السفيرة نائلة جبر فى حوارها ل «آخر ساعة» باتت الهجرة غيرالشرعية، ظاهرة دولية، يُعاني من آثارها السلبية المجتمع الدولي بأسره، ونتيجة لذلك حظيت تلك القضية، باهتمام مُتزايد من المنظمات الدولية، كالأممالمتحدة، في إطار مكافحتها للجرائم المنظمة الدولية، ففتحت صياغة الاتفاقيات الدولية التي تحث الدول المنضمة والموقعة عليها للعمل بجدية علي مكافحة تهريب البشر أو فيما يعرف بالهجرة غيرالشرعية.. اهتمام الحكومة المصرية بمكافحة هذه الظاهرة، يعود إلي أن مصر إحدي الدول التي تعاني من ظاهرة الهجرة غيرالشرعية بأبعادها الثلاث حيث إنها دولة مصدرة ومستقبلة ونقطة ترانزيت لهؤلاء المهاجرين غير الشرعيين، فجاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 380 لعام 2014 بشأن تشكيل اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والتي تشكلت بوزارة الخارجية برئاسة السفيرة نائلة جبر، بناء علي ترشيح من وزير الخارجية، وصدر قرار التعيين من رئيس مجلس الوزراء، وكان ل"آخرساعة" معها هذا الحوار.. كيف تشكلت اللجنة وما الهدف الرئيسي من إنشائها؟ - تأسست اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، والتي أشرف برئاستها وتولي أمانتها الفنية في مارس عام 2014 أي منذ ما يقرب من عام، وتضم في عضويتها ممثلين عن الوزارات والهيئات والجهات الآتية، وزارات الخارجية والدفاع والداخلية والعدل والقوي العاملة والهجرة والتضامن الاجتماعي والتنمية المحلية والتخطيط والتعاون الدولي والإعلام والشباب والرياضة وممثلين عن النيابة العامة والمخابرات العامة والهيئة العامة للاستعلامات والصندوق الاجتماعي للتنمية والمجلس القومي لحقوق الإنسان والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية واثنين من الخبراء يتم ترشيحهما من رئيس اللجنة، وقد تم إضافة المجلس القومي للأمومة والطفولة إلي اللجنة أيضا وتعقد اللجنة بكامل هيئتها اجتماعاتها كل شهرين وذلك بخلاف الاجتماعات المستمرة ل 7 مجموعات عمل فنية منبثقة عن اللجنة وأهمها مجموعة العمل القانونية وهي مجموعات للعمل المكثف. والهدف الرئيسي للجنة الوطنية هو العمل علي تنسيق السياسات والجهود الحكومية في مجال مكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، كما أنها تتولي التنسيق بين الجهات الحكومية الممثلة فيها وسائر الأطراف غير الحكومية وتعمل كمرجعية استشارية للسلطات والجهات والهيئات الوطنية في هذا المجال. ما حقيقة أن مصر تُعد إحدي أكثر الدول بمجال الاتجار بالبشر والتهجير غير الشرعي؟ - مصر مُنضمة لاتفاقية الأممالمتحدة الخاصة بالجريمة غير المنظمة، والبروتوكولين الإضافيين لها ويتعلق الأول بالاتجار بالبشر والبروتوكول الثاني يتعلق بتهريب المهاجرين أي الهجرة غير الشرعية واللجنة الوطنية التي أتولي رئاستها تعمل بجدية علي تنفيذ البروتوكول الثاني أي الخاص بالهجرة غير الشرعية. وأنا لا أتصور أن مصر من أكثر الدول تصديرا للمهاجرين غير الشرعيين وعلينا أيضا ونحن نتحدث في هذا المجال ألا ننسي بأننا أيضا جهة لاستقبال هؤلاء واللاجئين ولقد أشار الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤخرا إلي أنه لدينا خمسة ملايين لاجئ علي أرض مصر وذلك نتيجة للأوضاع المتوترة في المنطقة. ماذا عن مشكلة تحويل مصر لمنطلق للتسرب لدول أخري كإسرائيل وليبيا وغيرها؟ - بالفعل مصر ليست دولة تصدير أو استقبال لهؤلاء المهاجرين ولكنها أيضا ترانزيت إلا أن الأمر بالنسبة للبعد الأخير بدأ في الانتقاص في المرحلة الأخيرة فلقد انتهي الأمر علي سبيل المثال بالنسبة للأفارقة المتسللين عبر مصر إلي إسرائيل نتيجة أمرين أولهما أن إسرائيل لم تعد راغبة في هذه النوعية من العمالة الرخيصة خوفا من تأثير ذلك علي ديموجرافيتها السكانية وهي دولة عنصرية أولا وقبل كل شيء وذلك بخلاف التواجد الأمني المصري المكثف في سيناء حاليا لمكافحة الإرهاب.. وفيما يتعلق بالمتسللين من مصر إلي ليبيا فقد قلت أعدادهم للغاية بسبب الأوضاع المتدهورة هناك وكذلك الحال بالنسبة للمتسللين من جنوب مصر عبر البحر الأحمر نتيجة للتوتر في اليمن الآن. ما الإنجازات التي حققتها اللجنة علي مدار هذا العام؟ - لابد أن نشير إلي أن هناك ثلاثة أنشطة رئيسية للجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية الأول يتعلق بالجانب التشريعي والثاني بجانب التوعية والنشاط الثالث يتعلق بالجانب التوثيقي. وجميع العاملين في اللجنة في إطار هذه الجوانب الثلاث يقومون بعمل تطوعي دون أجر سواء من يتولون صياغة التشريعات أو وضع خطط التوعية أو من يقومون بالأعمال التوثيقية حيث يتولون القيام بهذه المهام بالإضافة إلي عملهم الأساسي وهذا جهد وطني مشكور لهم. وبالنسبة للجانب التشريعي فنحن لدينا مجموعة عمل قانونية أعضاؤها أخصائيون من وزارة العدل والنيابة العامة والقضاء العسكري والمخابرات العامة والأمن الوطني وقد قامت هذه المجموعة بدراسة التشريعات الوطنية المرتبطة بموضوع الهجرة غير الشرعية ووجدنا فجوة تشريعية خطيرة لأنه لا يوجد نص علي جريمة تهريب المهاجرين لأن عقاب من يهرب أو يوفر وسيلة النقل مشدد سوف يساعدنا علي السيطرة علي المشكلة برمتها. واللجنة قامت بتغليظ العقوبات علي من يتولي عملية تهريب المهاجرين أو يوفر لهم وسائل النقل وتم إقرار هذه العقوبة من اللجنة، وأرسلناها للجنة التعديلات التشريعية في مجلس الوزراء وأتمني أن يتم النظر فيها واعتمادها بأسرع ما يكون لأن ذلك سوف يكون له تأثير إيجابي علي الحد من الهجرة غير الشرعية للمصريين. وفيما يتعلق بالعمل التشريعي للجنة أيضا يتم حاليا إعداد أول تشريع وطني متكامل حول الهجرة غير الشرعية من حيث تعريف الجريمة ووضع العقوبات الرادعة لها ووضع الجوانب التنظيمية لهذه الظاهرة بكامل جوانبها. أما عن جانب التوعية فنحن اتصلنا بالقائمين علي إدارة العدالة ومع الدبلوماسيين وأكثر من مائة منظمة من منظمات المجتمع المدني للتوعية بمخاطر المشكلة وقمنا بزيارة العديد من المحافظات للتوعية بشأنها وذلك بالإضافة إلي الذهاب لاتحاد الإذاعة والتليفزيون والتوعية عن طريقهما بالإضافة إلي إدارة حلقات نقاشية وبحثية حول هذه القضية الهامة وذلك من خلال مجموعة عمل التوعية المنبثقة عن اللجنة الوطنية. وفيما يتعلق بالنشاط التوثيقي يتم إعداد أول دراسة ميدانية عن الهجرة غير الشرعية من شباب وقصر غير مصحوبين والتي يقوم بها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية وبالتعاون مع المجلس القومي للطفولة والأمومة والمجلس القومي لحقوق الإنسان ووزارة الشباب. هل هناك تعاون مع الدول المستقبلة للهجرة غير الشرعية من مصر أو غيرها من دول جنوب المتوسط وما مشكلة القصر غير المصحوبين وكيف يمكن معالجة مثل هذه المشاكل؟ - القوانين المشددة بشأن القائمين بصفة غير شرعية والمعمول بها في دول الخليج الآن قد حدت من هذه المسألة إلي حد كبير فيما يتعلق بالمهاجرين غير الشرعيين من مصر أو الدول الأخري، ومن ثم فإن التركيز الأكبر من هؤلاء المهاجرين يتجه إلي إيطاليا واليونان الذين يغادرون البلاد في قوارب متهالكة ويموت الكثير منهم في الطريق ومن يصل إلي هناك يتم ترحيله إلي البلاد مرة أخري.. وأتصور أن وزارة القوي العاملة والهجرة من خلال المكاتب العمالية الملحقة بالسفارات المصرية بالخارج بإمكانها التعرف ومن خلال العلاقات الثنائية مع هذه الدول علي فرص العمل المتوفرة لديهم ومن ثم العمل علي تدريب شبابنا ليصبحوا مؤهلين للعمل بسوق العمل في الخارج وبصفة شرعية دون التعرض للمخاطر. واكتشفنا العام الماضي أن القصر أو الأطفال غير المصحوبين والذين يهاجرون لدولة مثل إيطاليا بصفة غير شرعية عددهم يفوق بكثير أعداد الشباب وذلك بتعمد من أسرهم وأولياء أمورهم وذلك لأن قوانين الاتحاد الأوروبي تسمح للطفل غير المصحوب من أسرته بالإقامة في مأوي وتوفير الظروف المعيشية له طالما أن وليه الشرعي لم يعط موافقة صريحة علي عودته وهؤلاء أحيانا يتعرضون للموت في الطريق وأحيانا يهربون من المأوي وقد يتم استغلالهم في أعمال إجرامية ومنهم من يمكث حتي سن 18 عاما من أجل الحصول علي الجنسية وبكافة الأحوال فإن هذه كارثة إنسانية بكل أبعادها. وأود التأكيد علي أن مجموعة العمل القانونية في اللجنة في سباق مع الزمن للانتهاء من مسودة القانون المتكامل لمكافحة الهجرة غير الشرعية وقد تم الانتهاء من ستة فصول وما يتبقي شيء بسيط ثم تجري المراجعات النهائية خلال شهرين.. وأوضحت رئيسة اللجنة الوطنية ورئيسة الأمانة الفنية للجنة بأن التعديلات التشريعية التي يتم صياغتها حاليا تنظم أيضا بخلاف الهجرة غير الشرعية التعامل مع العمالة الأجنبية المتواجدة علي أرض مصر تصاحب العمل الذي يستعين بعمالة أجنبية دون عقد رسمي سوف توقع عليه عقوبة لأن التواجد بصفة غير رسمية لهذه العمالة يضر بالبلاد من الناحية الأمنية.