لم تعد قضية اللاجئين الفلسطينيين التي تعتبر من أهم قضايا الوضع النهائي «نظرا لارتباطها بالنسبة الأكبر من الشعب الفلسطيني و78% من مساحة فلسطين التاريخية.. تواجه مخاطر فيما يتعلق بتصفية الأساس القانوني لها والمتمثل في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 بطرح مشاريع أمريكية إسرائيلية تتمحور حول توطين اللاجئين في الدول التي يقيمون فيها.. بل امتدت لتنعطف إلي منحني أكثر مأساوية بل ويهدد هؤلاء اللاجئين من توافر الحد الأدني من مقومات الحياة بعد أن اضطرتهم الأوضاع المضطربة في بعض البلدان العربية إلي اللجوء مرة ثانية وهروبهم من جحيم الصراعات المسلحة في هذه البلدان إلي دول أخري يواجهون فيها مأساة من نوع آخر. سوريا .. مأساة المخيمات والنزوح الجماعي في سوريا يعيش سكان مخيم اليرموك حياة لايتوفر فيها أي مقومات بعد أن تواصلت عمليات القصف من النظام السوري منذ عام 2012 وإعلانه أكثر من مرة كمنطقة منكوبة بعد أن ترافق الحصار مع انقطاع الكهرباء والاتصالات وعدم دخول المواد الغذائية وأصبح تجمعا من الخرائب والأبنية المتهدمة يعاني من بقي من سكانه العديد من الأمراض مع غياب أي مساعدة حقيقية فيما يخص الأدوية والأطعمة.. وبحسب آخر الإحصاءات فقد خرج 150 ألف فلسطيني من مخيم اليرموك وظلوا داخل سوريا نفسها بالإضافة إلي 60 ألف فلسطيني فروا من سوريا ولجأوا إلي لبنانوالأردن. ويعاني الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين النازحين من سوريا أزمات إنسانية وقانونية كبيرة خاصة في البلدان خارج مناطق عمل «الأونروا» مؤسسة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.. في مصر يوجد 6000 لاجئ فلسطيني فروا من سوريا كما يوجد مئات آخرون موزعون علي بلدان العالم. هؤلاء لا يتمتعون بأي تمثيل قانوني واضح لهم خاصة أنهم مسجلون لدي الأونروا التي بدورها تعتذر عن عدم تقديم أي مساعدة لهم بحجة تواجدهم خارج أقاليم عملها.. وبالتالي يجب أن يخضعوا لولاية المفوضية لكن هذا الأمر لم يتم وبدأت الجهتان تتقاذفان المسئولية.. وكانت حجة الأونروا أنهم يجب أن يطبق عليهم المادة 1 (د) من اتفاقية الأممالمتحدة المتعلقة باللاجئين لعام 1951 التي تنص علي أنه «لا تنطبق هذه الاتفاقية علي الأشخاص الذين يتمتعون حاليا بحماية أو مساعدة هيئات أو وكالات تابعة للأمم المتحدة غير مفوضية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين»، هذه المادة طبقت سابقا علي اللاجئين الفلسطينيين في العراق إلا أن المفوضية تمتنع عن تسجيلهم في مصر لأنها تعتبرهم مسجلين لدي جهة دولية أخري في سوريا وهي الأونروا.. وفي ظل هذه الضبابية في المواقف يعاني اللاجئون من أزمات متعددة خاصة فيما يتعلق بموضوع الإقامة. يذكر أن معظم اللاجئين الفلسطينيين الذين يقيمون في مصر لايحملون إقامات رسمية وذلك بسبب عدم إصدار إقامات لهم دون توضيح أسباب من الجهات المعنية. إضافة إلي موقف الحكومة المصرية التي منعت دخول اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا. الأردن .. لا حركة بدون كفيل كذلك يعاني اللاجئون الفلسطينيون في الأردن من عدة عقبات في إقامتهم خاصة مع قرار الحكومة الأردنية بعدم استقبال اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا علي أراضيها الأمر الذي اضطر العديد