بإمكانناأن نبقي علي حياة والدينا المسنين تمضي داخل بيتنا في سلام، مثلما أوصانا الله تعالي بهما خيراً ولطفاً في المعاملة إن بلغا عندنا الكبر - أي في بيوتنا -، ولكي نضمن لهما الرعاية الصحية والنفسية وتلبية احتياجاتهما الأساسية بأفضل طريقة ممكنة علينا ملاحظة كل ما يطرأ عليهما من تغيرات في الوزن أو الذاكرة أو التركيز وقدرة الإمساك بالأشياء بثبات وتناول الطعام والدواء دون أن يسقط منهما، فنساعدهما بما يحفظ كرامتهما وخصوصيتهما بحب وتعاطف ولا ندعهما في دور رعاية المسنين غرباء خائفين. مهما كان إرهاقنا الجسدي علينا أن نجعل راحة الوالدين علي رأس أولوياتنا، فنضمن لهما المكانة المميزة داخل البيت ليشعرا بالراحة والسكينة في تحولات مرحلة الشيخوخة القاسية، وأن نرافقهما بحب وصبر ليطمئنا مع نهاية الرحلة التي سخروها لتربيتنا كي نجعلها مرحلة رائعة آمنة لهما خاصة إذا كان أحدهما مريضاً فلا يجوز أن يشعرا أنهما يشكلان عبئا علينا، ويجب أن ندرك أننا نتبادل الأدوار في الحياة فمن كانوا يرعوننا في الصغر جاء اليوم حق رعايتهم في الكبر. وقد تكون رعاية كبير السن المريض شاقة جسدياً ونفسياً، لكنها راحة للقلب ومصدر سعادة لا يوصف إذا تعاملنا معهما برفق ولين شديد وبهدوء نفسي سينعكس عليهما سكينة وإطمئناناً في مرحلة تزداد فيها حساسيتهما، وحتما سنجد استمتاعاً وراحة في الاقتراب من والدينا في ضعفهم أو مرضهم لنهتم بكل ما يخصهم لنلبي احتياجاً عجزوا عن طلبه حتي نصل إلي مرحلة إدراك ما يشعرون به. وأكثر ما يسعد الوالدين في شيخوختيهما مجرد اللمس الحنون منا فوق الجباه والأيدي، وتفاهم العيون بالحب والامتنان والجلوس إليهم والاستماع لهما حتي لو تحدثا بتكرار عن نفس الأشياء كل يوم وحتي لو كان كلامهما غير واضح، وبحب علينا الإيفاء باحتياجاتهم اليومية والشخصية وتقديمها بهدوء وتأن شديد كأننا نفعلها لأول مرة وبمتعة فيما يخص النظافة الشخصية والنظام الغذائي والأدوية. ومما يجعل معيشتهما مريحة خاصة لمن يعاني منهم مرضاً، تجهيز جانب من الغرفة الخاصة بهما بسرير طبي ومرتبة هوائية وهذه أهم رعاية وقائية لتفادي أمراض الفراش وتجهيز كرسي متحرك يسهل حركتهما داخل البيت في سهولة، ثم تأتي المتابعة الدقيقة في انتظام تناول الأدوية في موعدها، وتهوية الغرفة لأطول وقت ومراعاة خفض الأصوات المحيطة من تلفزيون أو راديو.. إلخ، وعدم التحدث معهما إلا في موضوع واحد وبجمل قصيرة حتي لا يحدث لهما تشويش وبصوت منخفض ودود، ويمكن الاستعانة بممرضة مدربة وهذا يجعل الرعاية المنزلية فعالة للغاية، لكي يعيش آباؤنا وأمهاتنا المسنون بشكل مريح وآمن ولكي نجعل من شيخوختيهما أجمل وأهدأ سنوات حياتهما، وقد يكون هذا الحب والتفهم شفاء لهما.