لماذا عزف المصريون عن التصويت في الانتخابات البرلمانية، ولماذا لم يقبلوا علي اختيار من يمثلهم في مجلس النواب، وتساءل الناس: أين الحشود الغفيرة التي اصطفت في طوابير في الانتخابات الرئاسية، وعند الاستفتاء علي الدستور، أين الحشود التي نزلت في 30 يونيو، الإجابة ببساطة، الأمر مختلف، الحشود التي نزلت في 30 يونيو، أو في الانتخابات الرئاسية أو للدستور، نزلت لأمر واضح ومحدد، لتبدي رأيها فيه، وتحدد رغبتها بوضوح، أما الانتخابات البرلمانية فقد كانت ضبابية أمام الناخبين، والأسباب كثيرة ومعروفة لنا جميعا، منها أن نسبة كبيرة من الناخبين أميون في القراءة والكتابة، وفي السياسة، كما أن الأحزاب لم تقم بدورها في تعريف الناس ببرامجها وبمرشحيها، المرشحون أنفسهم لم يقوموا بدورهم في التعريف بأنفسهم، خاصة أن نسبة كبيرة منهم تنزل معترك الانتخابات لأول مرة، والناخبون لا يعرفون تاريخهم السياسي، وماذا يمكن أن يقدموه لو نجحوا في الانتخابات، ناهيك عن أن الناخب يختار المجهول، عكس الانتخابات الماضية، حيث كان الناخبون يفاضلون بين مرشحين كانوا أعضاء في البرلمان، ومنهم من يستحق إعادة انتخابه ومنهم من لا يستحق، ومن أسباب عزوف الناخبين، وهو السبب المهم من وجهة نظري، تقاعس وسائل الإعلام عن التعريف بالناخبين، خاصة أن كثيرا من البرامج التي تعج بها القنوات الفضائية، كانت في هذا التوقيت تتحدث كما يقولون في الفاضي والمليان، مدعية أنها تقوم بدورها ومهمتها في تنوير وتثقيف المشاهدين، وفاتها تعريف المواطنين والناخبين بالمرشحين، وكشف الأصلح منهم لدخول البرلمان، حتي يأتي اختيار أعضاء البرلمان الجديد اختيارا موفقا نواجه به ما يقابلنا من تحديات مهمة قومية مقدسة، ولكن هذه القنوات فضلت الدعاية المدفوعة والإعلانات، ناسية أن مصلحة الوطن لا تقدر بثمن، ما أريد أن أقوله إن عدم إقبال الناس علي صناديق الانتخابات هذه المرة لم يكن عزوفا، بل كان قمة الوعي من شعب قام بثورتين أذهل فيهما العالم، والكاتب الإنجليزي جورج أورويل «1903-1950» كان يقول إن الشعب الذي ينتخب الفاسدين والمحتالين واللصوص والخونة هو ليس شعبا ضحية بل هو شعب متواطئ، والشعب المصري عكس ذلك يعرف من يختار وعندما يقرر عدم الإقبال علي صناديق الاقتراع، فهو بذلك يعكس معدنه، بالاختيار الصحيح حتي ولو لم يختر.