منهم في الجنوب السوري إلي ادعاء أنهم مواطنون سوريون حتي يتمكنوا من دخول الأردن مما أسفر عن وضع غير قانوني لنحو عشرة آلاف لاجئ فلسطيني سوري.. وهناك المئات من اللاجئين الفلسطينيين محتجزون داخل مجمع «سايبرسيتي» ولايسمح لهم بالخروج إلا ضمن كفالات ليوم أو يومين وفي ظل وجود كفيل أردني يلتزم أمام الدولة ويتحمل مسئولية إرجاع اللاجئ الفلسطيني إلي السكن.. وإن كانت خدمات الأونروا تقتصر علي تقديم المواد الغذائية والخدمات الصحية والتعليمية تظل العقبة الأكبر التي تواجه اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلي الأردن هي الإقامة القانونية فمعظمهم يتحرك دون غطاء قانوني وعلي أنهم لاجئون سوريون. لبنان .. الفلسطينيون ممنعون من العمل إلا أن الوضع في لبنان يظل أكثر صعوبة حيث تفرض قيود كبيرة علي قدرة الفلسطينيين علي العمل داخل الدولة اللبنانية، رغم أن هذه الفعالية هي من الحقوق التي يضمنها ميثاق الأممالمتحدة من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. ووفقا لإحصاءات «الأونروا» فلم يتم توظيف سوي نحو 53000 من قوة العمل الفلسطينية البالغ قوامها 120000 فلسطيني.. وفي الجنوب في «صيدا وصور» يعيش 81% من جميع اللاجئين في فقر مدقع حيث يوجد بها أكبر عدد من أفقر الفقراء الذين يشكلون نحو 30% من السكان الفلسطينيين ورغم أن العمال الفلسطينين يقيمون في لبنان منذ فترة طويلة إلا أنه يجري معاملتهم كأجانب ففي عام 1964 علي سبيل المثال وضعت وزارة العمل اللبنانية مرسوما وزاريا يقصر المهن في لبنان علي المواطنين اللبنانيين وقد حرمت تلك اللائحة الفلسطينيين من العمل في نحو سبعين وظيفة كما توجد مهن أخري مثل المحاماة والطب والهندسة التي استبعدت الفلسطينيين من خلال تنظيمها النقابي.. والأسوأ من ذلك كان يطلب من الفلسطينيين لسنوات عدة الحصول علي تصاريح عمل بتكلفة 1200 دولار. أما عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين فروا من سوريا إلي لبنان فقد قدرت الأونروا عددهم بنحو 49.5 ألف لاجئ.. كانت لبنان من الدول التي تسهل دخولهم قبل تشديد إجراءات دخولهم عبر الحدود اللبنانية السورية.. وبعد دخولهم إلي لبنان شكلوا تحديا للأونروا التي اقتصر دورها في بداية الأزمة علي الإحصاء وتقديم المساعدات الطبية والتعليمية لهم وبعد ضغط من مؤسسات أهلية لبنانية وسعت الأونروا من مساعداتها لتشمل المساعدات المالية. اللاجئون في أرقام يظهر آخر إحصاء لجهاز الإحصاء الفلسطيني حصلت عليه «آخر ساعة» من السفارة الفلسطينية بالقاهرة أن عدد الفلسطينيين في شتي أنحاء العالم قد تضاعف قرابة التسعة أضعاف منذ النكبة في عام 1948 حيث قدر عددهم في نهاية عام 2014 بحوالي 12.1 مليون نسمة.. يقدر عدد الفلسطينيين المقيمين حاليا في فلسطين التاريخية «مابين النهر والبحر» حوالي 6.1 مليون نسمة. أما نسبة اللاجئين الفلسطينين في دولة فلسطين فتبين أنها تشكل 43% من مجمل السكان الفلسطينيين المقيمين في فلسطين نهاية 2014.. كما بلغ عدد اللاجئين المسجلين لدي وكالة الغوث في الأول من يوليو عام 2014 حوالي 5.49 مليون لاجئ فلسطيني يعيش حوالي 29% منهم في 58 مخيما تتوزع بواقع عشرة مخيمات في الأردن وتسعة مخيمات في سوريا و12 مخيما في لبنان و19 مخيما في الضفة الغربية وثمانية مخيمات في قطاع غزة.