة"، عن عمرو بن العاص رضي الله عنه: حدثني عمر رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله ([) يقول: «إذا فتح الله عليكم مصر بعدي فاتخذوا فيها جندًا كثيفًا؛ فذلك الجند خير أجناد الأرض» فقال له أبوبكر: ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: «لأنهم في رباط إلي يوم القيامة»، و"إذا فتح الله عليكم مصر استوصوا بأهلها خيرًا فإنه فيها خير جند الله"، و"إن جند مصر من خير أجناد الأرض لأنهم وأهلهم في رباط إلي يوم القيامة". وقالت دار الإفتاء، إن الأحاديث المذكورة في السؤال صحيحة المعاني عن النبي([) ولا طعن علي مضامينها بوجه من الوجوه، وقد وردت بأكثر ألفاظها خطبةُ عمرو بن العاص رضي الله عنه، وهي خطبة ثابتة مقبولة صحيحة بشواهدها، رواها أهل مصر وقبلوها، ولم يتسلط عليها بالإنكار أو التضعيف أحد يُنسَب إلي العلم في قديم الدهر أو حديثه، ولا عبرة بمن يردُّها أو يطعن فيها في هذه الأزمان هوًي أو جهلا. وأكدت أن مدار هذه الأحاديث المذكورة علي أن جند مصر هم خير أجناد الأرض؛ لأنهم في رباط إلي يوم القيامة، وعلي الوصية النبوية بأهلها؛ لأن لهم ذمة ورحمًا وصهرًا، وكلُّها معانٍ صحيحة ثابتة عن النبي ([)؛ تتابع علي ذكرها وإثباتها أئمة المسلمين ومحدثوهم ومؤرخوهم عبر القرون سلفًا وخلفًا، ولا يقدح في صحتها وثبوتها ضعفُ بعض أسانيدها؛ فإن في أحاديثها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر الذي احتج به العلماء، وقد اتفق المؤرخون علي إيراد هذه الأحاديث والاحتجاج بها في فضائل مصر من غير نكير. ويجمع هذه المعاني: ما رواه سيدُنا عمرو بن العاص رضي الله عنه من أحاديث مرفوعة عن النبي([) في خُطبته الشهيرة التي خطب بها أهلَ مصر المحروسة علي أعواد منبر مسجده العتيق بفسطاط مصر القديمة، وكان ذلك في نهاية فصل الشتاء وأول فصل الربيع حين يحتفل المصريون بما يُسَمَّي "شَمَّ النسيم" الموافق لأيام (حميم النصاري) أو "خميس العهد" عند المسيحيين؛ حيث كان يحض الناس في أواخر شهر مارس أو أوائل إبريل علي الخروج للربيع، وكان يخطب بذلك في كل سنة، وقد سمعها منه المصريون وحفظوها، وتداولوها جيلا بعد جيلٍ، ودونوها في كتبهم ومصنفاتهم، وصدَّروا بها فضائل بلدهم، وذكروا رواتَها في تواريخِ المصريين ورجالِهم كابرًا عن كابرٍ، وأطبقوا علي قبولها والاحتجاج بها في فضائل أهل مصر وجندها عبر القرون؛ لا ينكر ذلك منهم مُنكِرٌ، ولا يتسلط علي القدح فيها أحد يُنسَبُ إلي علمٍ بحديثٍ أو فقهٍ؛ بل عدُّوها من مآثر خُطَب سيدنا عمرو رضي الله عنه ونفيس حديثه، ولم يطعن فيها طاعن في قديم الدهر أو حديثه. وأضافت: "أسند عمرو بن العاص رضي الله عنه في هذه الخطبة الحديثَ المرفوع في وصية النبي ([) بأهل مصر خيرًا، عن عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله([)، يقول: "إِنَّ اللهَ سَيَفْتَحُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي مِصْرَ، فَاسْتَوْصُوا بِقِبْطِهَا خَيْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مِنْهُمْ صِهْرًا وَذِمَّة". وتابعت الدار: "أسند أيضًا الحديثَ المرفوع في فضل جند مصر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله([) يقول: "إذا فَتَحَ عَلَيْكُمْ مِصْرَ؛ فَاتَّخِذُوا فِيهَا جُنْدًا كَثِيفًا؛ فَذَلِكَ الْجُنْدُ خَيْرُ أَجْنَادِ الأَرْضِ"، فقال أبو بكر الصِّدِّيقُ رضي الله عنه: ولِمَ يا رسول الله؟ قال: "لأنَّهُمْ وَأَزْوَاجَهُمْ وأبناءَهم فِي رِبَاطٍ إلي يَوْمِ الْقِيَامَةِ".