مشكلة الهجرة غير الشرعية من جنوب المتوسط إلي شماله، كانت عنواناً للندوة المجتمعية التي عقدت برعاية الدكتورة إقبال السمالوطي، رئيس جمعية حواء المستقبل، وأكدت خلالها السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الاتجار بالبشر، أن الحكومة المصرية بادرت منذ سنوات بالعمل الجاد علي إيجاد حل لهذه المشكلة، لاسيما أن مصر دولة مصدرة ومستقبله للمهاجرين، كما أنها دولة عبور لبعض المهاجرين الأفارقة الذين يعتبرون مصر دولة تزانزيت للعبور نحو شمال المتوسط أو للعبور من خلال سيناء إلي إسرائيل. وفي إطار حل هذه المشكلة، فإن اللجنة المعنية بمشكلة الهجرة غير الشرعية قامت بدراسات عملية وميدانية لهذه المشكلة من خلال مركز البحوث الاجتماعية والجنائية، كما تم توقيع بروتوكول تعاون من أجل حل مشكلة الأطفال غير المصحوبين بمقر مجلس الوزراء وإعداد قاعدة للبيانات تساعد في إيجاد الإحصائيات اللازمة لحل هذه المشكلة. السفيرة نائلة جبر، أكدت أن الحكومة المصرية في سعيها لحل هذه المشكلة لا تستطيع أن تعمل بمعزل عن منظمات المجتمع المدني التي يجب أن يكون لها دور كبير في هذا النطاق، مشيرة إلي أن اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير المشروعة قامت بإجراء تعديلات علي بعض التشريعات الوطنية لإيجاد بعض الحلول السريعة لمنع تفاقم هذه المشكلة والحد منها وتم إرسال هذه التعديلات إلي مجلس الوزراء الذي أرسلها بدوره إلي اللجنة التشريعية المنبثقة منه لدراستها والآمال منعقدة علي الانتهاء من هذه الدراسة في أقرب وقت ممكن. الدكتور أحمد أبوالعينين، وكيل قطاع حقوق الإنسان بوزارة العدل، قال إن مصر من الدول الموقعة علي اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة والبروتوكولات المنبثقة عنها بما في ذلك اتفاق باليرمو الخاص بالهجرة غير الشرعية الذي تم التصديق عليه أيضا ومن ثم فإن الجانب المصري عند صياغته لتشريع قانوني للحد من الهجرة الشرعية ملتزم بالعمل بما لايخل بالإطار العام لهذه الاتفاقية وبصفة خاصة اتفاق باليرمو وتطويع ذلك وفقا للظروف المصرية. وعن المراحل التحضيرية لاستصدار التشريع القانوني الخاص بمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية ومعاقبة المتسببين في تفاقمها، أوضح أن هيكل التشريع يضم 8 فصول حيث يتعلق الفصل الأول بالتعريفات والمحددات الدقيقة بالمشكلة من حيث توصيف من هو المهاجر غير الشرعي ومن هو المهرب وماهي المجموعات التي تمارس هذا العمل الإجرامي والتعريف بوسائل الدخول غير المشروعة مثل وثائق السفر ومستندات الهوية التي يستعين بها الشخص ويتم التلاعب فيها وتعريف مناطق إنفاذ القانون وتوحيد مثل هذه المصطلحات مع بروتوكول باليرمو وذلك لتسهيل حل هذه المسائل عندما يتم اللجوء للتعاون القضائي الدولي بما يسهل الأمور علينا في التخاطب مع الدول الأخري. أما الفصل الثاني من المشروع وعلي حد قول الدكتور أحمد أبو العينين فهو يتعلق بالجرائم والعقوبات من خلال تحديد نوعية هذه الجرائم والعقوبات المشددة لمرتكبيها والتي تطبق علي الأشخاص المهربين للمهاجرين غير الشرعيين والشروع فيها وقد سوي مشروع القانون الوطني المصري في العقوبة بين ارتكاب الجريمة الكاملة والشروع فيها وكذلك تغليظ العقوبة في بعض الظروف ولاسيما هؤلاء الذين يشوهون أوراق ومستندات الهوية أو يتسببون في موت الكثير من المهاجرين وهناك عقوبة مشددة واهتمام خاص بالنساء والأطفال وذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة والذين يتم استغلالهم في مثل هذه الجرائم حيث أوصي اتفاق باليرمو بزيادة الاهتمام بهذه النوعية من المهاجرين. كذلك اهتم التشريع بالإقرار بمسئولية الأشخاص الاعتبارية جنائيا ووضع التدابير المعنية لحماية المهاجرين المهربين والشهود بما يسمح للعدالة بأداء دورها في هذا السياق. كما يضمن التشريع كفالة المساعدة القانونية للمهاجرين المهربين أثناء التحقيق معهم ووضع آلية للإحالة تضمن إعادة الأطفال المصريين غير المصحوبين بأسرهم والذين يقدمون علي الهجرة غير الشرعية وإيجاد مصادر لتمويل برامج الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية أو تمويل عمليات الإعادة الطوعية للمهاجرين غير الشرعيين ويتناول مشروع القانون أيضا التدابير التحفظية علي الأموال. ويتعلق الفصل الثالث في مشروع القانون الوطني بالتعاون القضائي الدولي والخاص بتبادل المعلومات بين الدول بشأن الهجرة غير الشرعية وإجراءات استرداد الأموال وغيرها من الأمور المتعلقة بذلك. ويتضمن الفصل الرابع من مشروع القانون نطاق تطبيق القانون، بينما الفصل السادس هو فصل إجرائي ينص علي تشكيل اللجنة الوطنية التنسيقية واختصاصاتها وكياناتها ومواردها والتي تم تشكيلها لمكافحة الهجرة غير الشرعية عام 2014. والفصل السابع يتعلق بصندوق مكافحة الهجرة غير الشرعية وحماية المهاجرين والشهود وهذا يتطلب إيجاد تمويل وجزء من هذا التمويل سوف يتم من خلال حصيلة الغرامات ومصادرة أموال المهربين ومرتكبي جرائم الهجرة غير الشرعية بحث تؤول هذه الأموال للصندوق للصرف منها علي مكافحة الهجرة غير الشرعية وهذا لاينفي حاجة الصندوق لمزيد من التمويل من جهات أخري. أما الفصل الثامن فقد تم اقتباسه من بروتوكول باليرمو الذي يحمي المهاجر غير الشرعي بحيث لايصبح عرضة للملاحقة الدولية وأكد الدكتور أحمد أبو العينين أنه حتي مع موافقة ورضا المهاجر علي الهجرة فإن هذا الأمر لايعفي المسئول عن ذلك من المسئولية الجنائية. وقد حرص المشروع علي التنويه بأهمية المعالجة الاجتماعية من خلال آلية الإحالة وتحديد إجراءات كيفية استعادة الأطفال غير المصحوبين الذين ترسلهم أسرهم للخارج ولاترغب في استقبالهم لديها مرة أخري وهنا أعطي مشروع القانون للمجلس القومي للطفولة والأمومة صفة الوصاية القانونية علي هؤلاء من أجل استردادهم وحمايتهم من استغلال البعض لهم في الخارج من أعمال غير شرعية، ومن ثم يكون المجلس القومي للأموة والطفولة له دور الوصاية والرعاية لهم بعد عودتهم ويتولي بالنيابة عن أسرهم إعادة تأهيلهم.